مأساة جديدة.. حزن وغضب إثر غرق قارب مهاجرين قبالة طرطوس

هزّت حادثة غرق زورق لبناني على متنه مهاجرون غير نظاميين، قبالة السواحل السورية الرأي العام وخلّفت حالة من الأسى والحزن والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع ارتفاع حصيلة الضحايا، ليتجاوز عدد الذين لقوا مصرعهم أكثر من 70 شخصا.
وبدأ العثور على جثث في البحر قبالة ساحل طرطوس بعد ظهر أمس الخميس، ولم توضح السلطات السورية بعد ماذا حدث لزورق المهاجرين، وأغلبهم من اللبنانيين واللاجئين السوريين.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsتايمز: هجرة قياسية من تونس هذا العام شملت المهنيين والفتيات وحتى الأطفال
ميديا بارت: المهاجرون يموتون والعالم يتفرج
ومع توقف جهود الإنقاذ خلال ساعات الليل بسبب ظروف جوية غير مواتية، من بينها ارتفاع الأمواج، يواصل المتابعون للحادثة التفاعل والتعليق في حالة من الحزن والأسى.
غرق مركب انطلق من شمال لبنان
قبالة محافظة طرطوس على الساحل السوري وعمليات الإنقاذ و الانتشال مازالت مستمرة يتشارك فيها الناس والصيادون مع البحرية السورية ودعوات من المساجد للمساعدة
آخ يا وجع القلب🖤 pic.twitter.com/hP2pJVGSwd— ramia al ibrahim – راميا الابراهيم (@ramiaalibrahim) September 22, 2022
مأساة جديدة
وعلى منصات التواصل الاجتماعي في لبنان وسوريا أكد الناشطون والمتابعون أن الفقر والجوع وراء حادثة الغرق، واصفين هذه الحادثة بـ" المأساة الجديدة" التي تدمي القلب قهرا، مستخدمين وسم #زورق_ الموت في تدويناتهم وتغريداتهم.
وانتشرت على الشبكات صور ومقاطع الفيديوهات التي توثق حالات الغرق، وتداول المتابعون على نطاق واسع مقطعا يظهر مجموعة من الجثث تطفو على سطح البحر تتقاذفها الأمواج.
من الموت إلى الموت 💔#زورق_الموت #syria pic.twitter.com/vVNfsBD5fY
— kawthar qshqosh (@KawtharQshqosh) September 22, 2022
وتناقل المتابعون مقطع فيديو نشرته جريدة الوطن الموالية للنظام السوري يوثّق عمليات البحث للطيران المروحي فوق بحر طرطوس، مساء أمس الخميس.
كما انتشرت منذ الصباح صور لما قيل إنها سواحل طرطوس، حيث تظهر أغراض وملابس وأحذية وحقائب صغيرة، يبدو أنها تعود للمهاجرين، في حين بدأ نشر صور جنازات الغرقى يتزايد.

أسباب ولوم
واتفق عدد من المعلقين على أن ظروف الحياة الصعبة وانسداد الأفق دفع هؤلاء لركوب البحر بحثا عن حياة أفضل، وألقوا باللوم على السلطات والحكومات التي لم توفّر لهم الحد الأدنى للعيش بكرامة في بلدانهم.
وألقى آخرون باللوم على الحرب في سوريا وما خلفته من دمار وشتات لملايين السوريين الذين شردوا وقتلوا ومات بعضهم في رحلتهم للنجاة من واقعهم الأليم.
انتشال عشرات الجثث وبحث عن مفقودين.. تفاصيل حادثة غرق مركب يحمل أكثر من 100 مهاجر قبالة سواحل #طرطوس#رقمي pic.twitter.com/zNHag6qsnk
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) September 23, 2022
وفي المقابل، انتقد آخرون المجازفة واتخاذ قرار الإبحار في "قوارب الموت" دون الخوف من العواقب، خاصة مع تكرر حالات الموت غرقا في البحر.
وفي تصريح له لصالح قناة الجديد اللبنانية، قال وزير النقل اللبناني علي حمية "الزورق الذي غرق قبالة طرطوس خشبي وصغير جدا ووصل إلى لبنان منذ شهرين".
وتابع "بناء على المعطيات من أحد الناجين وفق ما أخبرني وزير النقل السوري فإن عدد من كانوا على الزورق يفوق الـ120 شخصا".
بعد ورود المعلومات من سوريا ، بأن زورقا يحمل على متنه لبنانيين وغير لبنانيين ، قد غرق قبالة ساحل طرطوس في سوريا ، قمنا بسلسلة من الاتصالات متابعة لهذا الموضوع،حيث تم التواصل مباشرة مع وزير النقل السوري زهير خزيم، الذي أكد لنا ، بأنه تم لغاية ألان انتشال ٣٣ ضحية و١٦ من الناجين
— Ali Hamie | علي حمية (@alihamie_lb) September 22, 2022
مأساة وتعليقات
وتعليقا على الحادثة، غرّد النائب اللبناني مارك ضو على الحادثة قائلا "البحر تحول إلى منصة محورية لهجرة غير شرعية لمواطنين يحاولون الهرب من واقعهم الأليم، في ظل التقاعس والتجاهل بتحمّل المسؤولية واستمرار النهج المافياوي التدميري"، وفق وصفه.
