أردوغان في أذربيجان ووفود أميركية وروسية في أرمينيا ونزوح متواصل من قره باغ

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف (يسار) كان في استقبال نظيره التركي رجب طيب أردوغان (الأناضول)

سيطرت الجهود الدبلوماسية على التطورات في إقليم ناغورني قره باغ، وشهدت عاصمتا أذربيجان وأرمينيا زيارات عديدة، في وقت يواصل فيه السكان الأرمن في الإقليم التدفق نحو الأراضي الأرمينية بعد أيام من استعادة أذربيجان السيادة على الإقليم إثر عملية عسكرية خاطفة.

وزار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أذربيجان، حيث أكد أن علاقات بلاده مع باكو في أعلى مستوياتها، وأن السلطات الأذربيجانية نفذت عملية ناجحة على ما وصفه بالإرهاب في قره باغ دون إيقاع خسائر في صفوف المدنيين.

وأضاف أردوغان أن "انتصار أذربيجان في قره باغ يعزز فرص تطبيع العلاقات في المنطقة"، داعيا أرمينيا لاغتنام فرصة الاستقرار والسلام في المنطقة.

من جانبه، قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إن بلاده أنهت عملية أمنية ناجحة في إقليم قره باغ، وحققت الأمن الكامل على حدودها.

وتعهد علييف بتوفير كل ما يحتاج إليه مواطنو الإقليم من غذاء ودواء، مشيرا إلى أن "شعبنا لن ينسى الدعم الكبير الذي قدمته تركيا وتأكيدها أن قره باغ أرض أذربيجانية".

وفود في أرمينيا

من جانب آخر، وصل وفد أميركي رفيع المستوى إلى العاصمة الأرمينية يريفان لبحث التطورات في إقليم قره باغ. ويضم الوفد يوري كيم نائبة وزير الخارجية الأميركي، ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامنثا باور.

إعلان

ونقل الوفد الأميركي رسالة من الرئيس جو بايدن إلى رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان أكد فيها دعم واشنطن "مساعي أرمينيا لتحقيق سيادتها ووحدة أراضيها"، مشددا على مواصلة تعزيز التعاون مع يريفان في مجالات الأمن والطاقة والقضايا الإنسانية.

وقالت باور إنها ستلتقي بالنازحين من أرمن قره باغ الذين عانوا من الأزمة الإنسانية في الإقليم، على حد تعبيرها.

كما وصل وزير الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسيف إلى العاصمة الأرمينية يريفان. وأفادت وسائل إعلام أرمينية بأن وزير الداخلية الروسي سيشارك في اجتماع موسع للجنة الأمنية المشتركة بين البلدين، التي تضم نظيره الأرميني فاغي كازاريان ومسؤولين آخرين في الوزارة.

وأعلن الكرملين رفضه ما سماها محاولة تحميل موسكو وقوات حفظ السلام الروسية مسؤولية الوضع في إقليم قره باغ.

وقال الكرملين إنه من غير الممكن الحديث حاليا عن مدة بقاء قوات حفظ السلام الروسية في قره باغ.

وأضاف أن روسيا ترفض سعي الدول التي ليس لديها إمكانية الوساطة في قره باغ لتأكيد وجودها في المنطقة.

وأوضح الكرملين أن أرمينيا تبقى حليفا لروسيا، لكن موسكو ترفض انتقادات يريفان لقوات حفظ السلام الروسية في قره باغ.

من جانبها، قالت وزارة الخارجية الروسية إن خطاب رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بشأن الاستقلال تضمن كلاما غير مقبول بشأن روسيا، وأشارت إلى أن باشنيان بتصريحاته المناهضة لموسكو يحاول التنصل من مسؤولية إخفاقاته في السياسات الداخلية والخارجية، وإلقاء اللوم على موسكو.

وأضافت الخارجية الروسية أن أرمينيا ترتكب خطأ فادحا بمحاولتها تدمير العلاقات مع موسكو، وجعل يريفان رهينة لألعاب الغرب الجيوسياسية.

وقالت إن ادعاء أرمينيا بأن روسيا تقف وراء الاحتجاجات لا علاقة له بالواقع. ولفتت إلى أن روسيا مستمرة في مساعدة السلطات الأرمينية في الأمن والاقتصاد والثقافة.

أذربيجان بسطت سيطرتها على قره باغ (الفرنسية)

انتقاد لفرنسا

وفي السياق، قالت أذربيجان إن ما وصفتها بمحاولات فرنسا تطبيق سياساتها الاستعمارية الجديدة في إقليم قره باغ وإبراز العامل الديني في القضية بين أذربيجان وأرمينيا، أمر خطير وغير مقبول.

إعلان

وقالت الخارجية الأذربيجانية، في رد على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخصوص قره باغ، إن العملية العسكرية التي نفذتها في قره باغ حق مشروع لأذربيجان وفق القانون الدولي.

