رغم إغلاق إسرائيل لها بعد حظرها.. مؤسسات فلسطينية تؤكد استمرارها بفضح جرائم الاحتلال
7 مؤسسات فلسطينية تعلن استمرار عملها بعد قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق مقارها في مدينتي رام الله والبيرة بالضفة الغربية، بعد إعلانها "منظمات إرهابية" من قبل إسرائيل.

رام الله- قبل أيام كان موظفو مؤسسة "الحق" الفلسطينية في موقع استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة بمخيم جنين، شمال الضفة الغربية، لاستكمال إعداد الملف القانوني حول ظروف اغتيالها، تمهيدا لرفعه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وليست هذه القضية فحسب، إذ عملت مؤسسة "الحق" -وما تزال- على إعداد ملفات قانونية رفعتها السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة إسرائيل على ارتكابها جرائم بحق الفلسطينيين، مستندة إلى بنك معلومات تبنيه المؤسسة من خلال التوثيق القانوني.

7 مؤسسات تم إغلاقها
ومع صباح اليوم الخميس، مُنع العاملون في مؤسسة "الحق"، وعددهم 43 موظفا، من الوصول إلى مكاتبهم بعد إغلاق جنود إسرائيليين مقر المؤسسة في مدينة رام الله بقرار من قيادة جيش الاحتلال، في عملية عسكرية واسعة شملت -إلى جانب مؤسسة "الحق"- 6 مؤسسات أخرى كانت إسرائيل قد أعلنتها "منظمات إرهابية محظورة" في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsضحايا جدد لـ"بيغاسوس".. كيف يمكن وقف الاختراق الإسرائيلي؟
غضب أوروبي من تصنيف إسرائيل مؤسسات فلسطينية "إرهابية"
ماذا بعد إعلان إسرائيل ست مؤسسات فلسطينية “منظمات إرهابية”؟
وطال الإغلاق مقرات مؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، و"الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين"، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء، كما جدد الاحتلال إغلاق مقر لجان العمل الصحي بمدينة البيرة قرب رام الله أيضا.
وتعمل مؤسسة "الحق" كمؤسسة حقوقية مستقلة منذ تأسيسها عام 1979 "لحماية وتعزيز حقوق الإنسان"، وتتمتع بوضع استشاري خاص لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. وتوثق انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي في جرائمه بحق الفلسطينيين توثيقا شاملا.
ووفق المستشار القانوني للمؤسسة أشرف أبو حية، فإن إغلاقها جاء بعد سلسلة من الملاحقات والاستهداف للعاملين فيها، وبعد تعرض بعضهم للتهديد ومنعهم من السفر. وقال للجزيرة نت إن "عمل مؤسسة الحق لن يتوقف، والرصد والتوثيق لفضح جرائم الاحتلال سيستمر".
"مؤسسات إرهابية" بشكل نهائي
جاء إغلاق المؤسسات وسرقة محتوياتها أيضا، بعد يوم واحد فقط من إعلان وزير جيش الاحتلال بيني غانتس -أمس الأربعاء 17 أغسطس/آب- 3 منها "منظمات إرهابية بشكل نهائي"، بدعوى تمويلها من قبل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" التي تعتبرها إسرائيل "منظمة محظورة.
وكانت مؤسسة "الضمير" واحدة من المؤسسات الثلاثة التي شملها تصنيف "الإرهاب النهائي"، إلى جانب مركز بيسان للبحوث واتحاد لجان المرأة.
و"الضمير" مؤسسة حقوقية توفر متابعة قانونية للأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال، من حيث توكيل المحامين وزيارتهم في السجون، إلى جانب حملات مناصرة لهم وتوثيق للانتهاكات التي يتعرضون لها، ورفع التقارير بذلك للجهات المختصة في الأمم المتحدة.
ومنذ بداية العام 2022 وحتى الآن، تتابع "الضمير" 170 ملفا لأسرى في السجون الإسرائيلية، تضاف إلى آلاف الملفات التي تابعتها منذ تأسيسها في العام 1992.

