حملات المتطرفين الهندوس على الإنترنت تلهب المشاعر ضد المسلمين

SENSITIVE MATERIAL. THIS IMAGE MAY OFFEND OR DISTURB A group of men chanting pro-Hindu slogans, beat Mohammad Zubair, 37, who is Muslim, during protests sparked by a new citizenship law in New Delhi, India, February 24, 2020. Reuters photographer Danish Siddiqui: "It had been a winter of protests in India, with hundreds of thousands taking to the streets against a new citizenship law that many felt discriminated against the country's Muslim minority. In February, competing protests between those against the law and its supporters turned into communal riots with violent clashes. A source called me to tell me that trouble had broken out at one of the protest sites. Within a few minutes of arriving on the scene, it became clear this was a more dangerous situation, with heavy stone-pelting, and throwing of Molotov cocktails and bottles of acid. Shadowing lines of heavily outnumbered police, I noticed more than a dozen people ranging from teenagers to old men assaulting a Muslim man in white clothes. Using sticks, cricket stumps, plastic pipes and metal rods, they brutally beat the man. Blood flowed from his head as he went down on his knees. The attack was over in less than a minute, as Muslims on the other side of the road started throwing stones. The man, whom I later came to know as Mohammad Zubair, lay on the road alone as stones, bricks and Molotov cocktails flew over him. Zubair suffered serious injuries all over his body as well as internally but was lucky to survive and is still recovering. 'They saw I was alone, they saw my cap, beard, shalwar kameez (traditional outfit) and saw me as a Muslim,' Zubair said to me when I met him a couple of days later. 'They just started attacking, shouting slogans. What kind of humanity is this?'" REUTERS/Danish Siddiqui/File photo SEARCH "POY STORIES 2020" FOR THIS STORY. SEARCH "WIDER IMAGE" FOR ALL STORIES. TPX IMAGES OF THE DAY
اعتداءات المتطرفين الهندوس على المسلمين شهدت تناميا لافتا خلال حكم ناريندرا مودي (رويترز)

كشف تقرير بصحيفة واشنطن بوست عن استغلال الأحزاب والجماعات القومية المتطرفة في الهند وسائل التواصل الاجتماعي لبث رسائل تؤجج مشاعر الكراهية ضد المسلمين، في بلد يتباهى قادته بأنها أكبر ديمقراطية في العالم.

وذكرت الصحيفة أنه منذ وصول رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى سدة الحكم قبل قرابة عقد من الزمن، ظل مرارا وتكرارا يعمل على حشد الناخبين وترسيخ أقدام حزبه بهاراتيا جاناتا في السلطة، باستغلال الخلافات بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسلمة.

ولفتت في تقرير لمدير مكتبها في الهند جيري شيه، إلى أن التوترات الدينية ما انفكت حاضرة منذ استقلال البلاد في 1947، وأن أتباع مودي "المتطرفين" في حزبه وغيره لجؤوا إلى الخطب "النارية"، وأعمال العنف ضد المسلمين لاستنفار الدعم من الهندوس.

إحكام القبضة

ولطالما ظل حزب بهاراتيا جاناتا والمجموعات القومية الهندوسية التابعة له في طليعة مستخدمي التقنية في العالم "للترويج لأهداف السياسية، وإحكام قبضتهم" على السلطة "بأيديولوجية تعرض العلمانية التقليدية في الهند، والمساواة بين العقائد الدينية إلى الخطر".

وقالت الصحيفة الأميركية، إن المعلومات المضللة والمنشورات والمقاطع المرئية المحرضة على الانقسامات والمتعصبة في أغلب الأحيان، ظاهرة تفشت عبر الإنترنت.

إعلان

وأضافت أن الرقابة الحكومية على الآراء الناقدة آخذة في الازدياد، وأن منصات التواصل الاجتماعي وشركات التقنية الكبرى الأخرى، التي تعمل على تحصين مواقفها في واحد من أكبر أسواق العالم، كثيرا ما منحت مودي وحلفاءه ما يريدون.

وعلى الرغم من المخاوف بشأن حملات القمع وتسارع وتيرة الاستبداد، ظلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "تتودد بشدة" إلى الهند "كونها ثقلا موازنا" للصين حتى مع جنوح ناريندرا مودي السريع نحو الاستبداد.

وتردف الصحيفة القول، بأن الإدارة الأميركية تأمل في أن تتمكن الهند من المساعدة في احتواء التمدد الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

إغراق

واستقطب سلوك حكومة مودي اهتمام العالم مؤخرا عقب مزاعم كندا أن عملاء هنود ربما اغتالوا زعيما انفصاليا بارزا من طائفة السيخ على أراضيها، مما أثار مرة أخرى تساؤلات حول الجهود التي تبذلها الدول الغربية للتقرب من نيودلهي.

وحسب تقرير واشنطن بوست، فقد كانت رسائل واتساب تروج في بادئ الأمر للطرق المعبدة، والمدارس المبنية، والأغذية التي توزع للفقراء بالمجان، وغيرها من أنواع الدعاية المعتادة من الحكومات المتعاقبة إبان موسم الانتخابات. ومع اقتراب شهر مايو/أيار المقبل -موعد الانتخابات العامة الهندية- أضحت تلك الرسائل أكثر قتامة.

ومن بين المنشورات الواسعة الانتشار التي وصلت إلى الهاتف النقال لمواطن هندي يدعى ساشين باتيل، رسالة احتوت على أسماء 24 رجلا هندوسيا قيل، إنهم قُتلوا على أيدي مسلمين.