وأضافت أن محاولة فرنسا إلقاء المحاضرات على أذربيجان في مجال حقوق الإنسان في الوقت الذي تجاهلت فيه باريس حقوق الإنسان في سياساتها الاستعمارية، غير مقبولة.

وختمت بالقول إن جهود فرنسا التي لا تخدم السلام وتزعزع استقرار الأوضاع في المنطقة، لن تسفر عن أي نتائج.

مفاوضات مع الأرمن

في غضون ذلك، عُقدت في مدينة خوجالي الأذربيجانية الجولة الثانية من المباحثات التي تجمع ممثلين عن الأرمن في إقليم قره باغ وممثلين عن الحكومة الأذربيجانية.

ووصفت الرئاسة الأذربيجانية -في بيان- الجولة الثانية من مفاوضات ممثلي الحكومة الأذربيجانية وممثلي أرمن قره باغ بأنها جرت في أجواء بناءة.

وأضاف البيان أنه تم التأكيد على ما جرى التوافق عليه في الجولة الأولى بخصوص توفير المساعدات الإنسانية وإمدادات الوقود للإقليم، كما تم التوافق على تنظيم اجتماع في عاصمة قره باغ لأعضاء مجموعة العمل التي شكلتها الرئاسة الأذربيجانية لحل القضايا الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية في الإقليم، وعلى أن يلتقوا بالممثلين الأرمن المعنيين العاملين في هذه الخدمات.

كما تم التوافق على إنشاء مستشفى ميداني بالقرب من عاصمة الإقليم، على أن يدار بشكل مشترك من قِبل فرق طبية أذربيجانية وأرمينية.

وأضاف أنه تم التأكيد على اقتراح تنظيم زيارات لممثلي المجتمع المدني الأرميني والناشطين الاجتماعيين الأرمن في قره باغ إلى باكو أو مدن أخرى في أذربيجان، كما تم الاتفاق على عقد جولة جديدة من المباحثات في أقرب وقت ممكن، بحسب البيان.

ونقل مراسل الجزيرة في قره باغ عن مصادر في الحكومة الأذربيجانية أن الاجتماعات تناولت قضية اندماج أرمن قره باغ في المجتمع الأذربيجاني وفقا لقوانين ودستور البلاد، إضافة إلى الإسراع في تنفيذ عملية تسليم السلاح وحل المجموعات المسلحة الأرمنية في الإقليم.

إعلان

وقال جهاز أمن الدولة في أذربيجان إن حقوق وحريات المواطنين الأرمن في أذربيجان الذين يسلمون أسلحتهم ويمتثلون لقوانين وتشريعات الدولة مكفولة بالكامل.

وحث الجهاز السكان الأرمن في قره باغ على الامتناع عما سماها الأفعال غير القانونية التي تهدد تنمية الإقليم مثل تدمير الممتلكات والوثائق.

تواصل النزوح

يأتي ذلك في وقت يواصل فيه أرمن الإقليم الخروج باتجاه الأراضي الأرمينية عقب الاتفاق الأخير بينهم وبين السلطات الأذربيجانية.

وارتفع عدد سكان قره باغ الذين عبروا ممر لاتشين إلى أرمينيا إلى نحو 7 آلاف خلال 24 ساعة، ويتوقع استمرار حركة النزوح الجماعي بالآلاف خلال الأيام القادمة في وقت يتهم فيه أرمن قره باغ وحكومة يريفان السلطات الأذربيجانية بانتهاج سياسة تطهير عرقي.

من جهتها، أفادت وكالة رويترز بأن العشرات من سكان ستيباناكيرت (أو خانكندي بالأذرية) -عاصمة إقليم قره باغ- يجمعون أمتعتهم ويستعدون لمغادرة المدينة على متن حافلات ووسائل نقل أخرى باتجاه أرمينيا.

وقالت قيادة الأرمن في الإقليم اليوم إن جميع الراغبين في المغادرة ستتاح لهم الفرصة، وأضافت أنه سيتم نقلهم بواسطة قوات حفظ السلام الروسية، مشيرة إلى اختناقات مرورية على الطرق المؤدية إلى الأراضي الأرمينية.

وكانت دفعة أولى من النازحين الأرمن وصلت أمس الأحد إلى أرمينيا عبر ممر لاتشين، ووفرت السلطات الأرمينية أماكن إيواء مؤقتة لهؤلاء النازحين في فنادق ومنشآت أخرى.

وقالت وزارة الداخلية الأذربيجانية أمس إنها ستوفر وسائل لنقل الانفصاليين الأرمن الذين وضعوا سلاحهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع يوم 20 سبتمبر/أيلول الجاري، وسيتم السماح لهم بالمرور من قره باغ إلى أرمينيا عبر ممر لاتشين.

المصدر : الجزيرة

إعلان