ترحيب دولي وعربي باتفاق السعودية وإيران.. قلق إسرائيلي وواشنطن: ليس واضحا ما إذا كان ذلك يؤثر على اتفاقيات أبراهام
توالى الترحيب الدولي والعربي بالاتفاق على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، من جانبه قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض إن السعوديين أبلغوا واشنطن باتصالاتهم مع الإيرانيين، لكن لم يكن للولايات المتحدة دور في الاتفاقية، وأضاف أنه ليس واضحا ما إذا كان ذلك سيؤثر على اتفاقيات أبراهام. يأتي ذلك وسط قلق في إسرائيل من هذا التطور.
وفي وقت سابق أمس الجمعة، أعلنت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الرياض وطهران اتفقتا على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين.
وجاء التوصل لهذا الاتفاق -حسب ما ذكرت "واس"- عقب مباحثات جرت في الصين مع الرئيس شي جين بينغ. وأضافت الوكالة السعودية أن المباحثات جاءت رغبة من طهران والرياض في حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية.
وفي أول رد فعل رسمي إسرائيلي على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، اعتبر مسؤول إسرائيلي في إحاطة رسمية أن الاتفاق بين الطرفين سيؤثر على إمكانية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
لكن المسؤول الإسرائيلي أضاف أن قوة الغرب في موقفه من إيران ستقلل من أهمية تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران، بحسب تعبيره.
قلق إسرائيلي
غير أن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد وصف إعادة العلاقات بين السعودية وإيران بأنها "فشل ذريع وخطير للسياسة الخارجية للحكومة الإسرائيلية" التي يتزعمها حاليا بنيامين نتنياهو.
في السياق، قال رئيس رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، نفتالي بينيت، إن "تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، هو تطور خطير بالنسبة لإسرائيل وانتصار سياسي بالنسبة لإيران".
واعتبر أن استئناف العلاقات الإيرانية السعودية يشكل "ضربة قاضية لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران"، وشدد على أن ذلك "فشل ذريع لحكومة نتنياهو، نجم عن مزيج بين الإهمال السياسي والضعف العام والصراع الداخلي في البلاد".
وقال إن "دول العالم والمنطقة تراقب الصراع في إسرائيل مع حكومة مختلة تعمل على التدمير الذاتي بشكل منهجي؛ ثم تختار هذه الدول جانبا (في الصراع – بين إسرائيل وإيران)".
ووصف حكومة نتنياهو بأنها فشل اقتصادي وسياسي وأمني مدو، وتعرض دولة إسرائيل للخطر بشكل يومي، وأضاف "نحن بحاجة إلى حكومة طوارئ وطنية واسعة، تعمل على إصلاح الأضرار العديدة التي حدثت".
كما عقب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمنية في الكنيست الإسرائيلي، يولي إدلشتاين، قائلا إن "العالم لا يتوقف ونحن مشغولون هنا بالصراعات بين القوى والصدامات".
وأضاف "إيران والسعودية اتفقتا الآن على تجديد العلاقات بينهما وهذا أمر سيئ للغاية بالنسبة لإسرائيل والعالم الحر بأسره".
وتابع "حان الوقت للجلوس والتحدث وحل خلافاتنا من أجل لم شملنا واتحادنا ضد التهديد الوجودي الذي نواجهه".
بدوره، وصف رئيس الدفاع السابق بيني غانتس الاتفاق بالتطورات المقلقة، وأشار إلى أن التحديات الأمنية الجسام التي على إسرائيل التعامل معها تزداد، بينما نرى رئيس الوزراء والمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية منشغليْن في الانقلاب السلطوي.
تعليق سعودي وإيراني
وفي تعليقه على الاتفاق، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الجمعة إن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وإيران يأتي انطلاقا من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار.
في السياق، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن سياسة حسن الجوار التي تنتهجها حكومة إبراهيم رئيسي تسير في الاتجاه الصحيح.
