تفخر بقوات احتياط مليونية.. روسيا تنشر تفاصيل التعبئة الجزئية وميدفيديف يلوح بالنووي لحماية أي مناطق تنضم لبلاده

بوتين بين قادته العسكريين أثناء إشرافه على مناورات للقوات الروسية (الأوروبية-أرشيف)

لا تزال ردود الفعل الغربية تتوالى إزاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنفيذ تعبئة جزئية لجنود الاحتياط للقتال في أوكرانيا، وقد كررت موسكو اليوم الخميس تلويحها باستخدام أسلحة نووية ولا سيما مع استعداد إدارات انفصالية في أوكرانيا لإجراء استفتاءات للانضمام إلى روسيا.

وقال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف -الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي- إن بلاده مستعدة لاستخدام كل الوسائل بما فيها الأسلحة النووية الإستراتيجية للدفاع عن الأراضي التي ستنضم إليها.

وشدد ميدفيديف على أن الاستفتاءات المزمعة -التي قررت السلطات الانفصالية الموالية لروسيا إجراءها في مناطق واسعة شرق أوكرانيا وجنوبها- سوف تجرى، و"لا رجعة" في ذلك، حسب تعبيره.

وأضاف المسؤول الروسي أن "على المنظومة الغربية وكل مواطني دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) عموما أن يفهموا أن روسيا قد اختارت طريقها الخاص".

من جهته، أعلن الكرملين اليوم أن وضع "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا لم يتغير بعد الإعلان عن التعبئة الجزئية.

وعلق الكرملين على أنباء عن حدوث نزوح عبر المطارات الروسية ومعابر الحدود البرية بعد إعلان التعبئة، قائلا إنها تقارير "مبالغ فيها".

وفيما يتعلق بالاحتجاجات التي خرجت عقب القرار، أكد الكرملين أن اعتقال المتظاهرين الرافضين للتعبئة لا يتعارض مع القانون.

عقوبات أوروبية

في غضون ذلك، اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على إعداد عقوبات جديدة ضد موسكو تستهدف أفرادا وهيئات.

وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل -في مؤتمر صحفي اليوم- إن الاتحاد سيفرض عقوبات إضافية ولن يعترف بأي مناطق تضمها روسيا.

ورأى هذا المسؤول الأوروبي أن روسيا اختارت "زيادة ثمن الحرب بإعلانها التعبئة الجزئية".

وكان بوريل قد أعلن -في ختام اجتماع استثنائي غير رسمي عقده وزراء خارجية الاتحاد، مساء الأربعاء، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك- أن الوزراء اعتمدوا بيانا "يدين بشدة التصعيد الروسي الأخير".

وأوضح أنه لم يكن ممكنا فرض العقوبات على روسيا باجتماع الأربعاء لأنه لم يكن رسميا، مشيرا إلى أن قرارا نهائيا بهذا الصدد يفترض أن يصدر في اجتماع رسمي للتكتل، كما أكد أن دول الاتحاد ستواصل زيادة مساعداتها العسكرية لأوكرانيا.

وفي سياق الإجراءات الغربية أيضا، أفاد مراسل الجزيرة بأن النرويج علقت اليوم اتفاقية تسهيل التأشيرات مع روسيا مؤقتا.

من جهة أخرى، تعهدت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، في خطابها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بمواصلة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا إلى حين انتصارها على روسيا.

وقالت زعيمة حزب المحافظين رئيسة الحكومة "في هذه اللحظة الحرجة من النزاع، أعد بأننا سنواصل، أو نزيد، دعمنا العسكري لأوكرانيا".

وبذلك حذت تراس حذو العديد من القادة الغربيين الذين شنّوا من على منبر الجمعية العامة هجوما حادا على الرئيس الروسي بعد ساعات قليلة من إعلانه أول تعبئة للقوات وقت القتال، منذ الحرب العالمية الثانية.

وعادت تراس لتقول إن قرار بوتين استدعاء جزء من احتياطي الجيش يعكس "الفشل الذريع" الذي منيت به قواته في محاولتها غزو أوكرانيا، ويعزز تصميم الحلفاء الغربيين على دعم كييف. وأضافت "بينما أنا أتحدث، هناك أسلحة بريطانية جديدة تصل إلى أوكرانيا".

وأكدت تراس -التي تولت رئاسة الوزراء أخيرا- أن بلادها تتعهد بإنفاق 3% من إجمالي ناتجها المحلي على موازنة الدفاع بحلول 2030، وهي نسبة أعلى بكثير من الحد الأدنى البالغ 2% والمفترض بالدول أعضاء حلف الناتو إنفاقه على الأغراض الدفاعية.

