الجيش السوداني ينفي شن غارة قتلت مدنيين في أم درمان و"إيغاد" تجتمع غدا لبحث الأزمة

نفى الجيش السوداني -اليوم الأحد- حديث قوات الدعم السريع عن شن الطيران الحربي للجيش غارات في أم درمان غربي الخرطوم نتج عنها قتلى ومصابون في صفوف المدنيين، في حين ستعقد منظمة الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا "إيغاد" (IGAD) غدا الاثنين اجتماعا لبحث الأزمة السودانية بحضور ممثلين عن الجيش والدعم السريع.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش إن ما صدر عن الدعم السريع بشأن شن الطيران الحربي لغارات في أم درمان أمس السبت أودت بحياة مدنيين يندرج ضمن "التضليل الإعلامي والكذب المستمر الذي تنتهجه المليشيا المتمردة، محاولة تغطية انتهاكاتها وجرائمها المتواصلة بحق المدنيين".
وأضاف الجيش أن قواته الجوية "لم تتعامل يوم أمس مع أي أهداف معادية في أم درمان"، وهي إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة السودانية، إلى جانب بحري والخرطوم.
وحسب بيان الناطق باسم الجيش، فإن قوات الدعم السريع درجت في أكثر من مرة "على قصف المناطق السكنية بالمدفعية والصواريخ، تزامنا مع تحليق طائراتنا، محاولة إلصاق تهمة استهداف القوات المسلحة للمواطنين زورا وبهتانا".
وقال مراسل الجزيرة في الخرطوم إن الجيش يوضح أنه ينفذ عمليات خاصة ضد قوات الدعم السريع في منطقة أم درمان.
وكان الدعم السريع أصدر -أمس السبت- بيانا قال فيه إن طائرات الجيش قتلت 31 مدنيا وأصابت العشرات في قصف على منطقة "مربع 22 دار السلام امبدة" غرب أم درمان، ووصف الدعم هذه الغارة الجوية بأنها "جريمة نكراء في حق الإنسانية".
اجتماع إيغاد
وتعقد اللجنة الرباعية الخاصة بالأزمة السودانية المكونة من إثيوبيا وجيبوتي وجنوب السودان وكينيا -غدا الاثنين- أول اجتماع لها على مستوى رؤساء الدول والحكومات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لبحث تطورات الأزمة السودانية.
وكشف مصدر دبلوماسي أفريقي للجزيرة عن مشاركة ممثلين عن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في هذا الاجتماع، بالإضافة إلى مولي فيي مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، وممثلين عن السعودية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومنظمة الإيغاد.
ورغم تعدد الوساطات من أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار في السودان، فإن بعض هذه الوساطات فشلت، ونجح بعضها الآخر في التوصل إلى هدنة مؤقتة بين طرفي القتال، ولا سيما المحادثات في مدينة جدة السعودية، حيث اتفق الطرفان يوم 11 مايو/أيار الماضي على هدنة إنسانية برعاية مشتركة من الرياض وواشنطن.
ويوم 12 يونيو/حزيران الماضي، شُكلت في قمة مجموعة الإيغاد بجيبوتي لجنة رباعية برئاسة كينيا وجنوب السودان وعضوية إثيوبيا والصومال، للبحث عن حل للأزمة السودانية.
لكنّ الحكومة السودانية -يوم 19 من الشهر نفسه- رفضت هذه المبادرة، واعترضت على ترؤسها من قبل كينيا، التي كانت وصفت الصراع في السودان بأنه قتال بين جنرالين، لا بين الجيش ومجموعة متمردة عليه، وفق قولها.
وخلال الساعات الماضية لم يصدر عن الحكومة السودانية ما يشير إلى تغيير في موقفها الرافض للمشاركة في اجتماع الرباعية، علما أن وفدا رفيع المستوى من قادة تحالف قوى الحرية والتغيير السودانية وصل إلى أديس أبابا لبحث المبادرات المطروحة لوقف الحرب في البلاد.
وقال وزير الخارجية السوداني علي الصادق إن أحد أهم أسباب اندلاع الصراع في بلاده هو رفض قيادة الدعم السريع دمج قواتها في الجيش، وأضاف أنه عندما أدركت قيادة الدعم أنه "لا مناص من تحقيق مبدأ الجيش الوطني الواحد، نفذت محاولة انقلابية لاستلام السلطة".
وبشأن موقف الحكومة السودانية من المبادرات الإقليمية المطروحة، قال الصادق إنها تؤيد مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية، ولكنه أشار إلى أن تحفظ السودان على رئاسة كينيا للجنة الرباعية لدول الإيغاد وموقفها غير المحايد حيال الأزمة.
وفي سياق متصل، قال مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إنه تطرق مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى علاقات البلدين، وإنه قدم للأخير شرحا مفصلا حول الأوضاع في السودان، وذكر عقار أن الرئيس أفورقي عبّر له بأن ما يجري في السودان هو شأن داخلي يخص السودانيين، وأن التدخلات الخارجية ستزيد الأمور تعقيدا، معربا عن استعداد إريتريا لتقديم الدعم للسودان إذا ما طلب منها ذلك.
وقال مراسل الجزيرة في الخرطوم إن نائب رئيس مجلس السيادة سيزور العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
عملية نوعية
وكان الجيش السوداني أعلن أنه نفذ عملية نوعية في أم درمان أسفرت عن مقتل 22 ممن وصفهم بالمتمردين (في إشارة للدعم السريع) وتدمير آليات قتالية.
وقالت وزارة الصحة في ولاية الخرطوم أمس السبت إن 22 شخصا -على الأقل- لقوا حتفهم وأصيب العشرات في قصف جوي نفذه الجيش على غرب أم درمان، مع دخول القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعه الـ12.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بضربة جوية "قيل إنها أسفرت عن مقتل 22 على الأقل في مدينة أم درمان السبت"، حسب بيان أصدره متحدث باسمه، وحذرت الأمم المتحدة اليوم الأحد من أن السودان بات على "حافة حرب أهلية شاملة" قد تزعزع استقرار المنطقة برمتها.
وأفاد مراسل الجزيرة بتحليق مستمر للطيران التابع للجيش صباح اليوم الأحد فوق الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، وهي المدن التي تشكل مجتمعة العاصمة السودانية.
وقد ردت الدفاعات الجوية التابعة لقوات الدعم السريع على تحليق الطائرات الحربية.
وليل أمس، وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم، سمع المراسل دوي انفجارات متتالية تصدر من جنوبي مدينة أم درمان.
وفي جنوبي العاصمة، قال مراسل الجزيرة إن اشتباكات بالأسلحة الثقيلة نشبت اليوم الأحد بين الجيش والدعم السريع في منطقة الكلاكلة.
ويتبادل الجيش والدعم السريع اتهامات ببدء القتال منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، وارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات.
ومع اقترابها من شهرها الرابع، خلّفت الاشتباكات أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وما يزيد على 2.8 مليون نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، حسب وزارة الصحة والأمم المتحدة.