رغم معارضة دول غربية.. مجلس حقوق الإنسان يقر مشروع قرار يدين حرق المصحف والإساءة للمقدسات الدينية

اعتمد مجلس حقوق الإنسان في جنيف مشروع قرار تقدمت به باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي لإدانة أعمال الكراهية الدينية مثل حرق المصحف رغم معارضة دول غربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
واعتبرت قطر أن حوادث حرق نسخ من القرآن الكريم تتعمد زرع الكراهية وخلق الفتن بين المسلمين وغيرهم من أبناء مجتمعاتهم" و"استفزاز ملياري إنسان حول العالم في صميم إيمانهم".
اقرأ أيضا
list of 2 itemsلماذا تتكرر وقائع حرق المصحف الشريف في السويد؟
وقال مراسل الجزيرة نور الدين بوزيان من جنيف إن 28 دولة معظمها إسلامية صوتت لصالح القرار، في مقابل 12 دولة عارضته أغلبها من دول الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى بريطانيا والولايات المتحدة، في حين امتنعت 7 دول أغلبها من أميركا اللاتينية.
ومن أبرز ما جاء في مشروع القرار إدانة كل عمل متعمد علني يستهدف المقدسات خصوصا حرق نسخة من القرآن الكريم، كما نص على وجوب اعتماد الدول قوانين وتشريعات لملاحقة من يرتكب أفعالا تذكي روح العداء للإسلام ولعموم الأديان، وهو ما دفع الدول الغربية لرفض مشروع القرار.
وقد دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا -أمس الثلاثاء- الأممَ المتحدة إلى التصويت ضد مشروع قرار باكستاني في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يدين أعمال الكراهية الدينية مثل حرق القرآن، معتبرة أنه يعرض حرية التعبير للخطر.
جاء ذلك خلال جلسة خاصة طارئة أقيمت بدعوة من منظمة التعاون الإسلامي في إطار فعاليات الدورة الـ53 العادية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
"مسألة معقدة"
وناقش المجلس المكون من 47 عضوا، مشروع القرار الذي عرضته باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، بشأن حملات الإساءة والاعتداء التي استهدفت القرآن الكريم مؤخرا بأوروبا، ودعا المشروع إلى إدانة الاعتداءات التي طالت القرآن ووُصفت بالكراهية الدينية.
وطلبت دول عدة بينها فرنسا وألمانيا مزيدا من الوقت للتفاوض والتوصل إلى توافق، لكن باكستان قدمت مع ذلك قرارها بعد حوالي 4 ساعات من النقاش في مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وقال السفير البلجيكي مارك بيكستين دو بويتسويرف باسم الكتلة الأوروبية إن "مسألة تحديد الخط الفاصل بين حرية التعبير والتحريض على الكراهية معقدة".
وبعد تمديد خطابات بعض الدول، قرر المجلس الاجتماع مرة أخرى اليوم الأربعاء والتصويت على مشروع قانون الإدانة.
وكانت باكستان طلبت هذا النقاش باسم عدد من دول منظمة التعاون الإسلامي بعدما أحرق سلوان موميكا -وهو لاجئ عراقي في السويد- في 28 يونيو/حزيران الماضي صفحات من المصحف أمام أكبر مسجد في ستوكهولم وخلال يوم عيد الأضحى.
وسمحت الشرطة السويدية بالتجمع الذي أُحرقت فيه صفحات من القرآن لكنها فتحت لاحقا تحقيقا في "تحريض ضد مجموعة عرقية" لأن عملية الإحراق جرت أمام مسجد، وأثار هذا الحادث سلسلة من ردود الفعل في العالم الإسلامي.
استثناء
ويتضمن مشروع القرار إدانة "لكل دعوة أو تعبير عن كراهية دينية بما في ذلك الأفعال الأخيرة، العلنية والمتعمدة"، ودعوة البلدان إلى اعتماد قوانين تمكنها من تقديم المسؤولين عن هذه الأفعال إلى القضاء.
ويطلب من الأمم المتحدة تحديد البلدان التي ليس لديها مثل هذا التشريع وتنظيم طاولة مستديرة للخبراء لبحث الموضوع.
ورأى السفير الباكستاني خليل هاشمي أنه نص متوازن لا يوجه أصابع الاتهام إلى أي دولة. لكن عددا من الدول الغربية أعربت خلال المناظرات عن معارضتها لقوانين مناهضة التجديف، وفي الوقت نفسه استنكرت بشدة حرق المصحف في السويد.
وقالت السفيرة الأميركية ميشيل تايلور "نأسف لاضطرارنا للتصويت ضد هذا النص غير المتوازن لكنه يتعارض مع مواقف اتخذناها منذ فترة طويلة بشأن حرية التعبير".
أما نظيرها الفرنسي جيروم بونافون، فقد أشار إلى أن حقوق الإنسان تحمي "الأشخاص وليس الأديان أو المذاهب أو المعتقدات أو رموزها".
واعترف السفير البريطاني سايمون مانلي -مثل عدد من الدبلوماسيين الغربيين الآخرين والأمم المتحدة- بأن حرية التعبير يمكن تقييدها في حالات استثنائية. وقال "نحن لا نقبل بالقول إن الهجمات على الدين بحكم تعريفها تشكل دعوة إلى الكراهية".
وأكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن "خطاب الكراهية بجميع أنواعه يتزايد في كل مكان"، داعيا إلى مكافحته من خلال الحوار والتعليم، وأضاف أن "الخطب والأفعال التحريضية ضد المسلمين ومعاداة السامية والأفعال والخطب التي تستهدف المسيحيين أو الأقليات هي مظاهر عدم احترام كامل"، واصفا إياها بـ"المسيئة".
إدانة زراعة الكراهية
في السياق ذاته، أدانت قطر حوادث حرق نسخ من القرآن الكريم التي حصلت بشكل متعمد في عدد من الدول الأوروبية مؤخرا، معتبرة أنها "تتعمد زرع الكراهية وخلق الفتن بين المسلمين وغيرهم من أبناء مجتمعاتهم"، إضافة إلى "استفزاز ملياري إنسان حول العالم في صميم إيمانهم".
جاء ذلك في كلمة مسجلة ألقتها وزيرة الدولة للتعاون الدولي لولوة بنت راشد الخاطر، أمس الثلاثاء، خلال جلسة النقاش الطارئ لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، في دورته الـ53، حول "مواجهة الكراهية الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف".
دولة قطر تؤكد على موقفها الرافض لكافة مظاهر التمييز والكراهية الدينية ضد المسلمين
🔗لقراءة المزيد : https://t.co/1JzNe8lET5#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/26diYLGVzj
— الخارجية القطرية (@MofaQatar_AR) July 11, 2023
وفيما يخص موقف بعض الحكومات الأوروبية تجاه تسهيل وتمكين تكرار هذه الحوادث بدعوى احترام حرية التعبير، قالت وزيرة الدولة للتعاون الدولي لولوة بنت راشد الخاطر في كلمة مسجلة ألقتها "إننا نقف حائرين متعجبين حيث تراكمت الشواهد لدى القاصي والداني أن هذا المعيار ليس إلا انتقائيا".
كما جددت التأكيد على دعوة قطر لحكومات الدول المعنية للوفاء بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو إلى إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا، وكذا دعوتها للدول التي ارتكبت فيها هذه الممارسات لاتخاذ تدابير وطنية فاعلة للتصدي لها، ومحاسبة مرتكبيها، ومنع تكرارها في المستقبل.