توقعات بإجلاء سكان درنة والصحة العالمية تتحدث عن أزمة إنسانية غير مسبوقة

أفاد مسؤول ليبي -الجمعة- باحتمال إجلاء السكان من مدينة درنة في حين تتواتر التحذيرات من انتشار الأوبئة فيها نتيجة تحلل جثث ضحايا السيول التي ضربت المدينة قبل نحو أسبوع، في وقت تحدثت فيه منظمة الصحة العالمية عن أزمة إنسانية غير مسبوقة جراء الفيضانات التي ضربت شرقي ليبيا.

فقد قال أحمد مْدورَد، نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة درنة، للجزيرة إن هناك توقعات بإمكانية إخلاء المدينة بشكل كلي أو جزئي تحسبا لانتشار الأوبئة بسبب الجثث التي بدأت في التحلل تحت الأنقاض.

وتوقع مدورد إخلاء حي الجبيلة وحي المغار وما تبقى من سكان وسط المدنية التي تعرضت لدمار واسع جراء السيول التي تسبب فيها انهيار سدين، وقال إن هناك دراسة تجري لتقييم الوضع.

وأكد المسؤول الليبي نزوح أعداد كبيرة من سكان الأحياء المنكوبة إلى مناطق باب طبرق وباب شيحا ومنطقة الفتائح والساحل الشرقي ومدن ومناطق أخرى.

وذكر نائب رئيس المجلس المحلي في درنة أن الكهرباء عادت إلى أغلب أحياء المدينة عدا منطقة وادي الناقة وحي مارينا، ولفت إلى تسجيل نقص في المواد الغذائية رغم المساعدات التي تصل تباعا.

وتشير بعض التقديرات إلى وفاة وفقدان نحو 15 ألفا ونزوح نحو 30 ألفا من السكان الذين كان يقدر عددهم بنحو 100 ألف حتى حلول الإعصار الذي ضرب المنطقة الشرقية الأحد الماضي.

وبينما تواصل فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية جهودها في البحث عن مفقودين وإخراج ِأحياء من وسط الركام أكد عثمان عبد الجليل وزير الصحة في الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي أنه تم دفن 3166 متوفى في مدينة درنة حتى الآن.

وفي وقت سابق الجمعة، قال المتحدث باسم جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية نسيم نائل للجزيرة إنه تم العثور على أكثر من ألف جثة على شواطئ المدينة، مشيرا إلى أن الجثث تنتشر في كل مكان بالمدينة.

وتحدثت مصادر طبية عن انتشال عالقين -بينهم طفلة- خلال عمليات البحث الجارية في الأحياء المنكوبة بدرنة.

وفي الإطار، قال المسؤول عن عمليات المساعدة لليبيا في الصليب الأحمر الدولي تامر رمضان إنه لا يزال هناك أمل في العثور على أحياء وسط العالقين في مدن الشرق الليبي.

وكان مسؤولون ليبيون تحدثوا أمس عن إنقاذ أكثر من 500 شخص ممن كانوا في عداد المفقودين بدرنة.

مناشدات للمساعدة

ومع تصاعد أعداد القتلى والمفقودين، ارتفعت وتيرة المناشدات من داخل درنة والمناطق الأخرى المتضررة من إعصار الأحد الماضي طلبا لمزيد من الآليات والمعدات وفرق الإنقاذ والخدمات.

وفي تصريحات للجزيرة، وصفت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية الوضع الراهن بأنه أزمة إنسانية غير مسبوقة في ليبيا.

وحذرت المتحدثة من أن هناك بعض الأوبئة التي يمكن أن تنتشر عبر مياه الشرب، مشيرة إلى أن أول عمل قامت به المنظمة هو إيصال أكياس لحفظ الجثث إلى ليبيا.

بدوره، قال متحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) للجزيرة إن انعدام المياه الصالحة للشرب يفاقم المشكلة في ليبيا.