وأضاف "زوارق الموت تكشف المزيد من مآسي اليائسين والهاربين والغارقين في الأزمات المتراكمة نتيجة سيطرة منظومة الموت. لن تستقيم الأمور إلا في انتظام الدولة ومؤسساتها".
البحر تحول إلى منصة محورية لهجرة غير شرعية لمواطنين يحاولون الهرب من واقعهم الأليم، في ظل التقاعس والتجاهل بتحمّل المسؤولية واستمرار النهج المافياوي – التدميري.
— Mark B. Daou 🅱️➕ (@DaouMark) September 22, 2022
أما النائب اللبناني حسن مراد فقال "مرة جديدة تسرق مراكب الموت خيرة شبابنا وزهرة أطفالنا، وتدفع طرابلس الحبيبة ثمن الحرمان والفساد.. اليوم سرق البحر عشرات الأبرياء الهاربين من الفقر والجوع الذي أرغموا عليه ولم نسمع مسؤولا تحرك أو حاسب. رحم الله الضحايا وألهم ذويهم واللبنانيين الصبر على هذا البلاء السياسي".
من جانبه، كتب الصحفي ثائر عباس "نحن قوم نلفظ أولادنا في البحر والبر والجو قاسمهم المشترك يأس مقيم وحاجة ملحة للهرب".
نحن قوم نلفظ اولادنا في البحر والبر والجو…قاسمهم المشترك يأس مقيم وحاجة ملحة للهرب..#زورق_الموت #طرطوس #طرابلس #لبنان
— thaer abbas ثائر عباس (@thaerabbas) September 22, 2022
أما الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة فقد قال في تغريدة له "من جديد يأخذ البحر نصيبه من أرواح أبنائنا (..) أي بؤس هذا الذي يطاردنا، ويدفع أبناءنا إلى البحث عن حياة في الفضاء البعيد؟ يا لبشاعة من حوّلوا ربيع شعوبنا إلى موت ودمار".
من جديد يأخذ البحر نصيبه من أرواح أبنائنا.
34 على الأقل (لبنانيون وسوريون وفلسطينيون) لقوا حتفهم أمس بغرق قارب قرب طرطوس السورية؛ كان قد أبحر من شمال لبنان.
أي بؤس هذا الذي يطاردنا، ويدفع أبناءنا إلى البحث عن حياة في الفضاء البعيد؟!
يا لبشاعة من حوّلوا ربيع شعوبنا إلى موت ودمار.— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) September 23, 2022
في حين عبّر الصحفي السوري المعارض سعيد اليوسف عن قهره، معتبرا أن السوريين الذي فروا هربا من نظام الرئيس بشار الأسد وقبلوا بالتهجير والتشريد، ماتوا اليوم أمام سواحل طرطوس، وكأن الموت أرحم من البقاء على قيد الحياة.
أزمات وتداعيات
ولبنان الذي يبلغ عدد سكانه 4.5 ملايين نسمة، يستضيف 1.5 مليون لاجئ سوري فرّوا من الحرب التي تعصف ببلدهم منذ أكثر من 10 سنوات. إضافة إلى ذلك يعيش عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، غالبيتهم في 12 مخيما.
ووفقا للبنك الدولي، يمر لبنان منذ 2019 بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية على الصعيد الدولي منذ عام 1850، سببها سوء الإدارة وفساد الطبقة الحاكمة التي ظلت دون تغيير تقريبا لعقود.
وفي ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، تضاعف عدد المهاجرين الذين يحاولون الفرار بحرا وغالبا ما تكون وجهتهم جزيرة قبرص.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، أسفر غرق مركب يحمل مهاجرين قبالة طرابلس (شمال) عن مصرع 6 منهم وأثار استياء شديدا في البلد المتأزم.
ووفقا للأمم المتحدة، حاول ما لا يقلّ عن 38 زورقا يحمل أكثر من 1500 شخص مغادرة لبنان منذ 2020.
وفي 13 سبتمبر/ أيلول الحالي أعلن جهاز خفر السواحل التركي مقتل 6 مهاجرين بينهم طفلان في عرض بحر إيجه، في حين جرى إنقاذ 73 آخرين كانوا يحاولون الوصول إلى إيطاليا بعدما انطلقوا من طرابلس في شمال لبنان.
وتعلن السلطات اللبنانية مرارا إحباطها محاولات هجرة غير شرعية عبر البحر.