أكثر من 1800 معلومة مضللة بأقل من شهر في العراق أودت بأرواح وشوهت آخرين
المرصد العراقي لحقوق الإنسان أطلق حملة "بحوش" لمكافحة المعلومات المضللة والحد من ضررها على المجتمع، بعد تشخيصه لاتساع ظاهرتها وتداولها في الأوساط الإعلامية والاجتماعية.
بغداد – أقام المرصد العراقي لحقوق الإنسان مؤخرا ورشة بعنوان "مكافحةُ التضليل الإعلامي" حضرها عشرات الناشطين والصحفيين وطلبة الجامعات، وذلك ضمن حملة للتعريف بالمعلومات المضلِلة وتشريع قوانين خاصة بها.
المعلومات المضللة
"معلومات دون أساس من الصحة بهدف تحقيق مصالح شخصية وإحداث أضرار نفسية ومادية في المجتمع" هذا هو التعريف الذي يضعه المرصد العراقي لحقوق الإنسان للمعلومات اَلْمُضَلِّلَة.
المرصد أطلق حملة باسم "بحوش" لمكافحة تلك المعلومات والحد من ضررها على المجتمع العراقي، بعد تشخيصه لاتساع ظاهرتها وتداولها في الأوساط الإعلامية والاجتماعية وبالأخص على مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsاعتقال صحفية ببغداد لنشرها ملفات فساد
كيف ينظر العراقيون للانتخابات المقبلة ومرشحيها وقانونها؟
وتستمر الحملة لمدة عام بهدف إيضاح أدوات التحقق من المعلومات المضللة، والمطالبة بتشريع قوانين مكافحة لها، كما يقول مدير المرصد مصطفى سعدون الذي يبين بأن الحملة تتضمن إقامة ورش عملية لإيجاد وعي لمواجهة تلك الظاهرة.
وأوضح سعدون للجزيرة نت أن اختيار الاسم جاء من العامية في العراق والذي يعني التقصي والتدقيق بشكل عميق لكشف المعلومات المضللة والزائفة والخاطئة.
وأضاف أن الحملة ستشمل المطالبة بإقرار قوانين خاصة لمكافحة ظاهرة التضليل المعلوماتي بحيث يعاقب الذين يعمدون إلى تضليل المجتمع بالمعلومات الخاطئة والأخبار المزيفة، مشيرا إلى أنه لا توجد نصوص واضحة بالقانون الحالي لمحاربة هذه الظاهرة وأن جهد مؤسسات الدولة إزاء ذلك مشتت وليس منهجيا قانونيا.
معلومات قاتلة
الحملة التي يقيمها المرصد تأتي عقب تسجيله لاتساع خطر تلك المعلومات وتأثيرها على المجتمع والمواطنين، حيث بين رئيس المرصد تسجيل أكثر من 1800 خبر مضلل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي فقط وتحديدا خلال فترة بدء السباق الانتخابي وحتى يوم الانتخاب يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول، وهذا يشير بحسبه إلى وجود ضخ كبير وإغراق لمواقع التواصل بالمعلومات المضللة والخاطئة التي تؤدي نهاية المطاف إلى الصراع ولا سيما في بلد يكثر فيه السلاح والانقسام.
كما يبين رئيس المرصد أن بعض الأمثلة على مخاطر المعلومات المضللة تشير إلى تسببها بقتل أبرياء وتشويه سمعتهم، وضرب مثالا على ضرر تلك المعلومات بما جرى في "حادثة جبلة" التي بنيت على معلومات مضللة تفيد بوجود مطلوبين في منزل بمنطقة جبلة في محافظة بابل (جنوب بغداد) وبالتالي قتل 19 شخصا داخل المنزل، وللأسف حتى بعد الحادث كانت هناك معلومات مضللة بأن العائلة إرهابية وتتاجر بالمخدرات ولم يكن كذلك وذهبت أرواح أفراد العائلة دون ذنب.
ورشة لمكافحة التضليل
وضمن حملة "بحوش" وجهودها للتوعية بمخاطر المعلومات المضللة، أقام المرصد ورشة للتدريب على آليات مكافحة التضليل، شارك بها 40 ناشطا وصحفيا وطالبا جامعيا بهدف اكتساب الخبرة في أدوات التحقق من المعلومات المضللة وإيقاف تداولها.
قالت المتدربة بالورشة مينا محمد إن المعلومات المضللة لها تأثير سلبي كبير في المجتمع وخاصة الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أن مصادرها في الأغلب داخلية وخارجية ولها تأثير كبير على المجتمع، وهذا ما شجعها للمشاركة في الورشة. وأضافت أن الحملة التي قام بها المرصد والورشة تساهم بمكافحة المعلومات المضللة.
من جهتها تقول سنا رائد الطالبة في كلية الإعلام إن هدفها من المشاركة في الورشة هي تعلم آليات الحد من المشاكل الناجمة للمعلومات المضللة وتعريف الناس بها.
وأضافت أنها من خلال الورشة تدربت على كيفية الانتباه للمعلومات والأخبار المضللة والخاطئة والمزيفة التي تنتشر، وتسبب مشاكل كثيرة في المجتمع.
الحد من حرية الرأي
في المقابل، عبر ناشطون عن تخوفهم من أن تستغل مطالبات تشريع قوانين لمكافحة المعلومة المضللة إلى تكميم الأفواه وتقييد حرية الرأي من قبل الحكومة والأحزاب.
وحول إذا ما كانت تلك الحملات والمطالبات تتعارض مع حقوق حرية الرأي -كما يرى الناشطون- فإن المرصد أكد أن مطالباته تهدف إلى تنظيم عمليات النشر والفصل بين حرية التعبير والمعلومات المضللة.
وقال سعدون إن المرصد يسعى لحفظ حدود حرية التعبير وتنظيم العمل الإعلامي بمعنى ألا يكون هناك استخدام لحرية التعبير عبر التشهير والتسقيط ونشر المعلومات الكاذبة، وفي ذات الوقت "لا نريد أن نصل للحد من مساحة حرية الإعلام والنشر".
وأضاف أن ظاهرة التضليل دفعت المرصد للاقتراح على المشرعين مادة جديدة لمكافحة التضليل ضمن قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية.
خطر داهم
وبحسب مفوضية حقوق الإنسان (هيئة شبه حكومية) فإن حجم التضليل ازداد بشكل خطير مؤخرا متسببا بالكثير من الظواهر السلبية التي نخرت المجتمع، ولا سيما عبر مواقع التواصل التي تطلق المعلومات دون رقابة.
ويؤكد عضو مفوضية حقوق الإنسان أنس أكرم محمد أن حجم التضليل الإعلامي كبير جدا باعتبار العراق مساحة مفتوحة للإغراق المعلوماتي والتداول الخبري.
كما لم ينف محمد أن الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل ساهمت بكثرة في نشر مفاهيم نخرت المجتمع فـ "وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى تساعد وتسهم في نشر بعض المفاهيم التي هي خارج إطار أو سياقات المجتمع العراقي وتقاليده وعاداته".
تحذيرات
وكانت منظمتا الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) و"أطباء بلا حدود" ذكرتا في بيانات سابقة أن المعلومات المضللة كانت أحد أهم الأسباب التي ساهمت بتفشي وباء كورونا بالعراق وإحجام الناس عن تلقي اللقاح، بينما أشار ناشطون إلى أن المعلومات المضللة أصبحت من أدوات التسقيط السياسي ومهاجمة الحركات الاحتجاجية والمشاركين فيها كما جرى باحتجاجات عام 2019 حسب قولهم.