انتهاء أوسع "هدنة" بأوكرانيا وتضارب بشأن السيطرة على مدينة إستراتيجية

جنديان أوكرانيان يطلقان قذائف مورتر على مواقع روسية قرب مدينة باخموت بمنطقة دونيتسك شرقي البلاد (الفرنسية)

انتهت منتصف هذه الليلة أوسع هدنة تُعلن منذ بدء الحرب في أوكرانيا، لكنها لم تحل دون استمرار القتال على محاور عدة، في وقت تضاربت فيه الأنباء بشأن مصير مدينة إستراتيجية في منطقة دونيتسك بإقليم دونباس (شرق).

وقبل ساعات من انتهاء الهدنة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمدة 36 ساعة بمناسبة عيد الميلاد للمسيحيين الأرثوذكس، أعلن الجيش الروسي التزامه بوقف إطلاق النار، وقال إنه اكتفى طيلة هذه الهدنة بالرد على القصف الأوكراني.

لكن كييف أكدت أنها ليست ملزمة بأي هدنة لا يصحبها انسحاب روسي، مشيرة إلى هجمات روسية بمناطق عدة شرقا وجنوبا.

وفي التطورات الميدانية قبيل انتهاء الهدنة، أعلن الجيش الروسي أن قواته تقدمت في مدينة سوليدار الإستراتيجية في محور باخموت بمنطقة دونيتسك.

كما قالت قوات منطقة لوغانسك الموالية لروسيا إن القوات الأوكرانية تلقت أوامر بالانسحاب من المدينة.

لكن الجيش الأوكراني أكد أن سوليدار لا تزال تحت سيطرته، وقال إن القتال مستمر في محيطها في ظل استخدام القوات الروسية الأسلحة الثقيلة.

وتقع سوليدار على مقربة من مدينة باخموت التي تحاول القوات الروسية منذ أشهر انتزاعها بدعم من مسلحي مجموعة "فاغنر" الأمنية الروسية.

قتال وضحايا

وشهد محيط باخموت اليوم السبت قصفا متبادلا بين القوات الأوكرانية والروسية، وقالت النيابة العامة الأوكرانية إن شخصين قتلا وأُصيب 13 آخرون في المدينة التي أصبح جزء كبير منها مدمرا بسبب القتال.

كما أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية أن قواتها قصف 24 تمركزا للجيش الروسي ومنظومات صاروخية في دونيتسك.

وفي وقت سابق اليوم السبت، تحدثت وزارة الدفاع الروسية عن إحباط هجوم أوكراني على محور دونيتسك ومقتل نحو 50 عسكريا أوكرانيا، كما تحدثت عن قصف أوكراني لمواقع الجيش الروسي في محور كراسني ليمان بمنطقة لوغانسك المجاورة.

في المقابل، اتهم رئيس الإدارة العسكرية الأوكرانية في لوغانسك سيرغي غايداي القوات الموالية لروسيا بخرق الهدنة التي أعلنتها موسكو من طرف واحد، مؤكدا استمرار القوات الروسية في قصف المواقع الأوكرانية على أكثر من جبهة خلال الساعات الماضية.

وفي مقاطعة زاباروجيا (جنوب شرق)، قالت السلطات الأوكرانية إن القوات الروسية أقدمت خلال 24 ساعة الماضية على قصف البنية التحتية في 12 منطقة وبلدة، وإنها تواصل محاولتها إجبار سكان المقاطعة على استخراج جوازات سفر روسية.

وفي خيرسون (جنوب)، قالت السلطات المحلية الأوكرانية إن قصفا روسيا أسفر عن مقتل مسعف وجرح آخرين.

وفي تطور ميداني آخر، أعلن حاكم مدينة سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم الموالي لروسيا أن الدفاعات الجوية أسقطت اليوم السبت طائرة مسيرة في أجواء المدينة.

ومنذ بداية الحرب في 24 فبراير/شباط من العام الماضي، تعرضت شبه جزيرة القرم -التي ضمتها روسيا عام 2014- لسلسلة هجمات بطائرات مسيرة كانت جميعها تستهدف الأسطول البحري الروسي المتمركز في ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود.

وفي تقريرها اليومي الذي يتضمن تقييما للتطورات الميدانية في أوكرانيا، قالت الاستخبارات البريطانية إن القتال استمر في أوكرانيا خلال عيد الميلاد عند المسيحيين الأرثوذكس بمستواه المعتاد نفسه.

وأضافت أن القتال الأكثر عنفا لا يزال يدور حول مدينة كريمينا في منطقة لوغانسك التي تشكل مع منطقة دونيتسك المجاورة إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا).

في كنيسة للقياصرة

على صعيد آخر، حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمفرده قداس منتصف الليل بمناسبة عيد الميلاد للكنيسة الأرثوذكسية حسب التقويم الشرقي.

وبدلا من الانضمام إلى المصلين الآخرين في احتفال عام، ظهر بوتين وحيدا وشارك في مراسم الصلاة في كنيسة كاتدرائية البشارة بالكرملين التي صُممت في الأساس للقياصرة الروس.

ونشر الكرملين صورا له يظهر فيها وحيدا بينما ترأس كهنةٌ أرثوذكس بملابس مذهّبة المراسم حاملين شموعا طويلة.

وفي بيان أصدرته الرئاسة الروسية اليوم السبت، أشاد بوتين بدعم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية للحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، والتي يسميها القادة الروس "عملية عسكرية خاصة".

وقال بوتين إنه يعد الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قوة مهمة لتحقيق الاستقرار داخل المجتمع، في وقت قال إنه يشهد صداما تاريخيا بين روسيا والغرب بسبب أوكرانيا وقضايا أخرى.

بُعد ديني ومقدس

ووفقا لوكالة رويترز، فإنه يوجد في روسيا 100 مليون مسيحي أرثوذكسي من بين 260 مليون مسيحي أرثوذكسي في العالم.

وكانت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية أيدت بقوة الحرب التي تشنها روسيا على جارتها الغربية.

ومنذ عدة أسابيع، تحاول موسكو إضفاء بعد ديني ومقدس على هجومها على أوكرانيا، غير أن هذا الخطاب يحدث انقساما حتى داخل الكنيسة الأرثوذكسية، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

والأسبوع الماضي، قال الرئيس الروسي -في رسالة بمناسبة رأس السنة الجديدة- إن "الحق الأخلاقي والتاريخي إلى جانب" روسيا في هذه الحرب.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إن "الهدف المقدس" للهجوم على أوكرانيا هو "إيقاف سيد الجحيم"، وفق تعبيره.

وفي هذا السياق، أرسلت موسكو عشرات الكهنة إلى جبهة القتال لدعم الجنود.

المصدر : الجزيرة + وكالات