موقف أميركي
وتعقيبا على الخطوة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه كلما كانت علاقات إسرائيل وجيرانها أفضل كان ذلك أفضل للجميع.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن السعوديين أبلغوا واشنطن باتصالاتهم مع الإيرانيين، لكن لم يكن للولايات المتحدة دور في الاتفاقية.
وأكد كيربي أن ما يهم واشنطن هو إنهاء الحرب في اليمن، ووقف الهجمات على السعودية، مشددا على أن الولايات المتحدة سترى إذا ما كانت إيران ستفي بالتزاماتها بعد إبرامها الاتفاقية مع السعودية.
وأضاف كيربي أنه ليس واضحا ما إذا كان ذلك سيؤثر على اتفاقيات أبراهام.
ترحيب دولي
وقد رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باتفاق السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما. وأعرب ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة عن تقدير الأمين العام للصين لاستضافتها المحادثات الأخيرة وعملها لتعزيز الحوار بين الدولتين.
وأشاد الأمين العام للمنظمة الدولية أيضا بجهود دول أخرى بهذا الشأن منها سلطنة عُمان والعراق. وقال المتحدث إن علاقات حسن الجوار بين السعودية وإيران أساسية لاستقرار منطقة الخليج.
من جانبها، أعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي عن ترحيبها بالاتفاق، وعبّر الأمين العام حسين إبراهيم طه عن أمله أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة وأن تعطي دفعة جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
من جهتها، هنّأت موسكو على لسان نائب وزير خارجيتها، ميخائيل بوجدانوف، إيران والسعودية والصين على التوصل إلى اتفاق عودة العلاقات بين الرياض وطهران.
وأضاف بوجدانوف في تصريح لقناة روسية أن عودة العلاقات تتماشى مع المبادرات الروسية الرامية إلى إنشاء منظومة للأمن في منطقة الخليج ذات الأهمية الاستثنائية على المستوى الاقتصادي العالمي.
ترحيب عربي واسع
عربيا، رحب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي بالاتفاق على استئناف العلاقات السعودية الإيرانية وبكافة الخطوات التي تسهم في تعزيز الأمن والسلام في المنطقة. كذلك أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي بيانات منفصلة رحبت فيها بهذا التطور.
فقد رحبت سلطنة عمان بالبيان المشترك باستئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية، وأعربت الخارجية العمانية عن أملها في أن يسهم استئناف العلاقات بين السعودية وإيران في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما رحبت الخارجية العراقية بالاتفاق، وقالت إن صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تبدأ بموجبه.
وقالت الخارجية المصرية، بدورها، إنها تابعت باهتمام الاتفاق الذي تم الإعلان عنه باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.
وأعربت الخارجية المصرية -في بيان لها- عن تطلعاتها بأن يسهم الاتفاق في تخفيف حدة التوتر في المنطقة وأن يعزز من دعائم الاستقرار والحفاظ على مقدرات الأمن القومي العربي.
كما رحبت الجزائر بعودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران واعتبرت أن ذلك يسهم في تعزيز السلم والأمن بالمنطقة والعالم.
من جانبه، أعرب الأردن عن أمله في أن "يسهم الاتفاق السعودي الإيراني في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة".
وصدرت مواقف أخرى مرحبة بالاتفاق عن السلطة الفلسطينية والسودان.
من جانبه، علّق الناطق باسم جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن محمد عبد السلام بقوله إن المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها.
وفي لبنان، قال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله إن الاتفاق أمر جيد ويأتي لمصلحة شعوب المنطقة. وأضاف نصر الله -في كلمة له خلال حفل حزبي- أن هذا الاتفاق سيفتح آفاقا في كل المنطقة، ومن جملتها لبنان.
ورحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالاتفاق قائلة -في بيان- "نعدها خطوة مهمة لتوحيد الأمة وتحقيق الاستقرار في المنطقة".
وبدأت الرياض وطهران محادثات مباشرة منذ 2021، في محاولة لاحتواء التوترات بينهما، وعقد الطرفان في أبريل/نيسان الماضي الجولة الخامسة من مفاوضاتهما في العراق.