بولسونارو ينوي العودة إلى البرازيل.. فما أبرز التهم التي قد يواجهها بلا حصانة رئاسية؟

بولسونارو يفكر في العودة إلى البرازيل "في الأسابيع المقبلة" (غيتي-أرشيف)

هزيمة الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو في الانتخابات البرازيلية أمام منافسه اليساري لولا دا سيلفا ليست خبرا، فقدان حصانته هو الأساس. إذ تواصل السلطات توجيه الاتهمات له، وآخرها التخطيط لانقلاب.

ففي يناير/كانون الثاني الماضي، وجه بولسونارو كلمات وداعيّة إلى مناصريه، ودون التطرق إلى نيته المغادرة، صعد على متن طائرة للقوات الجوية قائلا "أنا في رحلة وسأعود عما قريب"، بحسب ما أورده موقع "سي إن إن البرازيل".

وكان من المفترض للرئيس المنهزم أن يكون حاضرا في مراسم تنصيب الرئيس الجديد ليمنحه الوشاح الرئاسي وفقا للبروتوكول، وحينها نقلت مواقع برازيلية عن الجريدة الرسمية أن بولسونارو في رحلة إلى ميامي حتى نهاية يناير/كانون الثاني 2023.

تأشيرة جديدة

وسعيا لتأجيل عودته إلى البلاد، تقدم بولسونارو في فبراير/شباط الجاري بطلب الحصول على تأشيرة جديدة مدتها 6 أشهر من أجل البقاء في الولايات المتحدة، تاركا وراءه حركة عنيفة من مؤيدين اقتحموا القصر الرئاسي والكونغرس والمحكمة العليا في الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، في حادثة مشابهة لاقتحام الكونغرس الأميركي في السادس من يناير/كانون الثاني 2021 محاولين منع تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة.

الأمر الذي جعل بايدن يواجه الآن ضغوطا لإخراجه من الولايات المتحدة، إذ ليس من الواضح ما إذا كانت واشنطن ستوافق على الطلب الذي تقدم به بولسونارو، خاصة بعد أن استقبل الرئيس الأميركي نظيرَه البرازيلي لولا دا سيلفا في البيت الأبيض السبت الماضي.

بولسونارو شدد على أن "المظاهرات هي ثمرة الغضب والشعور بالغبن" (غيتي)

لكنه في أحدث تصريح له منذ مغادرته البلاد، وتزامنا مع لقاء بايدن ودا سيلفا، قال بولسونارو إنه يعتزم العودة إلى البرازيل "في الأسابيع المقبلة"، وذلك بعد أن أمضى أكثر من شهر في الولايات المتحدة.

وكان محاميه فيليب ألكسندر صرّح بأنه "يود أن يأخذ بعض الوقت من الراحة قبل أن يقرر خطوته التالية".

تحريض على العنف و"رسائل غامضة"

وبعد يومين من الانتخابات الرئاسية التي خسرها بولسونارو أمام دا سيلفا، أعطى الرئيس السابق الإذن لبدء عملية الانتقال دون أي إشارة إلى إقراره بالهزيمة، متعهدا بـ"احترام الدستور". لكنه شدد على أن "المظاهرات هي ثمرة الغضب والشعور بالغبن"، ولم يهنئ دا سيلفا بالفوز.

وبعد نحو شهر من الاستحقاق الانتخابي، سُجل أول ظهور علني لبولسونارو، حيث شارك في احتفال بأكاديمية عسكرية، لكنه لم يعلن أي موقف من الانتخابات التي خسرها ولم يعترف أيضا بنتيجتها.

بولسونارو طلب تمديد تأشيرته في الولايات المتحدة لـ6 أشهر (غيتي)

وكانت صحيفة "أو غلوبو" (O GLOBO) البرازيلية نقلت عن مصادر أن هذا الغياب الطويل لبولسونارو يعود إلى مشاكل صحية، كاشفة أن الرئيس السابق (67 عاما) "عانى من الحمى وبدا مكتئبا"، وحينها قال بولسونارو إنه لزم الصمت 40 يوما تقريبا، مضيفا أن "هذا يؤلمني".

وأضاف -مخاطبا أنصاره- "من يقرر وجهتنا هو أنتم. من يحدد الاتجاه الذي تسير فيه القوات المسلحة أنتم"، دون الإقرار -في تصريحاته التي وُصفت بـ"الغامضة"- بدعوة أنصاره للتدخل العسكري، ولكنه قال إن القوات المسلحة ستحترم دستور البرازيل، لافتا إلى أنها "هي حصن البرازيل لمنع الاشتراكية" في البلاد.

والشهر الماضي، انتهت المظاهرات الرافضة لنتائج الانتخابات باقتحام المئات من أنصاره القصر الرئاسي ومبنى الكونغرس وساحة المحكمة الفدرالية العليا في العاصمة، مطالبين الجيش بالتدخل لعزل الرئيس دا سيلفا.

