خبراء ومحللون: أميركا منحت إسرائيل الضوء الأخضر لاستئناف الحرب والتهجير لن ينجح
يُجمع محللون وخبراء أن عودة الجيش الإسرائيلي لشن الحرب على قطاع غزة جاءت بضوء أخضر أميركي، لكنهم استبعدوا أن تتحقق أهدافهما في تهجير سكان غزة أو تخفيف الكثافة السكانية في القطاع، كما يتم التخطيط لذلك.
وقال الدكتور حسن أيوب، وهو أستاذ السياسة الدولية والسياسات المقارنة في جامعة النجاح الوطنية إن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب قبل استئناف الحرب، كان بهدف التنسيق مع الإسرائيليين بشأن التركيز هذه المرة على جنوب قطاع غزة، من أجل تحقيق الأهداف الإسرائيلية والتي قال إن الأميركيين يتبنونها.
وأضاف قائلا "هناك ضوء أخضر أميركي لإسرائيل لاستئناف الحرب في غزة"، مؤكدا أن الأميركيين هم شركاء لإسرائيل في العدوان على غزة وصمتوا عن الإبادة التي ارتكبتها بحق الفلسطينيين في غزة، وانتقد مطالبتهم بأن "تراعي" إسرائيل المدنيين في عدوانها.
وتصر الإدارة الأميركية -وفق أيوب- على تقديم الغطاء والشراكة مع إسرائيل، بدليل أن الرئيس جو بايدن حمّل فشل تمديد الهدنة إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ومن جهته، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء فايز الدويري، أن إصرار الاحتلال الإسرائيلي على فرض إرادته يعود للضوء الأخضر الذي منحته إياه الولايات المتحدة الأميركية والتي قال وزير خارجيتها إنها ستدعم إسرائيل في حال عادت إلى الحرب على غزة.
غير أن الضوء الأخضر الأميركي والدعم المستمر للاحتلال لن يمنعا المقاومة الفلسطينية -بحسب الدويري- من الاستمرار في القتال والدفاع عن أرضها وشعبها، مرجحا أن تلجأ إلى قدرتها الصاروخية لفرض واقع معين على المجتمع الإسرائيلي، بحيث يجبر على اللجوء إلى الملاجئ، وهو ما سيشكل ضغطا على حكومة بنيامين نتنياهو.
وبشأن الخطة التي يعكف عليها وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي بشأن تخفيف الكثافة السكانية في غزة عبر فتح المجال للسكان بالخروج بحرا لأوروبا وأفريقيا وليس عبر مصر، استبعد الدويري حصول هذا الأمر، وقال إنه بعد 55 يوما من القصف المتواصل والتدمير الممنهج، فإن ما بين 700 إلى 800 ألف -بحسب التقديرات- يوجدون داخل القطاع الشمالي من أصل مليون و200 ألف.
وخلال فترة الهدنة الإنسانية المؤقتة -يضيف الخبير العسكري- قامت قوات الاحتلال بقتل وقنص مدنيين يريدون العودة إلى بيوتهم المدمرة، ما يعني أن مبدأ الهجرة غير موجود لدى الغزيين إلا في حالة التهجير القسري، وهو مستبعد.
ومن جهته، أشار الدكتور أيوب إلى أن الحديث عن تخفيف الكثافة السكانية لقطاع غزة تقبل به الولايات المتحدة ولم تعلق عليه، مبرزا أن ما تريده تل أبيب هو أن تخلق في قطاع غزة كيانا أمنيا تسيطر عليه وتخلق في الضفة الغربية سلطة وكيلة بشكل كامل، وبالتالي سيكون هناك كيانان منفصلان لا سيادة لأي منهما.
وعمّا أوردته هيئة البث الإسرائيلية بشأن إبلاغ نتنياهو لوزير الخارجية الأميركي بأن إسرائيل ستتولى المراقبة الأمنية في قطاع غزة، قال الدكتور أيوب إن الولايات المتحدة لا تريد أن تعود إسرائيل بالمعنى التقني لاحتلال قطاع غزة، ولكنها لا تمانع في أن يبقى القطاع تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.
تخبط إسرائيلي
وحول الأهداف الإسرائيلية من استئناف الحرب على غزة، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، أن نتنياهو يريد إطالة أمد الحرب لتخفيف العبء عليه وكان حريصا على قطع الهدنة الإنسانية المؤقتة مع المقاومة الفلسطينية، حتى يحافظ على مستقبله السياسي، وقال إنه لعب لعبة سياسية استطاع من خلالها أن يعيد الثقة والتوازن لحكومته.
غير أن القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تعيش حالة تخبط بشأن الخروج من المأزق العسكري، في ظل فشل إسرائيل في تحقيق هدفها العسكري من الحرب على غزة، بحسب الدكتور مصطفى، والذي أكد أن هدف القضاء على حركة حماس أصبح محل شك كبير جدا داخل إسرائيل.
كما أن حديث الإسرائيليين عن رغبتهم في اغتيال قيادات عسكرية من حماس مثل يحيى السنوار يأتي للتغطية عن تحقيق هدفهم العسكري من الحرب التي شنوها على غزة.
وتطرق الخبير في الشؤون الإسرائيلية إلى الضغوط الداخلية التي تتعرض لها حكومة نتنياهو، وكشف أن مظاهرة ضخمة ستنظم غدا السبت للمطالبة بالإفراج عن بقية المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية، مشيرا إلى أن الضغط الشعبي الكبير قد يعطي إمكانية للوسطاء بإخضاع إسرائيل كما أخضعوها في المرحلة الأولى، بحيث يتم التوصل لهدنة جديدة للاستمرار في الإفراج عن المحتجزين.
ويذكر أن إسرائيل استأنفت حربها على غزة صباح أمس الجمعة فور انتهاء الهدنة التي دامت 7 أيام. وأدت الغارات المكثفة في أنحاء القطاع في أول يوم من العودة للحرب إلى استشهاد أكثر من 100 فلسطيني وإصابة مئات آخرين خلال ساعات.