قتل جنديين دفاعا عن حجاب امرأة.. تعرف على قصة "سوتشو إمام" رمز كهرمان مرعش التركية

النصب التذكاري لبائع الحليب "سوتشو إمام" في كهرمان مرعش (الصحافة التركية)

احتلت كهرمان مرعش التركية عواجل ونشرات الأخبار خلال الأسبوعين الماضيين بعد أن ضربها زلزال قوي أدى حتى اليوم إلى مقتل أكثر من 47 ألف إنسان ودمار هائل في البنية التحتية بمناطق واسعة من تركيا وشمال غربي سوريا.

وكهرمان مرعش مدينة تركية قديمة يعود تاريخها إلى العصر الحجري القديم، وشكلت مركزا تجاريا مهما للحضارات منذ المملكة الآشورية، دخلها الإسلام عام 637 ميلادي على يد القائد خالد بن الوليد فأصبحت قاعدة للجيش الإسلامي، وقهرت مقاومتها الشعبية الجيش الفرنسي حتى حصلت على الاستقلال عام 1920.

ورغم أن المدينة تتميز بتنوع جغرافي وحضاري غني فإنها لا تحظى بشهرة بقية المدن السياحية التركية مثل إسطنبول وبورصة ويالوفا وإزمير وغيرها، فيما يحفظ الأتراك لها في تراثهم حادثة تاريخية مفصلية مرتبطة بتاريخ الجمهورية ومنطقة الأناضول وتتعلق تلك الحادثة ببائع اللبن "سوتشو إمام".

وتورد مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية "تي آر تي" (TRT) الرسمية روايتها عن بائع اللبن "سوتشو إمام" (تعني بالعربية "إمام بائع اللبن"، واسمه الأصلي إمام، ليس لقبه أو وظيفته) وقصته الشهيرة، حيث ينسب له الفضل في تحرير كهرمان مرعش من الاحتلال الفرنسي في القرن الماضي بعد أن أطلق الرصاصة الأولى في وجهه أواخر أكتوبر/تشرين الأول 1919، وأشعل الثورة ضده في الولاية لتحريرها بعد أقل من 4 أشهر.

ويورد المصدر نفسه معلومات عن "بطل" القصة، إذ إنه في 31 أكتوبر/تشرين الأول 1919 وبعد يومين من دخول قوات الاحتلال الفرنسي إلى المدينة وبينما كان "سوتشو إمام" يمارس عمله هاجم جنديان -أحدهما فرنسي (بعض الروايات تورد أنه كان برتبة جنرال) والآخر أرميني- 3 تركيات محجبات كن خارجات من حمام أوزنولوك التاريخي، وحاولوا نزع حجابهن قائلين "هذه الأرض أصبحت مستعمرة فرنسية، ولا يمكنكن التجول بالحجاب هنا".

وتشير القصة إلى أنه بعد استنجاد النساء بأهالي مرعش (وهو الاسم التاريخي للمدينة قبل أن يضاف إليها اسم كهرمان عام 1973 التي تعني بالتركية "البطلة"، وذلك تقديرا لدورها في ثورة التحرير من الاحتلال الفرنسي) هرع عدد من الرجال الذين كانوا يجلسون في المقهى إلى مكان الحادثة ودافعوا عن السيدات إلا أن الجنديين أطلقا على أحدهم الرصاص وقتلاه.

وهنا ظهر "سوتشو إمام" بحسب الروايات التركية، فأخذ سلاحه وأطلق النار على الجنديين مرديا الفرنسي قتيلا ومصيبا الأرميني بجروح خطيرة مات لاحقا بسببها، وقد خلد الأتراك الحادثة بنصب تذكاري يصور الواقعة في مدينته كهرمان مرعش.

وفي أعقاب الحادثة حاول الفرنسيون القبض على "سوتشو إمام"، إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك على الرغم من تفتيش جميع بيوت المدينة واعتقال ابن خاله وقتله بعد قطع أنفه وأذنيه لترهيب الناس.

وتنسب المصادر التركية الفضل إلى رصاصة "سوتشو إمام" في إشعال الشرارة الأولى لحركة النضال الوطني ضد الفرنسيين في كهرمان مرعش التي استمرت حتى تحرير الولاية في 11 فبراير/شباط 1920.

وبعد تحرير المدينة تمت مكافأة "سوتشو إمام" وعُيّن في البلدية ثم بعد ذلك في تشغيل المدافع بقلعة كهرمان مرعش، وتوفي جراء إصابته في حريق نشب بسبب انفجار أحد المدافع في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1922، ودفن في مقبرة مسجد تشينارلي.

وبعد وفاته بنت بلدية كهرمان مرعش في عام 1936 وفي نفس مكان الحادثة نصبا تذكاريا تظهر فيه امرأة محجبة والجنرال يمسك بالحجاب، والبطل "سوتشو إمام" يقتله رميا بالرصاص.

وإلى جانب عدة أماكن وميادين وشوارع تحمل اسمه حولت قيادة الأحكام العرفية قبره عام 1980 إلى ضريح.

ورأت الحكومة التركية خلال فترة تأسيس جامعة كهرمان مرعش أن من الواجب تكريم "سوتشو إمام" بإطلاق اسمه على الجامعة التي أصبح اسمها "جامعة كهرمان مرعش سوتشو إمام".

المصدر : الجزيرة + الصحافة التركية