كيف تدخل المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا؟

Trucks carrying aid from UN World Food Programme (WFP) are parked at Bab al-Hawa crossing
شاحنات مساعدات أممية في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا (رويترز)

بعد وقوع الزلزال المدمر، دخلت المساعدات الإنسانية الدولية ببطء وبكميات ضئيلة إلى مناطق منكوبة شمال غربي سوريا، مما جعل الأمم المتحدة بشكل خاص عرضة لانتقادات سكان استنفدتهم أساسا سنوات الحرب.

ويقطن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري (شمال غرب) أكثر من 4 ملايين شخص، نحو نصفهم من النازحين، ويعتمد 90% منهم على المساعدات الإنسانية. فكيف تدخل هذه المساعدات إلى تلك المناطق التي دمرها الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 46 ألف شخص في تركيا وسوريا؟

كيف تدخل مساعدات الأمم المتحدة؟

تدخل مساعدات الأمم المتحدة إلى تلك المناطق عبر طريقين فقط، هما معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، بموجب قرار صادر من مجلس الأمن الدولي (2672)، ومن مناطق سيطرة النظام السوري.

عام 2014، في حين كان النزاع السوري على أشده، سمح مجلس الأمن الدولي بعبور مساعدات الأمم المتحدة إلى سوريا من دون الحصول على إذن من الحكومة عبر 4 نقاط حدودية، هي معبرا باب الهوى (شمال إدلب) وباب السلامة (شمال حلب) الحدوديان مع تركيا، واليعربية (أقصى الشرق- حدود العراق)، ومعبر الرمثا الحدودي مع الأردن (جنوب).

لكنه ما لبث أن حصرها تدريجيا في معبر باب الهوى وحده، بضغوط من موسكو (حليفة دمشق) التي تسعى منذ سنوات لاختصار مساعدات الأمم المتحدة في تلك الواردة من مناطق سيطرة النظام.

ضرب الزلزال تركيا وسوريا فجر السادس من فبراير/شباط الجاري، لكن مساعدات الأمم المتحدة عبر باب الهوى لم تدخل إلا في التاسع منه، وكانت عبارة عن معدات خيم مجهزة منذ ما قبل الزلزال وتكفي 5 آلاف شخص فقط.

وأخرت أسباب عدة دخول هذه المساعدات، بينها تضرر الطرق والأضرار التي لحقت حتى بطواقم الإغاثة في البلدين.

وأثار تأخر الأمم المتحدة ومحدودية المساعدات انتقادات سكان ومنظمات محلية على رأسها "الخوذ البيضاء" -الدفاع المدني شمال غربي سوريا- التي وصفت الأمر بـ"الجريمة".

ويوم 12 فبراير/شباط الجاري، أقر منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث بأن الأمم المتحدة "خذلت حتى الآن الناس شمال غربي سوريا".

وبموجب القرار الدولي، لا تحتاج الأمم المتحدة لإذن من نظام دمشق لاستخدام معبر باب الهوى، لكنها تطلب موافقة دمشق من أجل استخدام معابر أخرى.

وأعلنت المنظمة -على وقع المناشدات والانتقادات- فتح معبري باب السلامة والراعي الحدوديين مع تركيا أمام مساعداتها لمدة 3 أشهر بعدما حصلت على موافقة النظام السوري، لكن المساعدات لا تزال ضئيلة ولا تنسجم حتى مع حجمها قبل الزلزال.

وأرسلت بعد الزلزال حوالى 200 شاحنة إلى شمال غربي سوريا، مقارنة مع معدل 145 شاحنة أسبوعيا عام 2022، حسب منظمة "أطباء بلا حدود".

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك -خلال مؤتمر صحفي أمس الاثنين في نيويورك- "نحن نواصل مع شركائنا توسيع نطاق عمليات المساعدة عبر الحدود من تركيا إلى شمال غربي سوريا".

وأضاف أنه نهار الاثنين "عبرت 10 شاحنات محملة بخيم ومواد أخرى مقدمة من المنظمة الدولية للهجرة، عبر معبر الراعي الحدودي، إلى شمال حلب".

وتابع "هذه أول قافلة للأمم المتحدة تمر عبر هذا المعبر الحدودي منذ أن وافقت الحكومة السورية على استخدامه لتوصيل المساعدات، مما يرفع إلى 3 عدد المعابر الحدودية العاملة بالنسبة للأمم المتّحدة".

ماذا بالنسبة للمنظمات الإنسانية؟

بإمكان المنظمات الإنسانية الدولية ألا تستخدم آلية الأمم المتحدة، وإن كانت تعتمد بشكل أساسي على معبر باب الهوى لكنها تستخدم أيضا معابر أخرى.

وأرسلت منظمة "أطباء بلا حدود" -أول أمس الأحد- قافلة محملة بالخيم عبر معبر الحمام في منطقة عفرين، بعدما استنفدت مخزونها بإدلب.

وتؤمّن المنظمات الدولية المساعدات أيضا عبر شركاء محليين. وتقول المديرة الإقليمية لمنظمة "آكشن إيد" (ActionAid) رشا ناصر الدين إن منظمات دولية عدة تؤمّن لشركاء محليين "التمويل لشراء ما يلزم من السوق المحلية أو من تركيا".

ما العوائق المحلية؟

بإمكان الأمم المتحدة إدخال المساعدات من مناطق سيطرة النظام السوري الذي نادرا ما يمنح الأذونات، وقد دخلت آخر قافلة من مناطق سيطرة دمشق قبل 3 أسابيع من الزلزال.

وفي العاشر من فبراير/شباط الجاري، أعلنت دمشق موافقتها على إرسال المساعدات إلى شمال غربي سوريا،.

ويقطن نحو 3 ملايين شخص، غالبيتهم من النازحين، في إدلب، بينما يقيم 1,1 مليون في ريف حلب.

وتتولى هيئة تحرير الشام تنظيم شؤون إدلب عبر مؤسسات مدنية واجهتها ما تسمى "حكومة الإنقاذ"، وأجهزة أمنية وقضائية خاصة بها.

وبعد نحو أسبوع على وقوع الزلزال، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها حصلت على موافقة دمشق، لكنها تنتظر الضوء الأخضر من "الجانب الآخر".

المصدر : الفرنسية