أنصار بولسونارو كانوا اقتحموا القصر الرئاسي ومبنى البرلمان (غيتي)

وبشأن ما تردد لاحقا عن دوره في "تشجيع الاحتجاجات"، وافقت المحكمة العليا على فتح تحقيق مع الرئيس اليميني السابق.

وقال القاضي ألكسندر دي مورايس إن "الشخصيات العامة التي تواصل التآمر الخسيس ضد الديمقراطية تحاول ترسيخ حالة استثنائية سيتم محاسبتها".

احتمالات المستقبل وتحقيقات سابقة

وقبل أكثر من عام من هزيمته، قال بولسونارو إن لديه 3 احتمالات للمستقبل "أن أُسجن أو أموت أو أنتصر".

وأضاف الرئيس اليميني السابق في أغسطس/آب 2021 "كونوا متأكدين من أن الخيار الأول (السجن) غير وارد".

في المقابل، واجه بولسونارو منذ بداية ولايته عدة تحقيقات، خاصة فيما يتعلق بالمعلومات المضللة، وأكثر من 150 طلبا بحجب الثقة يتعلق معظمها بإدارته أزمة كوفيد-19، الذي أودى بحياة أكثر من 600 ألف شخص على الأقل في البرازيل.

وآنذاك، امتنع المدعي العام أوغوستو أراس عن توجيه أي اتهام رسمي إلى الرئيس، كذلك تجاهل رئيس مجلس النواب عقد جلسة تصويت للبدء في إجراءات العزل.

وثائق سرية

يبدو أن القادم ليس في صالح الرئيس المهزوم ولا عائلته. ففي نهاية عام 2020، وجهت النيابة العامة الاتهام إلى أكبر أبنائه فلافيو بولسونارو بتهمة الاختلاس وتبييض الأموال، إذ اتُهم باختلاس مبالغ مالية من رواتب موظفين حكوميين عندما كان نائبا عن ريو دي جانيرو.

كشفت تحقيقات سابقة أن أفرادا من عائلة بولسونارو استحوذوا على 51 عقارا دُفع ثمنها نقدا (غيتي)

وحينها، رفضت المحكمة العليا القضية بعد أن اعتبرت التحقيق انتهك حصانته البرلمانية وبخاصة عندما رُفعت السرية المصرفية عن حساباته.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن مواقع إخبارية برازيلية، فإن النيابة العامة تملك أدلة قوية تشير إلى أن اختلاس مبالغ من رواتب الموظفين كان أمرا شائعا لدى عائلة بولسونارو، ولاسيما جايير الذي كان نائبا مدة 27 عاما قبل توليه الرئاسة.

وخلال فترة ولايته، فرض بولسونارو السرية لمدة 100 عام على عدد من الوثائق، الرسمية أو الشخصية، التي يمكن أن تدينه.

كما ينفي الرئيس السابق على الدوام ارتكاب أي اختلاس، مشيرا إلى أنه ضحية "اضطهاد سياسي"، وبخاصة عندما كشفت تحقيقات أخرى -بحسب صحيفة الغارديان البريطانية– أن أفرادا من عائلته استحوذوا على 51 عقارا دُفع ثمنها بالكامل أو جزء منه نقدا بين 1990 و2022، بمبلغ إجمالي يبلغ نحو 4.8 ملايين يورو.

محاولة انقلاب

وقبل أسبوعين، أعرب الرئيس البرازيلي دا سيلفا عن ثقته بأن سلفه بولسونارو هو العقل المدبر للهجوم على قصر الرئاسة.

وأوضح دا سيلفا -في مقابلة مع قناة محلية- "أدرك اليوم وأقولها بصوت عال هذا المواطن (بولسونارو) خطط لانقلاب".

الرئيس البرازيلي دا سيلفا اتهم بولسوناو بالتخطيط لانقلاب (غيتي)

وردا على سؤال عن دور الرئيس السابق في هذه الأحداث، قال دا سيلفا "أنا على ثقة بأن بولسونارو شارك بنشاط في ذلك ويستمر في محاولته"، مضيفا "أرادوا إثارة هذه الفوضى لكنهم أدركوا أنهم عاجزون عن ذلك بسبب الانتشار الكثيف للشرطة والناس".

وكان دا سيلفا اتهم بولسونارو بتحريض أنصاره على العنف، ورفض الجيش دعوات مؤيدي الرئيس السابق لمنع تولي الرئيس الجديد السلطة في أكبر بلد بأميركا اللاتينية.

ربما من المستبعد أن يتخلى بولسونارو عن السياسة، لكن طريقه من المحتمل أن تكون حبلى بالعقبات، خاصة أن السلطات البرازيلية ألقت القبض على أندرسون توريس وزير العدل في عهد الرئيس السابق لدى عودته من الولايات المتحدة الشهر الماضي، وذلك في إطار التحقيق في الهجوم على قصر الرئاسة والبرلمان.

المصدر : الجزيرة + وكالات

إعلان