ليبراسيون: هل فعلا فقدت روسيا أكثر من 650 دبابة في حربها على أوكرانيا ولماذا؟

Destroyed Russian tanks are seen in the Sumy region
رتل من الدبابات الروسية مدمر بمنطقة سومي الأوكرانية (رويترز)

قالت "ليبراسيون" (Liberation) إن روسيا خسرت خلال 13 يوما عددا من الدبابات في أوكرانيا يعادل ما فقدته خلال 10 سنوات من الحرب في أفغانستان، فما هو السر وراء ما تتعرض له الدبابات الروسية على الأراضي الأوكرانية؟

وأوضحت هذه الصحيفة الفرنسية أن إحصاء مستقلا مرئيا أجراه موقع أوركس (Oryx) -الذي يتابع خسائر الطرفين في الحرب- أظهر 148 دبابة روسية مدمرة أو تعرضت لأضرار جسيمة أو تم الاستيلاء عليها، وهو أكثر مما تم نهاية الحرب السوفياتية في أفغانستان، وأشار إلى أن الخسائر استمرت لتصل إلى 671 دبابة، وهو ما يعادل قدرة الجيش الفرنسي مرة ونصف مرة.

وقالت ليبراسيون، في تحليل لها، أن هذا الرقم مرتفع للغاية، ويمثل حوالي 20% من أسطول الدبابات الروسية العاملة قبل الحرب والذي يقدر بنحو 3400 دبابة، وإذا أضيفت جميع الخسائر غير الموثقة، فيمكن أن يصل إلى ثلث أو ربع الأسطول، خاصة أن أوكرانيا تقول إنها دمرت 1195 دبابة روسية، وإن كان التحقق من ذلك أمرا مستحيلا.

كما أظهر العديد من مقاطع الفيديو مركبات مدرعة مدمرة بسبب انفجار، وأحيانا يشاهد برج الدبابة وهو يقذف في الهواء بعنف، وهو ما مثل أول مؤشر على الخسائر الروسية.

ولتفسير هذه الخسارة الروسية فوق الأراضي الأوكرانية، بدا للصحيفة أن الدبابات الروسية كانت تسير على تضاريس غير مواتية في كثير من الأحيان، كما واجهت جيشا أوكرانيا مجهزا بأسلحة مضادة للدبابات تستفيد من عيب في تصميم الدروع السوفياتية.

ففي الدبابات تي-72 (T-72) وتي-80 (T-80) السوفياتية التصميم المستخدمة على نطاق واسع في هذه الحرب، يتم تخزين الذخيرة في بئر البرج، وهي منطقة قليلة المقاومة وتقع تحت الطاقم، فإذا أصيبت تنفجر الدبابة بأكملها ولا تبقى لركابها أي فرصة للبقاء على قيد الحياة، على عكس الطرازين الأميركي والألماني، حيث يتم تخزين الذخيرة بالخلف في غرفة محمية.

القنابل اليدوية والطباعة الثلاثية الأبعاد

ولأن الأوكرانيين المزودين أيضا بالدبابات السوفياتية يدركون جيدا هذا الخلل، فقد استغلوه -كما تقول الصحيفة- مستعملين المعدات المناسبة عندما وصلهم الكثير من شحنات الأسلحة الغربية المضادة للدبابات، حيث أرسلت المملكة المتحدة وحدها 10 آلاف طلقة إنلو (NLAW) وقدمت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 7 آلاف طلقة من صنف الرمح، بل ربما تكون واشنطن قد قدمت ثلث مخزونها، حتى إن الدبابة الروسية "تي-90 إم" (T-90 M) الأحدث تم إخراجها من الخدمة بمنطقة خاركيف، بفعل صاروخ سويدي مضاد للدبابات، كما يقول الجيش الأوكراني.

ومنذ بداية الحرب -توضح الصحيفة- ابتكر الأوكرانيون سلاحا جديدا مضادا للدبابات من خلال الجمع بين القنابل القديمة المضادة للدبابات "آي كيه جي-3" والطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث كانت هذه القنابل تلقى على الدبابات عند تلاحم الجيشين، إلا أن شركة أيروروزفيكا (Aerorozvidka) أضافت لها زعانف مصنوعة بالطابعات ثلاثية الأبعاد وربطتها بطائرات مسيرة يتم إسقاطها ليلا على المدرعات الروسية، في تقنية أثبتت قيمتها بالفعل.

