العراق يحيي الذكرى الثامنة لمجزرة تنظيم الدولة ضدهم.. من هم الإيزيديون؟

نحو 1200 إيزيدي قتل، واختطف وسبي أكثر من 6 آلاف آخرين خلال سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل عام 2014

A displaced child from minority the Yazidi sect, fleeing violence from forces loyal to Islamic State in Sinjar town, carries a bottle of water as he makes his way to the Syrian border, on the outskirts of Sinjar mountain, near the Syrian border town of Elierbeh of Al-Hasakah Governorate August 10, 2014. Islamic State militants have killed at least 500 members of Iraq's Yazidi ethnic minority during their offensive in the north, Iraq's human rights minister told Reuters on Sunday. The Islamic State, which has declared a caliphate in parts of Iraq and Syria, has prompted tens of thousands of Yazidis and Christians to flee for their lives during their push to within a 30-minute drive of the Kurdish regional capital Arbil. Picture taken August 10, 2014. REUTERS/Rodi Said (IRAQ - Tags: POLITICS CIVIL UNREST CONFLICT)
مصير مئات المختطفين ما زال مجهولا (رويترز)

يحيي العراق، اليوم الأربعاء، الذكرى الثامنة لما يعرف بالإبادة الإيزيدية، حيث قتل وخطف تنظيم الدولة الإسلامية مئات الإيزيديين من مناطق محافظة نينوى شمال العراق خلال اجتياحه للمحافظة وأجزاء أخرى من شمال وشمال غرب العراق عام 2014.

ودعا الرئيس العراقي برهم صالح، في بيان بالمناسبة، إلى الكشف عن مصير 2700 مختطف من الإيزيديين، وقال "نستذكر بألم الذكرى الثامنة للإبادة الجماعية التي ارتكبها داعش الإرهابي بحق أبناء شعبنا من الإيزيديين وكانت تهدف لإنهاء وجودهم، هي صفحة حزينة تهتزّ لها الضمائر الإنسانية لجريمة لم تُفرق بين رجل وامرأة، أطفال وكبار في السن، وجسّدت واحدة من أبشع الأعمال التي شهدها العالم في التاريخ الحديث".

واستذكر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ذكرى إبادة الإيزيديين، مشددا في تغريدة على "تويتر" على أن "الإنصاف والعدالة لقضيتهم قدرٌ لا بد منه". وأضاف مخاطبا الإيزيديين بالقول إن "وجودكم الراسخ على أرض العراق الطيبة لا يمكن التنازل عنه. حضوركم قلب نابض بالتآخي والألفة مع إخوانكم من بقية أطياف شعبنا".

وأصدرت بعثة الأمم المتحدة في العراق، اليوم الأربعاء، بيانا بهذه المناسبة أشارت فيه إلى مشارف فصلٍ جديد يجلب الثقة في مسار العدالة للضحايا والناجين؛ حيث يتزايد الزخم لِمُلاحقة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية على جرائمهم الدولية ولا سيما جريمة الإبادة الجماعية ضِد الإيزيديين".

وأضافت "منذ إحياء ذكرى الإبادة في العام الماضي، شهدنا تقدما يتمثل في إرساء سوابق قانونية للمُحاكمة على جريمة الإبادة الجماعية في المحاكم الألمانية، واستمرار أعمال الفتح والتنقيب عن مقابر جماعية إضافية لضحايا تنظيم داعش الإيزيديين في مناطق قيني وحردان وسنجار؛ وإتمام المرحلة الثانية لإعادة رفات الضحايا، بينما يستمر العمل للتعرف على رفات المزيد من الضحايا".

وكان نحو 1200 إيزيدي قتل، واختطف وسبي أكثر من 6 آلاف آخرين خلال سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل عام 2014.

Yazidi New Year at Lalish temple
الروايات التاريخية تتعدد حول تاريخ وجود الديانة الإيزيدية (رويترز)

من الإيزيديون؟

وتتعدد الروايات التاريخية حول تاريخ وجود الديانة الإيزيدية، حيث يعتقد البعض أن الإيزيديين ودينهم وجدوا منذ آلاف السنيين، في حين تذهب روايات أخرى إلى أنهم انبثقوا عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، في تناقض للرواية الإسلامية وغيرها بأن الإيزيدية ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام، في ظل وجود رأي آخر يفيد بأنها خليط من ديانات قديمة عدة مثل الزرادشتية والمانوية، أو امتداد للديانة الميثرائية، بحسب الباحث والمؤرخ الإيزيدي خليل جندي.

