العراق.. المبعوثة الأممية تلتقي الصدر والآلاف من أنصاره يقيمون "صلاة جمعة موحدة" في بغداد

أنصار التيار الصدري في ساحة الاحتفالات بالمنطقة الخضراء لأداء "صلاة جمعة موحدة" (الفرنسية)

أدى عشرات الآلاف من أنصار التيار الصدري "صلاة الجمعة الموحدة" التي دعا إليها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد و4 محافظات أخرى، في حين التقت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في البلاد هينيس بلاسخارت وزعيم التيار في مقر إقامته بمحافظة النجف.

وقال مهند الموسوي خطيب "الجمعة الموحدة" في بغداد إن ما وصل إليه العراق اليوم جاء نتيجة ما وصفه بالفساد.

واتهم الموسوي ما سماها الأحزاب المتسلطة التابعة للخارج بالتسبب في الأزمة الحالية للعراق، حسب تعبيره.

وقد احتمى بعض المتظاهرين تحت مظلات من أشعة الشمس الحارقة والحرارة التي تفوق 46 درجة مئوية، رافعين الأعلام العراقية وصور الصدر، وساروا على دربٍ طويل يؤدي إلى الساحة، ورددوا في الأثناء هتاف "نعم نعم للسيد" في إشارة إلى الصدر.

ودعا زعيم التيار الصدري أنصاره في محافظات النجف وكربلاء وبابل وواسط -إضافة إلى بغداد- للمشاركة في أداء "الصلاة الموحدة" كما طالبهم بالتقيد بتعليمات الأجهزة الأمنية.

وتعد هذه الصلاة الثانية من نوعها التي يدعو إليها الصدر منذ منتصف يوليو/تموز الماضي، حيث أقيمت الأولى في شارع الفلاح وسط حي الصدر الشيعي بمشاركة شعبية غفيرة.

واتخذت السلطات وسرايا السلام التابعة للصدر إجراءات أمنية مشددة، وقامت بأوسع حملة لتنظيف الساحة وتهيئتها لإقامة "الصلاة الموحدة".

كما اتخذت إجراءات أمنية مشددة في جميع الشوارع والساحات المؤدية إلى المنطقة الخضراء الحكومية، وتم إغلاق عدد من الجسور أمام حركة السيارات لتسهيل وصول المصلين.

ويواصل أنصار الصدر اعتصامهم لليوم السابع داخل مبنى البرلمان للمطالبة بحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، والقصاص من الفاسدين، ورفض ترشيح محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة الجديدة.

تحركات أممية

وفي النجف، التقت رئيسة البعثة الأممية زعيم التيار الصدري في منزله بمدينة النجف، وبحثا سبل حل الأزمة الراهنة، دون ذكر مزيد من التفاصيل حتى الآن.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن بلاسخارت قولها إنها ناقشت مع الصدر أهمية إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد.

ويأتي هذا بعد يوم واحد من لقاء جمع المبعوثة الأممية مع زعيم تحالف الفتح والقيادي بالإطار التنسيقي هادي العامري في بغداد.

بدوره، أشار موقع ستراتفور الأميركي إلى أن التنافس بين الفصائل الشيعية بالعراق يحول دون تشكيل حكومة جديدة، وينذر هذا الشلل السياسي بالتحول إلى صراع عنيف وعميق يقلل من قدرة الحكومة المحدودة على حل الأزمات الاقتصادية العديدة وتخفيف الاضطرابات الاجتماعية.

ووفقا للموقع فإنه بغض النظر عن السيناريو الذي سيحدث، ستستمر المشاكل الاقتصادية الهيكلية العميقة بالعراق دون حل لدوافع الاضطرابات، على الرغم من ارتفاع أسعار النفط التي تفيد الاقتصاد.

من جانب آخر، قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية إن المواجهة الحالية خطيرة (في العراق) لأن جميع أطرافها مدججون بالسلاح.

ووصفت المجلة النظام السياسي في العراق بأنه محطم ومن المثير للدهشة أنه صمد كل هذا الوقت، مشيرة إلى أن أي انتخابات مقبلة ستؤدي إلى النتائج نفسِها ما لم تتشكل كتلتان سياسيتان تتمتعان بأغلبية واضحة تتيح لهما السيطرة على البرلمان.

موقف الحشد الشعبي

في سياق متصل، رأت هيئة الحشد الشعبي أن دعوة التيار الصدري لإجراء انتخابات مبكرة ستكون حلا للأزمة الراهنة فقط إذا وافقت كل الأطراف، في حين ذكر الإطار التنسيقي (موال لإيران) أنه سيوافق على الانتخابات المبكرة بشرط تحقيق الإجماع.

وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة، قال رئيس هيئة الحشد، فالح الفياض، إن دعوة زعيم التيار الصدري لإجراء انتخابات مبكرة ستكون حلا للأزمة الراهنة فقط إذا وافقت كل الكتل السياسية عليها.

كما أوضح الفياض أن الإطار التنسيقي لم يتخذ بعد موقفه الرسمي من دعوة الصدر لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

وأضاف أن إجراء الانتخابات يتطلب إجراءات منها الاتفاق على إدارة المرحلة الحالية، لأن الحكومة الحالية لتصريف أعمال وليست لديها صلاحيات تنظيم الانتخابات، على حد تعبيره.

كما أصدر الحشد الشعبي بيانا قال فيه "نثني على دعوة زعيم التيار الصدري للحشد إلى اتخاذ موقف الحياد من الأزمة".

وبدوره، أصدر الإطار التنسيقي مساء أمس بيانا أكد فيه دعمه لأي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية و"تحقيق مصالح الشعب، بما في ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها وتوفير الأجواء الآمنة لإجرائها".

وشدد الإطار التنسيقي على وجوب أن "يسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها".

وجاء في البيان أيضا "يبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب".

وصدر هذا البيان عقب اجتماع طارئ ضم القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري، وذلك في منزل رئيس تيار "الحكمة" عمار الحكيم، لمناقشة آخر المستجدات.

ومن جانبه كشف الأمين العام لكتائب "سيد الشهداء" (الموالية لإيران) أبو آلاء الولائي -في تغريدة على تويتر- أن الاجتماع أسفر عن الاتفاق على عدم التجديد لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، ورفض إبقائه رئيس تسوية للمرحلة المقبلة.

ومن ناحيته، أعلن زعيم تحالف الفتح أنه يؤيد إجراء انتخابات مبكرة، وأكد العامري أن ذلك يتطلب حوارا شاملا لتحديد موعد إجرائها ومتطلبات ذلك.

دعوة الصدر

وتأتي هذه التطورات بعدما أشار الصدر -في بيان نشره على تويتر- لوجود ما سماه "فسطاط التيار وفسطاط الإطار" مضيفا أن هذا "لا يعني أن إخوتنا في الحشد الشعبي محسوبون على إحدى تلك الجهتين".

وأضاف أنه على يقين أنهم يشاطرونه وحدة الصف ضمن الأطر السماوية والدينية والإنسانية والعقائدية، مؤكدا أن وحدة الصف في غاية الأهمية إذا بُنيت على الإصلاح الحقيقي ونبذ الفساد والفاسدين ومحاسبتهم.

وكان الصدر دعا -في خطاب متلفز أول أمس- إلى حلّ البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبرا أنه "لا فائدة ترتجى من الحوار" في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.

وفي خطابه، دعا زعيم التيار الصدري أنصاره إلى الاستمرار باعتصامهم حتى تنفيذ المطالب بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وتحقيق عملية ديمقراطية ثورية سلمية.

المصدر : الجزيرة + وكالات