كارثة سيول ليبيا.. عمليات انتشال الجثث مستمرة ومطالب بالتحقيق

مدينة درنة شهدت أفجع الخسائر وأشد الأضرار بعد العاصفة دانيال (الفرنسية)

وصل عدد القتلى جراء السيول التي تسببت بها العاصفة دانيال التي ضربت سواحل ليبيا، إلى 5300 مع وجود نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين، وفقا لمسؤول بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، في وقت طالب فيه رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بفتح تحقيق في كارثة انهيار سديْ درنة.

وقالت المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة -في تصريحات للجزيرة- إن أعداد الضحايا المعلنة في ليبيا أولية، وإن المنظمة الدولية تواصل تقييم الكارثة. وأضافت أنه كان من الممكن تفادي سقوط معظم القتلى بسبب فيضانات ليبيا من خلال إصدار إنذارات لإجلاء السكان.

وأفاد جيل كاربونيه نائب رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تصريحات للجزيرة، بمقتل 3 من عناصر الهلال الأحمر الليبي أثناء مساعدتهم المنكوبين.

في الأثناء، أعلن وكيل وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية سعد الدين عبد الوكيل أن فرق الإنقاذ المحلية والدولية تمكنت من إنقاذ 510 أشخاص من تحت الأنقاض في مدينة درنة، مشيرا إلى أن عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث لا تزال مستمرة وتحتاج إلى بعض الوقت نظرا لوجود آلاف المفقودين.

ولفت عبد الوكيل إلى أن هناك العديد من المناطق، بينها سوسة والمخيلي والوردية (شرق)، تحتاج لتدخل عاجل، لذا سيكون التركيز عليها في الساعات القادمة بإرسال الفرق الطبية والمساعدات وعناصر الإنقاذ.

من ناحية أخرى، أفاد مراسل الجزيرة بوصول وفد وزاري من حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة وزير الحكم المحلي ورئيس لجنة الطوارئ إلى شرق ليبيا، في طريقه إلى مدينة البيضاء، ومنها إلى مدينة درنة.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الليبية للجزيرة إن السيول جرفت عدة طرق تؤدي إلى مدينة درنة، مؤكدا أن ليبيا لم تواجه مثل هذه الكارثة منذ نحو 70 عاما.

وأضاف أن هناك ازدحاما على أبواب مدينة درنة بسبب كثرة المساعدات، والعمل جار لتسهيل مرور قوافل المساعدات إلى المدينة.

وأظهرت صور -بثتها قناة "الوطنية" الليبية على منصات التواصل الاجتماعي- كارثة حقيقية حلّت بمدينة درنة، حيث الشوارع مدمرة والأشجار مقتلعة والمباني مدمرة، والناس يرفعون الأغطية عن الجثث الملقاة على الرصيف لمحاولة التعرف إليها.

ولا يمكن الوصول إلى المدينة الآن إلا عبر مدخلين إلى الجنوب (من أصل 7 مداخل)، وقد انقطع عنها التيار الكهربائي على نطاق واسع، وتعطلت شبكة الاتصالات، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.

وقد نزح 3 آلاف شخص من البيضاء، وأكثر من ألفين من بنغازي ومدن أخرى تقع إلى الغرب.

دمار واسع

قال رئيس مصلحة الطرق والجسور الليبية حسين سويدان إن السيول التي تسببت بها العاصفة دانيال جرفت كل المباني السكنية المجاورة لوادي درنة، وإن 3 ملايين متر مربع هي المساحة المتضررة بشكل بالغ في مدينة درنة، في حين أن المساحة التي جرفتها السيول، أو شهدت انهيارات، بلغت نحو 900 ألف متر مربع.

وأضاف حسين أن طول شبكة الطرق المنهارة في درنة هو 30 كيلومترا، مع انهيار 5 جسور تربط بين شرقي المدينة وغربيها.

وتُظهر صور أقمار اصطناعية حجم الدمار الذي لحق بالمناطق السكنية في درنة، ويبدو واضحا انهيار كامل لأحد سديّ المدينة مقارنة مع حالته قبل الطوفان.