من جانبه، أشار مراسل الجزيرة محمد البقالي إلى أن عدم توفر عدد كاف من الآليات والكلاب المدربة يزيد من صعوبة الوصول إلى ناجين محتملين تحت الأنقاض في درنة.

وقال إن هناك من يتحدث عن أن درنة فقدت نحو نصف عدد سكانها بين قتلى ومفقودين ونازحين.

وفي تصريحات للجزيرة، أفاد إسلام عزوز عضو الهيئة الليبية للإغاثة في درنة بارتفاع عدد ضحايا السيول في المدينة إلى 7700 قتيل و8 آلاف مفقود.

وقبل ذلك، قال وزير الطيران المدني في الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي هشام أبو شكيوات -للجزيرة- إن أكثر من 5 آلاف شخص قضوا جراء السيول حتى الآن.

وأشار أبو شكيوات إلى أن هناك نحو 25 ألف نازح بسبب الفيضانات التي ضربت عددا من مدن شرق ليبيا، خاصة درنة والبيضاء والمرج وسوسة.

كارثة صحية

في غضون ذلك، تتصاعد تحذيرات من حدوث كارثة صحية وبيئية في المناطق المنكوبة، وعلى وجه الخصوص مدينة درنة، إذ يحذر خبراء البيئة من انتشار الأمراض المعدية والأوبئة نتيجة تلوث مياه الشرب.

وقال مسؤول المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث إن ليبيا بحاجة إلى معدات للعثور على الأشخاص المحاصرين في الوحل والمباني المتضررة في درنة، مشددا على حاجة المدينة إلى رعاية صحية عاجلة لمنع تفشي الكوليرا بين الناجين.

وفي الإطار، قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية للجزيرة إن هناك بعض الأوبئة التي يمكن أن تنتشر عبر مياه الشرب.

وأشار مراسل الجزيرة إلى أن الكارثة الأخرى التي يخشى منها في مدينة درنة هي انتشار الأوبئة بسبب الجثث المتحللة.

وقال البقالي إن الاستجابة الدولية كانت محدودة حتى الآن رغم مسارعة عدد من الدول، وبينها قطر والجزائر ومصر وتونس، لإرسال فرق إنقاذ إلى شرق ليبيا.

وفي السياق، قال بشير عمر المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا للجزيرة إن حجم الكارثة في مناطق الإعصار كبير جدا، وإن هناك حاجة لدعم دولي، مشيرا إلى أن انقطاع بعض الطرق وخدمات الهاتف يعرقل جهود الإغاثة.

وفي حين تحدث المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا عن تسجيل 55 حالة تسمم بين الأطفال بسبب تلوث المياه في درنة، قال مستشفى المدينة للجزيرة إن الوضع الصحي لدرنة أصبح تحت السيطرة، موضحا أنه لم يتم استقبال أي إصابات ناتجة عن الأوبئة اليوم.

وأضاف مدير مستشفى درنة أن هناك حاجة ماسة لتوفير مساكن للنازحين من درنة الذين يقدر عددهم بين 30 و40 ألفا.

من جهته، قال المتحدث باسم الجيش في بنغازي أحمد المسماري إن الإعصار الذي ضرب منطقة الجبل الأخضر هو الأسوأ الذي تشهده ليبيا، وإنه جرف كل شيء أمامه، مشيرا إلى تأثر أكثر من مليون شخص بالسيول.

وأضاف المسماري أن كارثة السيول الحالية هي الأولى في تاريخ ليبيا من حيث شدتها وحجمها، مشيرا إلى أن الفيضانات غمرت آلاف البيوت.

ووفق جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق في منطقة الجبل الأخضر التابع لحكومة الوحدة الوطنية، فإن عدد المنازل المتضررة نتيجة السيول والانجرافات يقدر بنحو 5 آلاف منزل.

المصدر : الجزيرة + وكالات