نصف أرمن قره باغ يغادرون وأذربيجان تعتقل رئيس حكومتهم السابق
تواصل أرمينيا استقبال عشرات الآلاف من الأرمن الذين يغادرون ناغورني قره باغ بعد بسط أذربيجان سيطرتها على المنطقة، في حين أعلنت السلطات الأذرية اعتقال الرئيس السابق لحكومة الإقليم أثناء محاولته العبور إلى أرمينيا.
وحسب أحدث إحصاء من جانب أرمينيا اليوم الأربعاء، فقد وصل أكثر من 50 ألف شخص من قره باغ إلى أراضيها خلال الأيام الماضية عقب انتهاء العملية العسكرية الخاطفة التي نفذتها أذربيجان في 19 سبتمبر/أيلول الجاري.
وفتحت أذربيجان الأحد الماضي الطريق الوحيد الذي يربط إقليم قره باغ -الذي يقع بالكامل داخل الأراضي الأذرية- بأرمينيا، بعد 4 أيام من استسلام الانفصاليين الأرمن والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أعلنت باكو بموجبه استعادة سيادتها على الإقليم الذي كان يقطنه قرابة 120 ألف نسمة، أغلبيتهم من الأرمن.
في غضون ذلك، أعلن أمن الحدود الأذري اليوم اعتقال القيادي في إدارة قره باغ الأرمينية الانفصالية روبن كارليني فاردانيان عند النقطة الحدودية في مقاطعة لاتشين أثناء محاولته المغادرة إلى أرمينيا.
وأضاف أمن الحدود في بيان أنه قام بتسليم فاردانيان إلى الجهات المختصة في العاصمة باكو.
وتداولت وسائل إعلام صور اعتقال فاردانيان على الطريق الواصل بين ستيباناكيرت عاصمة قره باغ وبلدة غوريس جنوبي أرمينيا.
وشغل فاردانيان منصب وزير دولة في الإدارة الانفصالية التي تعرف بجمهورية آرتساخ، وكان قبل ذلك رئيسا لها في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وفبراير/شباط 2023.
وقبل انتقاله إلى قره باغ خريف العام الماضي كان مشتغلا بالقطاع المصرفي في روسيا حيث صار مليارديرا.
وقال مصدر دبلوماسي في يريفان إن وزارة الخارجية الأرمينية ستحمي حقوق مواطنها بالطرق الدبلوماسية.
مراقبون دوليون
وبينما استقبل رئيس أذربيجان إلهام علييف وفدا أميركيا في باكو اليوم أعربت الخارجية الأميركية عن ترحيبها بما قالت إنها تصريحات من الجانب الأذري بشأن القبول بنشر مراقبين دوليين لمتابعة عمليات النزوح من قره باغ.
وقالت الخارجية الأميركية إنها ستعمل مع الحلفاء والشركاء في الأيام المقبلة لتنظيم بعثة مراقبة دولية في المنطقة.
من جانبه، تعهد الرئيس الأذري أثناء استقباله الوفد الأميركي بضمان حقوق السكان الأرمن في إقليم قره باغ في إطار قوانين بلاده والأعراف الدولية.
وضم الوفد الأميركي -الذي زار يريفان ثم باكو- رئيسة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا بارو ومساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية والأوراسية يوري كيمي وكبير مستشاري الخارجية الأميركية في إدارة مفاوضات القوقاز لويس بونونو.
ومع تواصل الحراك الدبلوماسي الغربي بين أذربيجان وأرمينيا بحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان تطورات الوضع في إقليم قره باغ ونزوح الأرمن منه، وفقا لما ذكره مكتب باشينيان.
من جهتها، طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أذربيجان بالسماح بدخول مراقبين دوليين إلى إقليم قره باغ.
وأعلنت بيربوك في الوقت نفسه زيادة المساعدات الإنسانية الألمانية إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر من مليونين إلى 5 ملايين دولار لدعم النازحين من قره باغ.
نصيحة روسية لأرمينيا
من ناحية أخرى، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القيادة في أرمينيا إلى تذكّر مصير الدول التي اعتمدت على الولايات المتحدة وأصبحت في وضع لا تحسد عليه، وفق تعبيره.
وقال لافروف -في مقابلة مع وكالة تاس الروسية- إنه "من الناحية التاريخية والجيوسياسية من المستحيل أن تفقد روسيا مصالحها في جنوب القوقاز أو يتم تجاهلها".
وتابع "بعض السياسيين في يريفان -ومنهم رئيس الوزراء نيكول باشينيان– يريدون أن تفقد أرمينيا علاقتها بروسيا وتجد أصدقاء جددا، نقول إذا اعتمدوا على الولايات المتحدة فربما ينفعهم أن ينظروا إلى التاريخ الحديث وكيف تعاملت الولايات المتحدة مع من احتوتهم تحت جناحيها".
وقالت الخارجية الروسية اليوم إن لافروف بحث هاتفيا مع نظيره الأذري جيهون بيراموف قضايا المساعدات الإنسانية وأمن الأرمن في قره باغ وسبل تنفيذ الاتفاقات بين باكو ويريفان وترسيم الحدود.
وخلفت المعارك الأخيرة في قره باغ 213 قتيلا من الانفصاليين الأرمن، فيما أعلنت باكو الأربعاء مقتل 192 من جنودها ومدني واحد خلال عمليتها العسكرية الخاطفة الأسبوع الماضي.
ولا يزال أكثر من 100 شخص في عداد المفقودين جراء انفجار مستودع للوقود في قره باغ مساء الاثنين في خضم النزوح الجماعي للأرمن، مما أدى إلى مقتل 68 شخصا على الأقل وإصابة 290 آخرين.
وكان رئيس الوزراء الأرميني أعلن الأسبوع الماضي أن بلاده -التي يبلغ عدد سكانها 2.9 مليون نسمة- تستعد لاستقبال 40 ألف لاجئ من قره باغ.
لكن الحكومة الأرمينية تمكنت حتى الآن من إيواء 2850 شخصا فقط، مما يشير إلى أزمة إنسانية.
وقال المحلل السياسي بوريس نافاسارديان لوكالة الصحافة الفرنسية إن أرمينيا "تفتقر إلى الموارد اللازمة لإدارة أزمة اللاجئين ولن تكون قادرة على القيام بذلك بدون مساعدة من الخارج".
ورأى نافاسارديان أن هذا الوضع سيجر "تداعيات خطيرة على الساحة السياسية" على خلفية "الاستياء العام".
وشهدت العاصمة يريفان في الأيام الماضية سلسلة مظاهرات ضد رئيس الوزراء المتهم بعدم التحرك في مواجهة أذربيجان.