وفي هذا الإطار، أعلنت السلطات المحلية بمنطقة برسس شرق بنغازي البدء بعملية تفريغ جزئي لسد وادي جازة لتخفيف الضغط الناجم عن العاصفة دانيال.

من ناحية أخرى، حذّر عضو المجلس الأعلى للدولة عن مدينة درنة منصور الحصادي من أن هناك خطرا يتهدد باقي السكان بالمدينة بعد كارثة الفيضانات، وأنه لا بد من خطة لإجلائهم.

وذكر الحصادي -في تصريحات للجزيرة- أن نذر كارثة صحية وبيئية بدأت تظهر ببعض المناطق المنكوبة.

كما وجّه جهاز الإسعاف في ليبيا مناشدة لفرق الطوارئ للتوجه إلى مدينة سوسة شرقي البلاد لإنقاذ أكثر من ألف عائلة عالقة.

من جهته، ناشد عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي خليفة الدغاري مصر والجزائر إرسال فرق من الغواصين لانتشال الجثث المتناثرة على شواطئ المناطق المنكوبة، حسب قوله.

وشدد الدغاري -في تصريحات للجزيرة- على الحاجة الماسة لدعم المستشفيات في المناطق المنكوبة، مشيرا إلى نقص الأدوية بهذه المناطق.

تحقيق بانهيار سدي درنة

على صعيد آخر، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إنه طلب من النائب العام فتح تحقيق شامل في وقائع الفيضانات التي اجتاحت درنة، ومحاسبة كل من أخطأ أو أهمل بالامتناع، أو بالقيام بأفعال نجم عنها انهيار سدي المدينة.

وأكد المنفي -في منشور على منصة إكس- أن التحقيقات ستشمل كل من عطّل جهود الإغاثة الدولية، أو عرقل وصولها إلى المدن المنكوبة.

من جهته، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية إنه خاطب النائب العام لفتح تحقيق عاجل في ملابسات الواقعة، ووجّه الأجهزة المعنية بالتعاون الكامل في ذلك.

توالي المساعدات

على صعيد آخر، تتوالى المساعدات الدولية والعربية لمواجهة تداعيات المأساة الإنسانية بدرنة.

فقد سيّر الأردن ثاني طائراته إلى ليبيا وعلى متنها فريق بحث وإنقاذ دولي أردني يضم 88 عضوا من بينهم 5 أطباء من الخدمات الطبية الملكية، إضافة إلى مساعدات إغاثية لوجيستية وطبية.

ومن مصر أقلعت 3 طائرات نقل عسكرية إلى ليبيا محملة بكميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الخيام وفرق للبحث والإنقاذ، ومجموعات عمل من الهلال الأحمر.

كما يستكمل اليوم الجسر الجوي القطري لإيصال المساعدات إلى الشرق الليبي، حيث وصلت اليوم الطائرتان الثالثة والرابعة من قاعدة العديد إلى مطار بنينا الدولي في ليبيا وعلى متنهما 54 طنا من المساعدات الإنسانية والإغاثية.

وعلى الصعيد الدولي، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن أولى المساعدات للمناطق المنكوبة بليبيا وصلت الثلاثاء الماضي، كما قال وزير الصحة فخر الدين قوجه -أمس الأربعاء- إن أنقرة سترسل سفينة تحمل معدات لإقامة مستشفيين ميدانيين مع طاقم من 148 فردا.

وأعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إرسال فريق استجابة للكوارث إلى ليبيا، وتقديم مساعدة إنسانية بقيمة مليون دولار للتعامل مع كارثة الفيضانات.

كما أعلنت الحكومة البريطانية عن حزمة مساعدات أولية بقيمة مليون جنيه إسترليني (1.25 مليون دولار)، لتلبية الاحتياجات الفورية للمتضررين من الفيضانات بمدينة درنة.

وقالت حكومة الوحدة الوطنية في بيان إن 12 دولة أرسلت مساعدات عاجلة وفرق إغاثة لمواجهة الكارثة التي تشهدها ليبيا.

في الوقت نفسه، أعلن الدبيبة -عبر فيسبوك- أن باخرة تضم 700 غرفة في طريقها إلى ساحل درنة للإسهام في توفير السكن للنازحين وفرق الإنقاذ.

المصدر : الجزيرة + وكالات