أردوغان: أوروبا تحصد ما زرعت.. روسيا تتهم أميركا بالوقوف خلف أزمة إمدادات الغاز بالقارة العجوز
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن العقوبات التي فرضتها أوروبا على روسيا بسبب حرب أوكرانيا دفعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستعمال سلاح الغاز للرد، في حين قال وزارة الخارجية الروسية إن الولايات المتحدة هي من أثار أزمة إمدادات الغاز في أوروبا عبر دفع قادة أوروبا نحو وقف التعاون في مجال الطاقة مع روسا.
وقال أردوغان في مؤتمر صحفي في العاصمة التركية أنقرة قبل زيارته 3 دول في منطقة البلقان، إن بلاده لا تعاني من مشاكل في مخزون الغاز الطبيعي، مضيفا أن "أوروبا تحصد ما زرعت، وذلك بسبب موقفها من الرئيس بوتين وفرضها للعقوبات، مما دفعه إلى الرد على ذلك باستعمال ما يملكه من إمكانيات وأسلحة، للأسف، الغاز الطبيعي إحداها".
وتوقع الرئيس التركي أن تعاني أوروبا من مشاكل جدية في الشتاء المقبل فيما يتعلق بإمدادات الطاقة.
ورغم رفض تركيا شن روسيا الحرب على جارتها أوكرانيا، فإنها لم تتبع الدول الغربية في فرض عقوبات اقتصادية مشددة على موسكو ردا على شن الحرب.
اتهام روسي
وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا لوكالة رويترز، اليوم الثلاثاء، بأن أزمة إمدادات الغاز في أوروبا عقب وقف ضخه عبر خط "نورد ستريم 1" (Nord Stream 1) سببها واشنطن، موضحة أن الولايات المتحدة سعت منذ فترة طويلة إلى قطع مشاريع الطاقة بين روسيا والقوى الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا، رغم أن موسكو كانت موردا للطاقة يمكن التعويل عليه منذ الحقبة السوفياتية على حد قوله زاخاروفا.
وكانت واشنطن قد فرضت عقوبات على الشركة المكلفة بإنشاء مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2" (Nord Stream 2) بين برلين وموسكو إبان عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وذلك للحيلولة دون سيطرة روسيا على سوق الطاقة الأوروبية، وتوظيف إمدادات الغاز الطبيعي المسال كسلاح.
وعقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، رفضت ألمانيا الموافقة على الترخيص لمشروع "نورد ستريم 2" بعد اكتمال مختلف مراحله الإنشائية.
ويقول الكرملين إن الغرب تسبب في أزمة الطاقة بفرضه أشد العقوبات في التاريخ الحديث على موسكو ردا على حرب أوكرانيا، وهي خطوة يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنها أشبه بإعلان حرب اقتصادية.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الطاقة الروسي شولغينوف أنه لم يتخذ أي قرار بشأن استئناف عمل خط "نورد ستريم 1" وفق ما نقلت عنه وكالة رويترز، والخط الرابط بين روسيا وألمانيا عبر بحر البلطيق هو المصدر الرئيسي لتزويد أوروبا بالغاز الطبيعي الروسي.
وأضاف الوزير الروسي في كلمته أمام المشاركين في المنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك (جنوب شرقي روسيا) أن "أي إجراءات لفرض حد أقصى للأسعار ستؤدي إلى عجز في الأسواق (بالنسبة للدول التي تطبق ذلك)، وستزيد تقلب الأسعار".
كما نقلت الوكالة عن فيتالي ماركيلوف نائب الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم الروسية قوله إن الشركة لن تعيد استخدام خط "نورد ستريم 1" حتى تقوم شركة "سيمنز" (Siemens) الألمانية بإصلاح العطل الذي أصابه.
وأعطى وزراء مالية مجموعة السبع (الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا وفرنسا وكندا) الضوء الأخضر يوم الجمعة الماضي لفكرة وضع حد أقصى لسعر الخام الروسي لتقليص مصدر الدخل الرئيسي للخزينة الروسية.
وقبل أن ترسل روسيا عشرات الآلاف من قواتها إلى أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي كان ما يقارب نصف صادرات روسيا من الخام والمنتجات النفطية يذهب إلى أوروبا، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
وذكرت وكالة رويترز أن شركتي "غازبروم" الروسية والبترول الوطنية الصينية وقعتا اتفاقية لشراء وبيع الغاز لخط أنابيب سيبيريا، وقالت الشركة الروسية إنه تم الانتقال إلى سداد مدفوعات إمدادات الغاز الروسي للصين بعملتي الروبل واليوان.
وكانت وزارة المالية الروسية قالت أمس الاثنين إنها حققت إيرادات إضافية للميزانية قدرها 403.4 مليارات روبل (6.65 مليارات دولار) في سبتمبر/أيلول الحالي بفضل ارتفاع أسعار النفط.
أوروبا والصين
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قالت أمس الاثنين إن مقترحات المفوضية للتغلب على زيادات حادة في أسعار الطاقة ستهدف إلى وضع سقف لسعر الغاز الروسي المرسل إلى أوروبا عبر خطوط أنابيب.
وتدعم إيطاليا وفرنسا مقترح الاتفاق على وضع سقف لسعر الغاز المستورد من روسيا، لكن محللين قالوا إن بعض دول الاتحاد الأوروبي تشعر بقلق حيال تلك الفكرة بالنظر إلى خطر أن ترد روسيا بقطع إمدادات الغاز إلى أوروبا.
وقالت وزيرة الطاقة الفرنسية أنييس بانييه روناشر، اليوم الثلاثاء، إن بلادها أتمت استعداداتها بشكل جيد لاستقبال فصل الشتاء، رغم أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وأضافت الوزيرة أن معدل تعبئة الاحتياطيات الفرنسية الإستراتيجية من الغاز بلغ أعلى مستوى، ووصل إلى الحد الأقصى من المخزون.
من جهة أخرى، أبدت الصين معارضتها أمس الاثنين لوضع أي حد لأسعار النفط الروسي، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "النفط هو إحدى السلع الأساسية في الأسواق العالمية، ومن المهم ضمان أمن الإمدادات العالمية".
وقد أصبحت الصين من أكبر مشتري الخام الروسي في العالم بعدما قلصت أوروبا بشدة مشترياتها منه.
تبادل الاتهامات
وكان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف اتهم قبل يومين الساسة الأوروبيين بارتكاب أخطاء كثيرة يجب أن يُدفع ثمنها، وألقت شركة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم" باللوم في إغلاق "نورد ستريم 1" على العقوبات الغربية والمسائل الفنية التي حرمت خط الأنابيب من معدات تضمن عمله بشكل سليم.
في المقابل، تتهم أوروبا روسيا باستخدام إمدادات الطاقة سلاحا للانتقام من العقوبات الغربية على موسكو، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن "بوتين يستخدم الطاقة سلاحا لقطع الإمدادات والتلاعب بأسواقنا للطاقة، هو سيفشل وأوروبا ستنتصر".
وتتزامن أزمة الطاقة في أوروبا هذا العام مع موجة جفاف بالقارة العجوز وارتفاع كبير في المعدلات العالمية للتضخم، في ظل استمرار تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية على الاقتصاد العالمي، مما يثير التساؤلات عن قدرة بلدان القارة على تخزين الكمية المطلوبة لفصل الشتاء المقبل.