وتعود مفردة الإيزيدية إلى كلمة "يزدان" التي تعني "عبدة الله" الذين يمشون على الطريق القويم، بحسب تعريف جندي الذي يقول إن الإيزيدية من الديانات الهندو-إيرانية القديمة قبل الديانة الزاردشتية، التي تعرف تاريخيا بديانات الخصب التي ترتبط فلسفتها وطقوسها بالطبيعة وباكتشاف الزراعة وبدء التحضر، مع وجود بصمات واضحة من ديانات وادي الرافدين القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية والميتانية.

الإيزيدية تختلف عن الأديان الأخرى بأنها غير تبشيرية ولا تقبل بانضمام جدد إليها (رويترز)تقديس الظواهر الطبيعية

ومن السمات التي تجعل الإيزيدية على خلاف الديانات الإبراهيمية هي النظرة الفلسفية للتكوين والخليقة، والموقف من قوة الخير والشرّ، وكلاهما متلازمان في وحدة جدلية لا انفصال بينهما، كما يقول جندي، و"بهذا لا يوجد مفهوم العصيان (الشيطان) لدى الإيزيدية، بل القول إن الخير والشر يأتيان من عند باب الله"!

ويُقدّس الإيزيديون الظواهر الطبيعية من شمس وقمر ونار وتراب وماء وغيرها، باعتبارها تجليات الخالق -بحسب جندي- مع وحدة الوجود لوحدانيتها في عبادة الله، إضافة إلى الله الكلي القدرة فإن "هناك عددا غير قليل من الأرباب (خودان) موكل إليهم شأن من شؤون الدنيا، بمعنى ربط سلطة وحكم السماء بالأرض".

وتختلف الإيزيدية عن الأديان الأخرى بأنها غير تبشيرية، ولا تقبل بانضمام جدد إليها إلا من يولد من أب وأم إيزيديين، مع وجود نظام الزواج الطبقي الداخلي المغلق بين الإيزيدية، كما يؤكد جندي، حيث هناك 6 طبقات زواج مختلفة، كل واحدة تتزاوج فيما بينها، ولا يجوز لها الزواج من خارج طبقتها، وتلك الطبقات هي: الآدانية، والشمسانية، والقاتانية، وأبيار حسن ممان، وبقية 39 سلالة من الأبيار، والمريدون.

وليس للإيزيدية نبي أو رسول مثل الديانات الأخرى، ويرتبط الإنسان بربه مباشرةً في علاقته به، وليس في طقوسها صلاة جماعية، وإنما يصلي الإيزيدي وحده في مكان منزوٍ متوجها لحركة الشمس في شروقها وغروبها، بحسب جندي الذي أكد أن "الإيزيدية من ذرية آدم فقط من دون حواء".

ليس للإيزيدية نبي أو رسول مثل الديانات الأخرى (رويترز)هل يعبدون الشيطان والشمس؟

وعما إذا كان الإيزيديون يعبدون الشيطان أو الشمس، يقول جندي إن هذه إشكالية كبيرة وغير صحيحة مطلقا، واصفا إياها بـ"اتهام مجحف وقاس"، متسائلا: كيف يكون هناك إله للشرّ اسمه الشيطان إذ لم تكن هناك أصلا فكرة العصيان للخالق عند الإيزيدية؟

ويعتبر "طاووس ملك"، بحسب الديانة الإيزيدية، اسما من بين 3003 أسماء لله، وهو من سيماء الألوهية، ويأخذ "طاووس ملك" مرة دور إله السماء "بابا دياوس" عند الإيرانيين القدامى، و"آنو" عند السومريين، و"فارونا" عند الهندوس، وقرص الشمس هو عيونه، ولهذا يقدس الإيزيديون الشمس حتى الآن. وإذا كان "طاووس ملك" قبلة للعبادة عند الإيزيدية -بحسب جندي- فإن الشمس هي قبلة للتقديس لديهم، أما نفورهم من كلمة الشيطان فقد أتت نتيجة مقاطعة اللعن ليس إلاّ.

ويوضح جندي أسباب عدم امتلاك الإيزيديين كتابا مقدسا، بالقول: كان للإيزيديين كتابان مقدسان: الأول باسم "مصحف رش" (الكتاب الأسود)، والثاني باسم "الجلوة"، لكنهما ضاعا في لجة الإبادات التي تعرض له الإيزيديون.

المصدر : الجزيرة + وكالات