احتجاجات

وقد أفادت تقارير صحفية غربية باندلاع احتجاجات في مدن روسية عديدة رفضا لقرار التعبئة الجزئية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن منظمة "أو في دي-إنفو" غير الحكومية أنها رصدت اعتقال السلطات الروسية 1332 شخصا في مظاهرات خرجت الأربعاء في 38 مدينة، عقب إعلان بوتين قرار التعبئة في خطاب متلفز إلى الأمة.

ووصفت الوكالة الفرنسية هذه الأحداث بأنها أكبر احتجاجات منذ تلك التي أعقبت إعلان بوتين قراره شن عملية عسكرية في أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط الماضي.

وقالت أيضا إن عناصر من الشرطة، مزودين بعتاد مكافحة الشغب، أوقفوا 50 شخصا على الأقل في شارع تسوق رئيسي وسط العاصمة موسكو.

وأضافت أن عناصر من الشرطة في سان بطرسبورغ أحاطوا بمجموعة صغيرة من المتظاهرين، واعتقلوهم الواحد تلو الآخر، وكانوا يهتفون "لا للحرب، لا للتعبئة".

تفاصيل التعبئة

وبمقتضى مرسوم التعبئة الذي وقعه بوتين، يجري استدعاء فوري لجزء من قوات الاحتياط ممن خدموا سابقا بالجيش ولديهم خبرة قتالية أو مهارات عسكرية متخصصة، ولن يشمل القرار الطلاب أو المجندين الذين يخدمون لفترات إلزامية مدتها 12 شهرا بالقوات المسلحة.

ووفقا لما صرح به وزير الدفاع سيرغي شويغو للتلفزيون الرسمي الأربعاء، فإن الجيش سيستدعي في البدء 300 ألف جندي على مراحل، بدلا من استدعاء كامل يعتمد على قوة احتياطية هائلة قوامها 25 مليونا كما قال الوزير.

وأوضح شويغو أن المهمة الرئيسة لجنود الاحتياط ستكون تعزيز خط الجبهة في أوكرانيا، الذي يتجاوز طوله حاليا ألف كيلومتر.

وفضلا عن تصريحات وزير الدفاع، نشرت تفاصيل أخرى لخطة التعبئة على موقع الكرملين -على الإنترنت- الذي قال إن جزءا من المرسوم لم ينشر عن عمد.

وتتطلع القوات الروسية إلى جنود شغلوا من قبل مواقع محددة ومتخصصة بالجيش، مثل سائقي الدبابات وخبراء المفرقعات والقناصة، لكن القائمة الدقيقة للتخصصات التي يطلبها الجيش سرية لأنها ستكشف عن المجالات التي ينقصها أفراد.

وسيحصل جنود الاحتياط على حوافز مالية، كما أن مستوى أجورهم سيتساوى مع أجور العسكريين العاملين بصفة دائمة في القوات المسلحة الذين يتقاضون رواتب أكبر بكثير من متوسط الأجور في البلاد.

ولا يمكن الخروج من الجيش أو من قوة الاحتياط إلا لأسباب تتعلق بالسن أو الصحة، وهو ما تبتّ فيه لجنة طبية عسكرية، أو لمن صدر بحقهم حكم قضائي بالسجن.

من جهة أخرى، قالت وزارة الدفاع البريطانية، اليوم، في منشورها الاستخباري اليومي عبر تويتر، إن من المرجح أن تواجه روسيا تحديات لوجستية وإدارية في تعبئة 300 ألف فرد، واستبعدت أن تكون هذه القوات جاهزة للقتال إلا بعد أشهر عدة.

وأشارت الدفاع البريطانية إلى أن هذه التعبئة الجزئية لن تحظى على الأرجح بتأييد واسع لدى قطاعات من الشعب الروسي، وبذلك فإن بوتين يتحمل مخاطر سياسية كبيرة على أمل توليد قوة قتالية تشتد الحاجة إليها، وفقا للمنشور.

وأضافت أن هذه الخطوة في الواقع اعتراف بأن روسيا قد استنفدت مخزونها من المتطوعين الراغبين بالقتال في أوكرانيا.

وفي سياق التطورات الميدانية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم أن قواتها دمرت راجمة صواريخ أميركية من طراز هيمارس في مقاطعة خيرسون جنوبي أوكرانيا.

في الوقت نفسه، أعلن جهاز أمن الدولة الروسي إحباط محاولة هجوم أوكرانية على منشأة للنفط والغاز تزود تركيا وأوروبا بالطاقة.

وشرق أوكرانيا، أعلن عمدة دونيتسك الموالي لروسيا مقتل ما لا يقل عن 5 مدنيين جراء قصف القوات الأوكرانية سوقا بالمدينة.

المصدر : الجزيرة + وكالات