بعد تمرير تعديل التقاعد بفرنسا.. الاحتجاجات تتصاعد والمعارضة تتحرك لحجب الثقة عن الحكومة

تواصلت اليوم الجمعة الاحتجاجات في مختلف المدن الفرنسية غداة تمرير قانون تعديل نظام التقاعد من دون التصويت عليه في الجمعية الوطنية (البرلمان)، وفي حين اعتقلت قوات الأمن أكثر من 300 متظاهر، تقدمت أحزاب المعارضة بعريضة لحجب الثقة عن الحكومة.

وتجمع آلاف الفرنسيين في مدن عدة احتجاجا على تعديل نظام التقاعد، وعلى استخدام الفقرة الثالثة من المادة 49 من الدستور، التي تتيح للرئيس إقرار أي مشروع قانون من دون تصويت الجمعية الوطنية.

ورافقت تلك الاحتجاجات أحيانا أعمال عنف، وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان اعتقال 310 أشخاص، بينهم 258 في باريس وحدها.

كما أغلقت المدارس والجامعات جزئيا من جانب الشباب المتظاهرين، بما في ذلك في كليرمون-فيران وليل.

من جهتها، أعلنت "تنسيقية النقابات" مواصلة التعبئة ضد التعديل خلال نهاية الأسبوع الجاري، ودعت إلى إضراب عام وتنظيم مظاهرات الخميس المقبل.

واختارت الحكومة الفرنسية رفع سنّ التقاعد القانوني استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد وشيخوخة السكان.

وفرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد من دون أن تكون أنظمة التقاعد قابلة للمقارنة مع غيرها من الدول بشكل كامل.

ويبرز شبه إجماع في أوساط المعارضة على اعتبار اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور لتبنّي مشروع القانون من دون تصويت في الجمعية الوطنية نكسة بالنسبة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي رَهَن رصيده السياسي في سبيل هذا الإصلاح، جاعلا منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية.

وتُظهر مختلف استطلاعات الرأي أن أغلب الفرنسيين يعارضون هذا التعديل، رغم أن عدد المتظاهرين في الشوارع والمضربين عن العمل انخفض مع مرور الوقت.

ويبرز الغضب في باريس أيضا عبر تراكُم النفايات في عدد من الشوارع، إذ لم يتم جمعها منذ عدّة أيام بسبب إضراب العاملين.

وفي هذه العاصمة التي تعدّ وجهة سياحية عالمية، تستمرّ الروائح الكريهة في الانبعاث من أكوام القمامة، في وقت تستعدّ فيه السلطات لاستدعاء العاملين من أجل إزالة جزء منها.

تحركات المعارضة

وأفاد مراسل الجزيرة في باريس نور الدين بوزيان بأن حزب "التجمع الوطني" اليميني الراديكالي سيتقدم بعريضة إلى البرلمان لحجب الثقة عن الحكومة.

وهي الخطوة ذاتها التي تعتزم القيام بها مجموعة النواب المستقلين وتشترك فيها أحزاب عدة، على أن يجري التصويت على العريضتين الاثنين المقبل.

من جهته، شجّع زعيم حزب فرنسا المتمرّدة (يسار راديكالي) جان لوك ميلانشون على التحرّكات العفوية في كلّ البلاد"، معلنا أن حزبه سيقوم بسحب اقتراحه لحجب الثقة لصالح الاقتراح المقدّم من مجموعة "ليوت" (LIOT). ويعوّل البعض على أن يصوت عليه نواب من اليمين معارضون لإصلاح نظام التقاعد.

ويقع مصير الحكومة -التي تستند إلى أغلبية نسبية في الجمعية الوطنية- في أيدي نحو 60 نائبا من المجموعة اليمينية التقليدية (حزب الجمهوريين)؛ فلو أُضيفت أصواتهم إلى أصوات جميع نواب المعارضة الآخرين سيصلون بذلك إلى الأغلبية المطلقة المتمثّلة في 577 نائبا، التي يمكنها إسقاط السلطة التنفيذية.

من جهته، حذّر زعيم مجموعة "الجمهوريين" إيريك سيوتي أمس الخميس من أن نوّاب حزبه لن يصوتوا على "أيّ من مقترحات حجب الثقة". لذلك، يبدو إسقاط الحكومة هدفا صعبا للمعارضة.

المصدر : الجزيرة + وكالات