حركة النهضة وصفته بالتصعيد الخطير.. منظمات حقوقية تونسية تنتقد ملاحقة رموز المعارضة قضائيا

عبّرت حركة النهضة التونسية عن تضامنها مع السياسيين المستهدفين قضائيا بسبب معارضتهم للرئيس قيس سعيّد، بينما انتقدت منظمات حقوقية استخدام قانون جديد لمكافحة جرائم الاتصال والمعلومات لملاحقة المعارضين.

ويأتي ذلك بعد إعلان رئيس جبهة "الخلاص الوطني" المعارضة أحمد نجيب الشابي إحالته مع 4 من أعضاء الجبهة -وهم: رضا بالحاج، وجوهر بن مبارك، وشيماء عيسى، والرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي- إلى القضاء بتهم من أبرزها الاعتداء على الأمن العام وإهانة الرئيس.

وإلى جانب أعضاء الجبهة الخمسة، أعلن رئيس "الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية" (مستقلة) المحامي العياشي الهمامي، يوم الاثنين، أنه أُحيل على التحقيق من طرف وزيرة العدل بتهمة "استعمال أنظمة الاتصال لنشر إشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على الأمن العام".

واتهمت حركة النهضة في بيان ما وصفتها بسلطة الانقلاب بتبادل الأدوار مع رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، لإحالة المعارضين السياسيين للتحقيق.

واعتبرت الحركة استهداف المعارضين سياسات الرئيس قيس سعّيد تصعيدا ممنهجا وخطيرا، ولا سيما أنه يمرّ عبر الضغط على القضاة بغاية الترهيب والتنكيل بالمعارضين، وعبر خطاب الوعيد بالتصفية وإلحاق التهم الكيدية بالإرهاب وتبييض الأموال، وفق بيان الحركة.

وأكدت الحركة مواصلة نضالها إلى جانب كل القوى الحية، من أجل استقلال السلطة القضائية وعدم توانيها في الملاحقة القانونية لكل من ينخرط في استهداف المناضلين سلميا من أجل استعادة المسار الديمقراطي في البلاد.

كما جددت الحركة مطالبتها بإطلاق سراح علي العريض نائب رئيسها، رئيس الحكومة الأسبق.

انتقادات حقوقية

وانتقدت منظمات حقوقية في تونس، أمس الثلاثاء، استخدام قانون جديد لمكافحة جرائم الاتصال والمعلومات ضد المعارضين، وطالبت بسحبه.

وتأتي انتقادات المنظمات الـ35 الموقعة على بيان مشترك أمس الثلاثاء، إثر إعلان منسق هيئة الدفاع عن القضاة المعزولين العياشي الهمامي عن تلقيه إخطارا للتحقيق معه باستخدام القانون نفسه، بقرار من الرئيس سعيّد منذ عدة أشهر.

وكان الرئيس قيس سعيد أصدر في سبتمبر/أيلول الماضي مرسوما يتصل بالجرائم المرتبطة بالاتصال وأنظمة المعلومات، يفرض عقوبات على مروّجي الإشاعات والأخبار الكاذبة، في خطوة أثارت قلقا واسعا لدى الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان.

وأحيل العياشي الهمامي إلى التحقيق على خلفية تصريحه لإذاعة "شمس إف إم" الخاصة بشأن القضايا المتعلقة بالقضاة المعزولين، وفق بيان المنظمات.

وأوضحت المنظمات -ومن بينها: الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ونقابة الصحفيين- أن التهمة تم تلفيقها للعياشي على خلفية مواقفه من المسار السياسي الحالي، وطالبت بسحب المرسوم عدد 54 لما يمثله من خطر على حرية التعبير وعلى الحريات العامة والفردية.

وفي سياق متصل، دعت جمعية القضاة التونسيين عموم القضاة إلى مواصلة التمسك باستقلالهم وحيادهم، وممارسة مسؤولياتهم القضائية بكامل النزاهة ودون الخضوع لأي ضغوط.

ودان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة ما اعتبره خضوعا من بعض القضاة في محكمة الاستئناف بالعاصمة تونس لأوامر وتعليمات وزيرة العدل بمتابعة المناضلين والنشطاء الحقوقيين.

واعتبرت قرار إحالة المحامي ومنسق هيئة الدفاع عن القضاة المُقالين العياشي الهمامي إلى التحقيق، محاولة للتستر على المعلومة ودليلا على حجم ما وصفتها بالخروق الحاصلة في ملفات القضاة المقالين.

وتعهد سعيّد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 تموز/يوليو 2021، بحماية حرية الصحافة، لكن تواتر القضايا ضد الصحفيين والمدونين أثار انتقادات ومخاوف من ضرب المكسب الرئيسي من الثورة التي أطاحت بالحكم الاستبدادي للرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011.

تصريحات الشابي

وأمس الثلاثاء، قال رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس أحمد نجيب الشابي إنه لن يستجيب لأي استدعاء قضائي، ولن يكون طرفا فيما سماها مسرحية قضائية.

وأضاف الشابي في مؤتمر صحفي أن ما قامت به السلطة ضده لعبة سياسية لن تنطلي على أحد، مؤكدا أن القضاة الذين سيحققون في قضيته لن يفلتوا من العقاب، حسب قوله.

وأشار إلى أن أي مخالف للرأي في تونس أصبح مكانه السجن، وأن الشعب يقاد بالعشرات أمام القضاء، على حد تعبيره.

ودعا رئيس جبهة الخلاص لمظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة يوم 14 يناير/كانون الثاني الجاري لإحياء ذكرى الثورة وضمان الحق في التعبير، مشددا على أن الشعب سيدافع حتى آخر رمق عن حرية الرأي والتعبير وحرية التظاهر.

موقف الرئيس

في المقابل، قال الرئيس سعيّد إنه لا أحد فوق القانون، وإن أجهزة الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام المفسدين وأمام كل من يحاول المساس بها، بحسب تعبيره.

وأكد سعيد -في اجتماع مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن- أهمية استمرارية عمل المرافق العامة، والتصدي لكل من يسعى إلى ضرب السلم الاجتماعي، والحفاظ على الحقوق والحريات وحق المواطنين في الأمن والعيش الكريم، على حد وصفه.

وفي لقاء مع المنصف الكشون، رئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، أكد الرئيس سعيد ضرورة تطهير البلاد من كل من استولى على مقدراتها ويسعى إلى التسلل إلى مؤسساتها، بحسب تعبيره.

واتهم سعيد هذه الأطراف (المعارضة) بالتحالف مع أي جهة كانت للوصول إلى أهدافها، مع اعتقادهم أنهم فوق أي مساءلة أو عقاب.

وكان الرئيس قال قبل أيام إن من الضروري اتخاذ إجراءات ضد من يتطاولون على "رموز الدولة"، معتبرا ذلك اعتداء على أمن الدولة.

ومنذ 25 يوليو/تموز 2021 تشهد تونس أزمة سياسية، حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية منها حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في يوليو/تموز 2022، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته.

وترى قوى تونسية في هذه الإجراءات "تكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تعدّها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي (1987-2011).

أما سعيّد، الذي بدأ عام 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، فقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل".

المصدر : الجزيرة + وكالات