وحذّرت رسالة عامة أخرى من أن ثمة رجالا مسلمين يُعدّون فتيات هندوسيات تمهيدا لإلحاقهن بتنظيم الدولة الإسلامية. وهناك منشور آخر واسع الانتشار على الإنترنت وصل إلى باتيل يوجه نداء عاجلا للناخبين مفاده، أنه إذا سيطر حزب بهاراتيا جاناتا على السلطة في ولاية كارناتاكا بجنوب الهند، فإن "أطفالكم سيكونون في مأمن، وكذلك الهندوس".

إعلان

دعاية

ومع حلول يوم الانتخابات في الولاية، قال باتيل (25 عاما)، الذي يعمل صرافا بأحد البنوك، إنه يتلقى 125 رسالة سياسية في اليوم في 6 مجموعات على تطبيق واتساب.

وأضاف أن تلك الرسائل كانت بالتأكيد "تذكيرا" له بضرورة التصويت لصالح حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الذي يحكم الهند.

وزعمت واشنطن بوست أن أنصار الحزب الحاكم والجماعات القومية الهندوسية المؤيدة له، "أتقنوا على نطاق واسع بث المواد التي غالبا ما تكون تحريضية وزائفة ومتعصبة، مما أثار الحسد والشجب (معا) من خارج حدود الهند".

على أن جوهر نجاح بهاراتيا جاناتا -وهو حزب يضم في عضويته 180 مليون شخص يكمن في آلته الدعائية الضخمة التي تتصدر منصات التواصل الاجتماعي الأميركية، وفق الصحيفة التي ترى ذلك جزءا من جهد أوسع تبذله القوى اليمينية المناصرة لمودي، التي تسيطر على التقنية بطرق مختلفة -والحد من استخدام المعارضين لها- في سعيها لتحقيق "أجندة" قومية هندوسية تهدف إلى "تهميش" الأقليات الدينية، وكبح الانتقادات.

ومع تزايد خطاب الكراهية والمعلومات المضللة في الهند في السنوات الأخيرة، حاولت شركات وادي السيليكون الكبرى في بعض الأحيان مراقبة هذا المحتوى التحريضي، لكنها ظلت في الغالب تعاني، أو تغض الطرف عن تلك الممارسات.

فريق ضخم

ونبهت واشنطن بوست إلى أن صحفييها أمضوا أسابيع عدة في ولاية كارناتاكا عندما كانت تتأهب للانتخابات، حيث أتيحت لهم فرصة نادرة للوقوف على الآلية الواسعة لبث الرسائل عبر الإنترنت، وتعرّف الناشطين الذين يديرونها.

وقد كشف موظفو حزب بهاراتيا جاناتا وحلفاؤه -في مقابلة مكثفة مع أولئك الصحفيين- عن كيفية تصورهم وصياغتهم لمنشورات تهدف إلى استغلال مخاوف الأغلبية الهندوسية في الهند، وشرحوا بالتفصيل كيف جمعوا فريقا ضخما مكونا من 150 ألف عامل في وسائل التواصل الاجتماعي، لنشر هذا المحتوى عبر شبكة واسعة من مجموعات واتساب.

إعلان

وباستخدام هذه البنية، تمكن حزب بهاراتيا جاناتا من إرسال رسائل تروج لإنجازاته وتشوه سمعة خصمه، حزب المؤتمر الوطني الهندي.

ولكن بمنأى عن جهود الحزب الرسمية على الإنترنت، كانت هناك -كذلك- حملة "موازية غامضة"، حيث كشف موظفوه وحلفاؤهم لواشنطن بوست أن بهاراتيا جاناتا يتعاون "سرا" مع صانعي محتوى يديرون ما يعرف بصفحات "الطرف الثالث"، أو "المتصيدين"، والمتخصصين في إنشاء منشورات تحريضية مصممة للانتشار على تطبيق واتساب، وإشعال غضب قاعدة الحزب الجماهيربة.

صورة كاذبة

وكثيرا ما رسموا صورة "مزرية وكاذبة" للهند زاعمين أن الأقلية المسلمة -التي تشكل 14% من سكان البلاد- "أهانت وقتلت أفرادا من الأغلبية الهندوسية بتحريض من حزب المؤتمر "العلماني الليبرالي". وزعموا -أيضا- أنه لا يمكن ضمان استتباب العدالة والأمن، إلا بالتصويت لحزب بهاراتيا جاناتا.

وتعدّ الهند اليوم -طبقا للصحيفة الأميركية- أكبر سوق لمنصة واتساب، حيث يزيد عدد مستخدميها على 500 مليون شخص.

إن ما يحدث على وجه التحديد داخل منظومة واتساب التابعة لحزب بهاراتيا جاناتا لطالما بدا "لغزا لعلماء السياسة وأحزاب المعارضة، التي ظلت تعمل جاهدة على استنساخ تجربة الحزب الناجحة" في مجال الإعلام الرقمي.

ويمضي التقرير إلى القول، إن مهندسي منصة واتساب سنّوا في 2018 قيودا جديد على عملية إعادة توجيه الرسائل في الهند، بعد أن شهدوا تفشيا سريعا للشائعات، التي كانت وراء عمليات قتل على أيدى "غوغاء"، وما أعقبها من تبعات "مأساوية". كما أجروا تغييرات فنية للحد من الرسائل الجماعية.

وحسب دراسة أجريت في 2020، أخبر المستخدمون الهنود باحثي شركة ميتا أنهم "رأوا قدرا كبيرا من المحتوى الذي يشجع على الصراع والكراهية والعنف"، الذي "كان يستهدف في الغالب المسلمين على مجموعات واتساب".

إعلان

وحذرت الدراسة من أن "الخطاب المعادي للمسلمين من المرجح أن يظهر في الانتخابات المقبلة".

المصدر : واشنطن بوست

إعلان