لماذا قرر المولوي مجاهد اللجوء إلى إيران.. وكيف اغتيل؟

المولوي مهدي مجاهد كان على خلاف مع طالبان قبل مقتله (مواقع التواصل)

كابل- أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية مقتل القيادي المنشق عن حركة طالبان المولوي مهدي مجاهد في ولاية هرات قرب الحدود مع إيران غربي أفغانستان، وقالت في بيان إن قوات حرس الحدود في هرات قتلت المولوي مجاهد أثناء محاولته الهرب إلى إيران، بعد تمرده في ولاية سربُل شمالي أفغانستان.

انشق مجاهد عن الحركة قبل أشهر على خلفية نزاع حول التنقيب في مناجم الفحم، وهو ينتمي إلى عرقية الهزارة وكان يعدّ من أهم القيادات الميدانية في طالبان بالولايات الشمالية، فلماذا انشق عن طالبان؟ ولماذا قرر اللجوء إلى إيران وكيف اغتيل؟

من المولوي مهدي مجاهد؟

ولد المولوي مهدي مجاهد 16أغسطس/آب 1989 في قرية صغيرة بمديرية بلخاب بولاية سربُل شمالي أفغانستان، وهو ينتمي إلى عائلة فقيرة في عرقية الهزارة، وكان في الثامنة من عمره عندما سيطرت طالبان لأول مرة على العاصمة الأفغانية كابل عام 1996، وبعد 3 سنوات تمكنت من الاستيلاء على مسقط رأس مجاهد في مديرية بلخاب شمالي أفغانستان، وقررت عائلته الفرار إلى إيران، وعاد بعد الإطاحة بطالبان بعد هجمات 11سبتمبر/أيلول 2001.

بعد عودته، سجل نفسه في مدرسة دينية وكان يعمل مع والده في مزرعته، يقول مصدر أمني سابق للجزيرة نت: "اعتقل مهدي مجاهد قبل 12 عاما بتهمة تورطه في اختطاف ابن أحد أثرياء منطقته، وحكم عليه بالسجن 14 عاما وأطلق سراحه بعد 7 سنوات، وتصالح مع عائلة المخطوف بوساطة زعيم حزب الوحدة الإسلامية محمد محقق".

**للاستخدام الداخلي فقط** المولوي مهدي الصحافة الأجنبية
المولوي مهدي مجاهد بعد الأسر مع اثنين من حراس طالبان (الصحافة الأجنبية)

حاول مجاهد توسيع علاقاته بالقادة السياسيين من عرقية الهزارة الشيعية في العاصمة كابل بهدف الحصول على عقود استخراج منجم الفحم في ولاية سربل، ولكنه لم يتمكن من ذلك بسبب وجود منافسين أقوياء ووقعت اشتباكات بينه وبين مسلحين تابعين للزعيم الجهادي السابق محمد محقق استمرت أسبوعا كاملا وسقط قتلى وجرحى من الطرفين.

يقول الكاتب والباحث السياسي محمد توكلي للجزيرة نت: "بعد الاشتباكات ومحاولة الحصول على المنجم، تعهد المولوي مهدي بالولاء لحركة طالبان في ولاية سربُل، وانضم إليها وبدأ بالتجنيد بين طائفته لصالح طالبان".

عيّنت حركة طالبان المولوي مهدي مجاهد عام 2019 مسؤولا عسكريا في ولاية سربُل، وكان يقاتل ضد القوات الأفغانية السابقة، وبعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان ووصول طالبان إلى السلطة تم تعيينه رئيسا للمخابرات الأفغانية في ولاية باميان وسط أفغانستان ولكنه أقيل بعد 5 أشهر.

قدم المولوي مجاهد نفسه كممثل للشيعة والهزارة في حكومة طالبان، لكن الهزارة لم ترحب به كثيرا ولم يدعمه الشيعة في الأزمة الأخيرة مع طالبان، ويقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل للجزيرة نت: "رأى المولوي مهدي أن هذه فرصته للظهور كزعيم شيعي وسط أفغانستان وأنه يمثل الجيل الجديد في الهزارة، ولكن القيادة التقليدية كانت بالمرصاد ولم تسمح له بأن يمثل الهزارة والشيعة في الحكومة الجديدة، لذا لم يقف معه أحد في الاشتباكات الأخيرة إلا النزر القليل من مقاتليه".

الخلاف مع طالبان

يقول بعض المراقبين إن المولوي مجاهد اختلف مع الإمارة الإسلامية على عائدات منجم الفحم في مسقط رأسه الذي تريد طالبان استخراجه وإنه السبب الحقيقي للخلاف والصراع بين الطرفين. ويقول مصدر بوزارة الداخلية الأفغانية للجزيرة نت: "أرسلت الإمارة الإسلامية 3 وفود لحسم الخلاف مع المولوي مهدي ولكنه كان يطلب سهما في منجم الفحم، وطالب بـ75% من عائدات المنجم، الأمر الذي رفضته حركة طالبان".

بعد وصول طالبان إلى السلطة تم تعيين مهدي رئيسا للمخابرات الأفغانية في ولاية باميان وسط أفغانستان (مواقع التواصل)

يقول أتباع المولوي مجاهد إن خلافه مع الحكومة المركزية يرجع إلى مطالبته بحقوق الهزارة ويشتكي من استبعاده إلى حد كبير من الدوائر الحكومية، ومن أن أتباع مذهب فقه الجعفري الشيعي يتعرضون للتمييز من قبل حركة طالبان. وبعد إخفاق الوفد الثالث الذي زار مدينة بلخاب لاسترضاء المولوي مهدي، هددت السلطات الأفغانية بإحالة قضيته إلى وزارة الدفاع، حينئذ حشد المولوي مهدي أتباعه واستقر في مديرية بلخاب.

بعد محاصرة الحكومة الأفغانية مديرية بلخاب شمالي أفغانستان تمكن المولوي مجاهد وعدد من مقاتليه من الانسحاب إلى الجبال، وبعد أيام من تهدئة الوضع نسبيا قرر هو ومقاتلوه اللجوء إلى إيران، واختار إيران لأسباب كثيرة أهمها أنه عاش شبابه هناك ويعرف البلد وأن كثيرا من القوات الأفغانية السابقة استقرت في إيران وتنتظر عودتها إلى أفغانستان، وربما رأى أنه قد يتمكن من فتح قنوات الاتصال معها من خلال فتح جبهة ضد الحكومة الأفغانية الجديدة.

كيف قتل المولوي مجاهد؟

يقول بيان وزارة الدفاع الأفغانية إن المولوي مجاهد قتل في الاشتباكات التي وقعت بين أتباعه والقوات الأفغانية قرب الحدود مع إيران، وقال مصدر أمني للجزيرة نت: "إن السلطات الإيرانية خططت لتهريب المولوي مهدي إلى إيران والعمل معه حتى ترسله مرة أخرى إلى أفغانستان ويباشر نشاطه العسكري ضد الإمارة الإسلامية".

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن المولوي مجاهد تعرض للخيانة من قبل عناصر في القوات الإيرانية حيث توجه إلى الأراضي الإيرانية سرا وحلق لحيته وغير ملامح وجهه بحيث لا تعرفه طالبان.

ويقول الكاتب والمحلل الإستراتيجي على توكلي للجزيرة نت: "إن المولوي مهدي دخل إيران برا الاثنين الماضي، واعتقلته القوات الإيرانية الثلاثاء وسلمته إلى طالبان التي قتلته بدم بارد بعد أسره".

المصدر : الجزيرة