إقالة درعي من الحكومة الإسرائيلية.. خيارات صدامية وسيناريوهات ضبابية
القدس المحتلة- حمل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو إقالة رئيس حركة "شاس" أرييه درعي من منصبيه بوزارتي الداخلية والصحة، في طياته رسائل يرى البعض أنها تشير إلى أن الزعيمين نسقا فيما بينهما الاستقالة والخطوات المستقبلية للالتفاف على قرار المحكمة العليا، الذي قضى بإقالة درعي بسبب إدانته بتهم فساد والتهرب الضريبي.
وأقال رئيس الوزراء رئيس حركة شاس من منصبه الوزاري، تنفيذا لقرار المحكمة العليا الذي قضى بأن درعي ليس أهلا لتولي حقيبة وزارية، وذلك بسبب إدانته مرتين بتهمة الاحتيال على الضرائب والفساد.
وفي خطوة تدل على تنسيق المواقف والخطوات المستقبلية، أبلغ نتنياهو درعي بقرار الإقالة من خلال كتاب رسمي مفصل، قبل أن يعلن رسميا عن ذلك في تصريحات خلال جلسة الحكومة، حيث طلب درعي من نتنياهو أن يعينه في منصب رئيس الوزراء البديل.
ويعكس تنسيق المواقف بين نتنياهو ودرعي والتوافق بين الليكود وشاس حول الخطوات المستقبلية لتفريغ قرار العليا وتقويض صلاحيات الجهاز القضائي، وجودَ أجندة مشتركة للطرفين، تضمن الحفاظ على شاس كشريك ائتلافي إستراتيجي، ودرعي كزعيم سياسي سيبقى له وزنه وثقله بالحكومة حتى وإن استحال توزيره مستقبلا.
وتتقاطع مصالح الليكود حول هدف نتنياهو بالهروب إلى الأمام بالمحاكمة، وإلغاء لوائح الاتهام ضده عبر تفريغ الجهاز القضائي من مضمونه، وهو ما يلتقي مع أجندة درعي المدان بالكثير من ملفات الفساد والتهم الجنائية.
وفي ظل تقاطع المصالح، يجمع محللون بأن الليكود وشاس سيتوصلان إلى تفاهمات لاحتواء الأزمة والحيلولة دون أن تتطور بشكل يؤدي إلى تفكيك الحكومة الإسرائيلية الحالية. مع الإجماع لدى أحزاب الائتلاف بضرورة الدفع قدما نحو الخطة الرامية إلى كبح السلطة القضائية ممثلة بالمحكمة العليا، وجعلها "دمية" لدى السلطة التنفيذية.
توافق وتناغم
ويعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أن التنسيق الواضح بين نتنياهو ودرعي يشير إلى أن نتنياهو لا يمكنه في هذه المرحلة أن يتحدى المحكمة العليا، قبل إنجاز ما يسمى الانقلاب السلطوي على الجهاز القضائي.
ويرى شلحت في حديثه للجزيرة نت أن إقالة درعي بهذا الأسلوب التوافقي والتناغمي بين الليكود وشاس، يفهم في المستقبل على أنها إجراء شكلي لمراعاة المحكمة العليا، دون أن تفقد الاستقالة درعي وزنه وقيمته وحضوره السياسي في الحكومة الإسرائيلية.
وعن الخيارات المستقبلية أمام نتنياهو سياسيا وقانونيا لإعادة درعي إلى الحكومة، يعتقد شلحت أنه لا يوجد أي شيء واضح وحالة من الضبابية تخيم على المسار القانوني، حيث إن إقالة درعي خلقت أزمة دستورية لنتنياهو وحكومته.
مصالح وأهداف
ورجح الباحث في الشأن الإسرائيلي بأن يكون استقرار وبقاء هذه الحكومة مصلحة مشتركة للطرفين سواء الليكود أو شاس.
وأكد الباحث بالشأن الإسرائيلي أنه لا يمكن لأي من قرارات حكومة نتنياهو أن تمر ويصادق عليها دون دعم شاس والحصول على الضوء الأخضر من درعي، الذي يهدف لتحقيق أهداف عامة وأخرى قطاعية وتحقيق مطالب قاعدته الانتخابية.
وأشار شلحت إلى أن إسرائيل وفي ظل الأزمات الدستورية في الحكم، والتوجه نحو فرض إصلاحات في الجهاز القضائي وتقويض سلطة المحكمة العليا، تتجه إلى أن تكون كيانا ذا نظام استبدادي.
خيارات وصدامات
وفي الجانب القانوني، هناك من يرجح أن نتنياهو سيختار مسار تنصيب درعي لمنصب رئيس الحكومة البديل، وهو المسار الذي يحتاج لأن تستقيل الحكومة وتذهب ثانية لنيل ثقة الكنيست.
وتشير التقديرات إلى أن الذهاب مجددا إلى نيل ثقة الكنيست رغم حصول الحكومة على دعم 64 من أعضاء الكنيست، قد يعرض نتنياهو إلى مزيد من الابتزازات من أحزاب الائتلاف، كما أن تنصيب درعي لمنصب رئيس الوزراء البديل ستلغيه المحكمة العليا على الأغلب.
ويعتقد المحاضر في القانون العام بكلية "أونو" الأكاديمية في رمات غان، البروفيسور يعقوب بن شيمش، أن إقالة نتنياهو لدرعي تعكس أن المحكمة العليا حققت انتصارا وإن كان مرحليا حينما قضت وبإجماع القضاة إلغاء تعيين درعي بأي منصب وزاري، وهو مؤشر ربما على أنها ستلغي حتى تعيينه بمنصب رئيس الوزراء البديل.
وبما يخص الخيارات أمام نتنياهو لإعادة شاس للحكومة، أكد شيمش للجزيرة نت أن شاس ستبقى العمود الفقري لحكومة نتنياهو، وإقالة درعي لا يعني انسحابها، مشيرا إلى أن خيارات نتنياهو لإعادة درعي للحكومة تكاد تكون شبه معدومة، وذلك رغم محاولات التعديلات والتشريعات التي ستصطدم مع المحكمة العليا.
أزمات وتداعيات
وأوضح المحاضر في القانون العام أن التطورات على المستويين السياسي والقضائي تشير إلى أن الأمور لا يمكن الدفع بها وتحقيقها بالقوة، حيث إن المحكمة العليا أيضا لها أدواتها الخاصة للتعبئة لتحصين الجهاز القضائي.
ويعتقد شيمش أنه لن يكون هناك أي تعديلات أو قيود في القوانين الأساسية أو إصلاحات في الجهاز القضائي إذا كانت هذه التعديلات والإصلاحات تعتمد فقط على القوة السياسية لأحزاب الائتلاف الحكومة، محذرا من تداعيات الأزمة الدستورية عقب قرار العليا بإقالة درعي.
وأشار إلى أنه في حال لم تنجح حكومة نتنياهو بالتوصل إلى تفاهمات مع الجهاز القضائي وصياغة اتفاقيات مع مختلف المعسكرات السياسية بشأن الإصلاحات بالجهاز القضائي، فسوف تنجر إسرائيل إلى أزمة دستورية وسياسية، والتي ستزداد عمقا إذا بقي نتنياهو وشركاؤه بالائتلاف على ذات النهج.