اتفاق على وقف إطلاق النار بمخيم عين الحلوة.. وميقاتي يرفض استخدام لبنان ساحة لتصفية الحسابات

أعلنت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان بعد اجتماع ضم ممثلين عن كافة الفصائل الفلسطينية في مقر سفارة فلسطين ببيروت عن التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة.
وقال أمين سر حركة فتح في لبنان فتحي أبو العردات إن الاتفاق يقوم على سحب المسلحين، وتكليف لجنة تحقيق لكشف المتورطين في مقتل قائد الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا.
وكان مراسل الجزيرة قد أفاد في وقت سابق، اليوم الثلاثاء، بتجدد الاشتباكات في عدد من أحياء مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا بجنوب لبنان، وذلك بعد فترة هدوء أعقبت اتفاقا لوقف إطلاق النار.
وبينما رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي استخدام بلاده ساحة لتصفية الحسابات دعا الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله إلى وقف القتال بأي شكل في المخيم والاحتكام إلى القضاء، واصفا ما يجري هناك بأنه "مؤلم لأنه يمس الجميع وفيه تهجير وسفك دماء".
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميللر في إفادة صحفية اليوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تواصل متابعة التقارير "المقلقة" عن تصاعد العنف في مخيم للاجئين في لبنان.
وكان المخيم قد شهد اشتباكات عنيفة بين مجموعات إسلامية وقوات الأمن الوطني الفلسطيني التابعة لحركة فتح أسفرت عن مقتل 11 شخصا وإصابة أكثر من 60 آخرين منذ السبت الماضي.
كما تسببت الاشتباكات في انقطاع خدمات أساسية عن سكان المخيم -خصوصا الكهرباء- وتعذر إدخال المواد الغذائية والإغاثية بسبب نشاط القناصة.
وأظهرت صور حصلت عليها الجزيرة من داخل المخيم حجم الأضرار، ولا سيما في حيي حطين وبستان القدس بالمخيم.
وبحسب مصادر فلسطينية، فقد أدت الاشتباكات إلى ارتفاع عدد العائلات التي نزحت من المخيم الذي يعيش فيه حوالي 80 ألف لاجئ فلسطيني إلى نحو ألف عائلة.
وأضافت المصادر أن الاشتباكات أدت إلى تدمير بنى تحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي وطرقات واحتراق وتضرر نحو 700 منزل، إلى جانب أضرار بالممتلكات والمحال التجارية والمركبات.
وتوصلت فصائل وأحزاب فلسطينية ولبنانية بعد اجتماع في صيدا إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار وسحب المسلحين من شوارع المخيم.
كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني بمنطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي.
ودعا مفتي مدينة صيدا ومنطقتها في جنوبي لبنان سليم سوسان إلى وقف فوري لإطلاق النار في المخيم، كما دعا إلى الالتزام بما تم الاتفاق عليه بهذا الخصوص، وذلك خلال اجتماع موسع للمرجعيات السياسية والدينية اللبنانية في منطقة صيدا.
تصفية حسابات
في الأثناء، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إن هناك وقفا جديا لإطلاق النار في مخيم عين الحلوة، لكنه لفت إلى وجود جهات خارج الاتفاق ما فتئت تخرقه بشكل مستمر، حسب تعبيره.
وأكد ميقاتي خلال ترؤسه جلسة لحكومته رفضه استخدام الساحة اللبنانية لتصفية ما سماها حسابات خارجية على حساب بلاده، وأشار إلى أن الجيش اللبناني يقوم بواجبه لمعالجة الوضع في مخيم عين الحلوة، مؤكدا أن ما يجري مرفوض كونه يكرس المخيم كبؤرة خارجة عن سيطرة الدولة، وفق قوله.
من جهته، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعمه لإجراءات الحكومة والجيش في لبنان من أجل فرض النظام والقانون إثر الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين.
وشدد عباس في اتصال هاتفي مع رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل على أن الوجود الفلسطيني مؤقت إلى حين العودة للأراضي الفلسطينية، مؤكدا على دور لبنان في دعم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
مخطط للفتنة
وفي غزة، طالبت لجنة القوى الوطنية والإسلامية اليوم الثلاثاء بوقف فوري للاشتباكات الجارية منذ يومين في مخيم عين الحلوة، وأكدت خلال اعتصام في غزة على خطورة الاشتباكات الجارية باعتبارها "مخططا لإشعال الفتنة داخل المخيم ونشر الفوضى فيه وصولا لإنهاء الوجود الفلسطيني في مخيمات اللجوء".
ووجهت القوى "نداء عاجلا لجميع الأطراف المتصارعة لوقف نزيف الدم الفلسطيني في مخيم عين الحلوة عبر وقف الاشتباكات الدائرة فورا حقنا للدم الفلسطيني".
كما أكدت ضرورة "تحريم الاحتكام إلى السلاح عبر التوقيع على ميثاق وطني يضم جميع المكونات في المخيم، واعتماد لغة الحوار عند حل أي إشكالية مهما كانت، وتفويت الفرصة على جميع الجهات المشبوهة التي تقف خلف إثارة هذا الحادث".
ودعت لجنة القوى الوطنية والإسلامية إلى "محاسبة كل من يثبت تورطه في إيقاظ هذه الفتنة الملعونة، والتعاون مع السلطات اللبنانية في هذا الأمر لتقديم المتورطين للعدالة".
والاشتباكات بين مجموعات متنافسة أمر شائع في مخيم عين الحلوة الذي يؤوي أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني انضم إليهم في السنوات الأخيرة آلاف الفلسطينيين الفارين من النزاع في سوريا.
وبموجب اتفاق ضمني يعود إلى سنوات طويلة لا يدخل الجيش اللبناني المخيمات الفلسطينية تاركا مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم داخلها.
ويعد مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، ويحتمي متطرفون وفارون من العدالة فيه.
يشار إلى أن أكثر من 450 ألف فلسطيني مسجلون لدى الأونروا في لبنان، ويعيش معظمهم في 12 مخيما رسميا للاجئين، غالبا في ظروف بائسة ويواجهون قيودا قانونية.