الحكومة السودانية ترفض بيان الآلية الرباعية لدول الإيغاد وحاكم دارفور يحذر من حرب أهلية
أفاد مصدر في الحكومة السودانية بأن بيان الآلية الرباعية لدول "إيغاد" غير مقبول، وأنه يمثل تحديا واضحا للسودان وانتهاكا لسيادته، وذلك بعد إعلان منظمة إيغاد أن وزراء الخارجية في الآلية الرباعية اتفقوا على اعتماد نهج تدريجي لحل النزاع في السودان.
في الأثناء، شهد جنوبي غربي العاصمة السودانية الخرطوم إطلاق نار متقطعا بأسلحة خفيفة صباح اليوم الثلاثاء، واتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بخرق الهدنة، التي بدأت صباح أول أمس الأحد لمدة 72 ساعة، في حين حذر حاكم دارفور من حرب أهلية.
وكانت منظمة إيغاد قالت في بيان إن وزراء الخارجية في الآلية الرباعية -المكونة من جيبوتي وجنوب السودان وكينيا وإثيوبيا- اتفقوا على اعتماد نهج تدريجي لحل النزاع في السودان.
ويولي هذا الأسلوب الأولوية لاجتماع طرفي الصراع وجها لوجه لمناقشة القضايا الرئيسية.
وأوضح بيان المجموعة أن الوزراء اتفقوا على التنسيق والتعاون الوثيق مع الأحزاب السودانية والجهات المعنية وضمان قيادة سودانية لعملية السلام.
لكن مصدرا في الحكومة السودانية رأى أن بيان الآلية الرباعية لدول إيغاد غير مقبول، وأنه يمثل تحديا واضحا للسودان وانتهاكا لسيادته، على حد تعبيره.
كما قال المصدر ذاته إن استضافة كينيا العملية السياسية تعني سيطرة مجموعات من خارج أفريقيا على جهود تسوية الأزمة السودانية.
تحذير وقلق أممي
من جهة أخرى، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمته أمس الاثنين في ختام المؤتمر الدولي حول السودان في جنيف، من أنّ "السودان يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة".
كما عبر عن قلقه من استهداف العاملين في المجال الإنساني؛ داعيا أطراف الصراع وحكومات الدول المجاورة للسودان إلى حماية المدنيين، وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية.
ووعد المانحون خلال المؤتمر بتقديم نحو 1.5 مليار دولار للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين فارين من القتال.
ولا يمثل هذا المبلغ سوى نصف الإجمالي الذي تقدر الوكالات الإنسانية أنها بحاجة إليه في بلد يعتمد فيه 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، على المساعدات الإنسانية.
وفي هذا الإطار، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على أهمية التزام جميع الأطراف السودانية من أجل استعادة العمل الإنساني، وحماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة، وسلامة الممرات الإنسانية لوصول المساعدات الأساسية.
وقالت الخارجية السعودية إنّ فيصل بن فرحان اتصل برئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وبقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وجدّد دعوة المملكة للتهدئة وتغليب المصلحة الوطنية، ووقف التصعيد العسكري، واللجوء إلى حلّ سياسي يضمن عودة الأمن والاستقرار.
خرق الهدنة وقتلى بدارفور
على الصعيد الميداني، قال الجيش السوداني في بيان إن قوات الدعم السريع خرقت الهدنة وهاجمت منطقة "طويلة" بولاية شمال دارفور غربي البلاد، وقتلت 7 مواطنين من المنطقة وجرحت آخرين، مما أجبر جنوده على النزوح إلى مقر القوات المسلحة.
وأضاف أن قوات الدعم ارتكبت ما وصفها بـ"انتهاكات جسيمة" بحق مواطني المنطقة على مدى يومين، تضمنت قتل 15 شخصا وجرح عشرات من المدنيين العزل، بجانب حرق السوق، ونهب عدد كبير من المتاجر، وتشريد مئات من مواطني المنطقة، وفق بيان الجيش.
وفي سياق متصل، اتهمت الخارجية السودانية أمس الاثنين الدعم السريع باقتحام مقر سفارة ومنزل سفير زيمبابوي بالخرطوم "وسرقة السيارات والمقتنيات الثمينة وتخريب الأثاث والعبث بالمستندات"، في حين لم يصدر تعليق فوري من الدعم السريع بشأن اتهامات خرق الهدنة أو اقتحام سفارة زيمبابوي.
من ناحية أخرى، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها ألغت عملية لنقل جرحى من الجيش إلى المستشفى بناء على طلب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالخرطوم.
وأوضحت أن طلب الإلغاء جاء جراء إطلاق نار بالقرب من قافلة نقل الجرحى عندما كانت على وشك عبور خط المواجهة.
وأكد بيان للصليب الأحمر أن الحادث وقع رغم الضمانات الأمنية التي تم الحصول عليها من كلا الطرفين.
من جانبه، نفى الجيش السوداني اتهامه بعرقلة إجلاء عدد من جرحى الجيش، مشيرا إلى أن وفد الصليب الأحمر لم يصل إلى نقطة الإخلاء المحددة، واتبع ما وصفها بسيناريوهات تسببت في عرقلة العملية.
وكانت قوات الدعم السريع قد قالت إن قافلة إجلاء طبي لجرحى من الجيش السوداني برفقة الصليب الأحمر قد تعرضت لهجوم من الجيش السوداني.
تحذير من حرب أهلية
من جهته، قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي إن الحرب انتقلت إلى مناطق حيوية، وإن ظروف الحرب أدت إلى تفجر الأوضاع في أجزاء واسعة من الإقليم.
وفي مقطع فيديو نشرته الحركة على صفحتها على فيسبوك، أضاف مناوي أن استهداف واغتيال القادة السياسيين والإدارات الأهلية ربما يقود إلى حرب أهلية تشبه ما حدث في رواندا.
من جانبه، عبر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في بيان نشره على صفحته في فيسبوك، عن ثقته بانفراج الأوضاع بزوال من وصفهم بـ"الطغمة الفاسدة"، التي قال إنها "وراء إشعال الحرب وتأجيج الصراعات القبلية في دارفور من أجل استمرار الهيمنة والتحكم".
وأعرب حميدتي في البيان عن شكره لدولة تشاد ورئيس المجلس الانتقالي محمد إدريس ديبي لاستقبالهما اللاجئين السودانيين.
ووفق آخر إحصائية أممية، قال رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي اليوم الثلاثاء إنه منذ اندلاع القتال يوم 15 أبريل/نيسان الماضي تجاوز عدد الأشخاص الذين فروا من القتال في السودان إلى دول الجوار 500 ألف، في وقت نزح فيه مليونا شخص داخليا.
وأضاف غراندي "إذا لم نُسكت تلك البنادق، سيستمر نزوح الشعب السوداني".