في مقابلة مع مجلة "لوبوان".. ماكرون: لست مضطرا لطلب الصفح من الجزائر عن الاستعمار وآمل استقبال تبون هذا العام

Fransa Cumhurbaşkanı Macron, Cezayir'de
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يمين) ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته للجزائر في أغسطس/آب 2022 (الأناضول)

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء أمس الأربعاء أنه ليس مضطرا إلى طلب "الصفح" من الجزائريين عن استعمار فرنسا لبلدهم، لكنه يأمل أن يستقبل نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون في باريس هذا العام لمواصلة العمل معه على ملف الذاكرة والصداقة بين البلدين.

وقال ماكرون -في مقابلة مطولة أجراها معه الكاتب الجزائري كامل داود ونشرتها أسبوعية "لوبوان" (Le Point) الفرنسية- "لست مضطرا إلى طلب الصفح، ليس هذا هو الموضوع. من شأن الاقتصار على هذه الكلمة أن يقطع كل الروابط".

وأوضح الرئيس الفرنسي أن "أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن نقول: نحن نعتذر وكل منا يذهب في سبيله"، مشددا على أن "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردا للمستحقات، إنه عكس ذلك تماما".

وأوضح أن عمل الذاكرة والتاريخ "يعني الاعتراف بأن في طيات ذلك أمورا لا توصف، أمورا لا تُفهم، أمورا لا تُحسم، أمورا ربما لا تُغتفر".

ومسألة اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري في الجزائر (1830-1962) هي في صميم العلاقات الثنائية والتوترات المتكررة بين البلدين. وفي 2020 تلقت الجزائر بفتور تقريرا أعدّه المؤرّخ الفرنسي بنجامان ستورا بناء على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين.

وخلا التقرير من أي توصية بتقديم اعتذار أو بإبداء الندم، وهو ما تطالب به الجزائر باستمرار.

وفي مقابلته، قال الرئيس الفرنسي "آمل أن يتمكن الرئيس تبون من القدوم إلى فرنسا في عام 2023" لمواصلة "عمل صداقة.. أعتبره غير مسبوق بين البلدين" بعد الزيارة التي قام بها ماكرون نفسه إلى الجزائر في أغسطس/آب 2022.

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان بالإمكان أن تتخلل الزيارة المرتقبة لتبون إلى فرنسا مشاركة الرئيس الضيف في مراسم تكريم أمام نصب الأمير عبد القادر الجزائري في مقبرة أبطال مقاومة الاستعمار ببلدة أمبواز (جنوب غرب باريس)، قال ماكرون إن أمرا مثل هذا سيكون "لحظة جميلة جدا وقوية جدا".

وأضاف "أتمنى حصول ذلك".

واعتبر ماكرون أن إقامة مراسم كهذه "سيكون لها معنى في تاريخ الشعب الجزائري. وبالنسبة للشعب الفرنسي، ستكون فرصة لفهم حقائق مخفية في كثير من الأحيان".

والأمير عبد القادر (1808-1883) قائد سياسي وعسكري جزائري عرف بمقاومته للاحتلال الفرنسي واعتُقل في أمبواز مع العديد من أفراد عائلته من 1848 حتى 1852.

وضاعف ماكرون المبادرات في ملف الذاكرة، معترفا بمسؤولية الجيش الفرنسي في مقتل عالم الرياضيات موريس أودين والمحامي الوطني علي بومنجل خلال "معركة الجزائر" عام 1957، ومنددا بـ"جرائم لا مبرر لها" ارتكبها الجيش الفرنسي خلال المذبحة التي تعرض لها المتظاهرون الجزائريون في باريس في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961.

لكن الاعتذارات التي تنتظرها الجزائر عن استعمارها لم تأت قط، وذلك ما أحبط مبادرات ماكرون وزاد سوء التفاهم بين الجانبين.

وساعدت الزيارة التي قام بها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس/آب الماضي على إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها بعد الأزمة التي أشعلتها تصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي في أكتوبر/تشرين الأول 2021، واتهم فيها "النظام السياسي العسكري" الجزائري بإنشاء "ريع للذاكرة"، وشكك كذلك بوجود أمّة جزائرية قبل الاستعمار.

وفي مقابلته مع لوبوان، أقر ماكرون بخطأ تصريحاته تلك وقال "قد تكون عبارة خرقاء وقد تكون جرحت مشاعر" الجزائريين، معتبرا في الوقت نفسه أن "لحظات التوتر هذه تعلمنا؛ عليك أن تعرف كيف تمدّ يدك مجددا".

المصدر : الفرنسية + لوبوان