مستمرون
وخلال مؤتمر صحفي ظهر اليوم، أعلنت المؤسسات تحديها لقرار إغلاق مقراتها وقامت بنزع الألواح الحديدية التي ثبتها جنود الاحتلال على أبوابها.
وأعلن مدير مؤسسة "الحق" شعوان جبارين، باسم المؤسسات المغلقة، استمرارها في العمل استنادا للقانون الفلسطيني المرخصة بموجبه من قبل السلطة الفلسطينية، ووفقا للقانون الدولي.
وقال جبارين "سنستمر بالتعاون مع المحكمة الجنائية، ولن يهدأ لنا بال حتى يتم محاكمة المسؤولين عن كل جرائم الاحتلال". واعتبر إغلاق المقرات قرارا سياسيا، "ترسل إسرائيل من خلاله رسائل إلى السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي والشارع الإسرائيلي المقبل على انتخابات".
وحول اتهامات الاحتلال بارتباط هذه المؤسسات وتمويلها بالجبهة الشعبية، قال جبارين "نتحدى أن يثبتوا مزاعمهم، وفي السابق قامت جهات دولية بالتحقيق بهذا الشأن وثبت كذب ادعائهم".
صراع على الرواية
ومن بين المؤسسات التي تم إغلاق مقرها، فرع فلسطين للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، وهي المؤسسة العاملة في فلسطين منذ العام 1991، حيث ترصد وتوثق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأطفال الفلسطينيين. ورغم أن المؤسسة الأم دولية، إلا أن إسرائيل لم تتورع عن ملاحقتها لأكثر من مرة، فلم يكن اقتحام المقر في رام الله وإغلاقه الاعتداء الأول عليها.
ويقول عايد أبو قطيش مدير برنامج المساءلة في "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين"، إن "الهدف من كل ما تقوم به إسرائيل هو إخراس صوت المؤسسات التي تعمل على فضح جرائمها بغض النظر أنها فلسطينية أو دولية أو حتى إسرائيلية".
وتابع للجزيرة نت "كل ما تسعى إليه إسرائيل هو التنصل من جرائمها، فما نقوم بتوثيقه خلال عملنا يحرجها أمام المجتمع الدولي".
ووثقت هذه المؤسسة قتل إسرائيل 2206 أطفال فلسطينيين منذ العام 2000 وحتى يونيو/حزيران الفائت، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمعتقلين من الأطفال.
وأكد أبو قطيش أن كل ما تقوم به إسرائيل ضد المؤسسات المستهدفة يصب في الصراع على الرواية التي تصل للمجتمع الدولي، ومحاولة الاحتلال تقديم رواية مغايرة لما يجري على الأرض.
ولا يستبعد المسؤول بالحركة العالمية أن يكون إغلاق المؤسسات تمهيدا لوضعية قانونية يلاحق من خلالها الاحتلال لاعتقال العاملين فيها وملاحقتهم أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية.

"إهانة للسلطة"
وجاء الإغلاق الإسرائيلي بعد انتقاد ورفض دولي كبير لقرار تصنيف المؤسسات الفلسطينية المستهدفة على أنها "إرهابية" العام الفائت، وإعلان دول أوروبية استمرار دعمها المالي لها.
ولكن البيانات هذه المرة لا تكفي، كما يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، والمطلوب التحرك بأكثر من الإدانة. وبيّن للجزيرة نت، أن الاتحاد الأوروبي يملك أدوات وإمكانيات هائلة للضغط على إسرائيل، فهو أكبر شريك تجاري لها، والمطلوب منه فرض عقوبات ومقاطعتها اقتصاديا لجرائمها ضد القانون الدولي.
واعتبر البرغوثي إغلاق المؤسسات "إهانة للمجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأوروبي الذي رفض قرار إسرائيل السابق واستمر في تمويلها".
من جهة أخرى، قال البرغوثي إن إغلاق المؤسسات التي تعمل كلها في رام الله؛ مركز السلطة الفلسطينية؛ هو "إهانة للسلطة التي باتت إسرائيل لا تقيم لها وزنا". وطالب بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال كرد فوري على إغلاق المؤسسات.
وردا على الاستهداف الإسرائيلي للمؤسسات الفلسطينية، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في تصريح لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، إن "العمل جارٍ لاستكمال الإجراءات القانونية لوضع المنظمات اليهودية على قوائم الإرهاب، وحشد الدعم لتصنيفها كمنظمات إرهابية ومطالبة المجتمع الدولي بعدم التعامل معها".
من جهته قام رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية بتفقد مؤسسة "الحق" بعد إعادة فتح مقرها، مؤكدا في بيان وصل للجزيرة نت، أن المؤسسات التي تعرضت للإغلاق ستواصل عملها لأنها جميعها مسجلة لدى دولة فلسطين، وتعمل بإطار القانون. وأضاف "نحن جاهزون لندافع عنها".