وفي معركة دونباس، لم تكن الجغرافيا مواتية دائما للدبابات الروسية التي لا يناسبها القتال في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، حيث يكون الخصوم قريبين والأسلحة المضادة للدبابات فعالة للغاية، ولذلك كان من المنطقي أن ترتفع الخسائر كلما تقدم الجيش الروسي نحو المدن، كما يقول أنطوان بويسي عضو المعهد العالي لدراسات الدفاع الوطنية في فرنسا.

وعندما يتعلق الأمر بعبور الأنهار، يبدو أنه كان كارثيا عندما حاول رتل من المدرعات الروسية عبور نهر دونيتس لتطويق مدينة ليسيتشانسك الصناعية شمال غرب لوغانسك، فبمجرد أن انتهى الجنود الروس من تركيب جسر متحرك استهدفتهم المدفعية ثم الطيران الأوكراني، وكانت الخسائر فادحة للروس، حيث فقدوا -وفقا لصور ساحة المعركة- ما لا يقل عن 73 مركبة بما في ذلك 6 دبابات طراز "T-72".

إعادة استخدام الدبابات الروسية

ومع ذلك -تقول ليبراسيون- لم يتم تدمير جميع الدبابات الروسية المفقودة في القتال، بل إن ما يقرب من نصف الخسائر التي وثقها أوركس تتعلق بالدبابات التي تخلى عنها الجنود الروس أو استولى عليها الأوكرانيون، يقول بويسي إن عددا من نقاط الضعف اللوجستية دفعت العديد من الأطقم إلى التخلي عن دباباتهم، مشيرا إلى أن الأوكرانيين "أدركوا ذلك جيدا فقاموا باستهداف قوافل الإمداد وحتى مستودعات الوقود على الأراضي الروسية".

وقد تم استرداد بعض هذه الدبابات المهجورة وإعادة استخدامها من قبل الجيش الأوكراني، حيث سمح اللواء 93 الأوكراني لنفسه برفاهية استعراض دبابات "تي-80" (T-80) التي تم الاستيلاء عليها من الروس، بألوان أوكرانية، وأبدت وزارة الدفاع تعليقا ساخرا أثناء نشرها للصور قائلة "ربما يعتقد المعتدون أن تسليح جنودنا بالمعدات الروسية سيؤثر على الانتقال إلى معدات الناتو؟ خطة بارعة".

وبالفعل -كما تقول ليبراسيون- سمحت عمليات الاستيلاء هذه بالفعل لأوكرانيا بتعويض جزء من خسائرها التي يقدرها موقع أوركس بنحو 163 دبابة، مع أنها تتلقى أسلحة ثقيلة من حلفائها، بما في ذلك 240 دبابة أرسلتها بولندا وجمهورية التشيك، في حين لا تملك روسيا إلا مخزونها الخاص، مما سيؤثر على المدى المتوسط نظرا إلى حجم الخسائر الروسية حتى الآن، وبالتالي من المحتمل أن يستغرق الأمر 20 أو 25 عاما لإعادة القوة الروسية إلى مستويات ما قبل الحرب، مع معدات رديئة بالتأكيد من حيث التكنولوجيا بسبب العقوبات وعدم القدرة على الوصول إلى الأجزاء المصنعة في الغرب، كما يقول على تويتر كونراد موزيكا، وهو محلل دفاعي متخصص في روسيا.

واختتم الموقع بأن بعض الدبابات التي تقاتل في أوكرانيا قد تأثرت بالفعل بنقص قطع الغيار، حتى إن المعدات العسكرية الروسية التي عثر عليها الأوكرانيون على الأرض مليئة بأشباه الموصلات التي تمت إزالتها من غسالات الصحون أو الثلاجات، إلا أن الصعوبة الرئيسية للروس قد تأتي من مشكلة أبسط بكثير وهي النقص في أطقم الدبابات كما يقول بويسي "احتياطي الرجال ليس غير محدود، وغالبا ما يعني تدمير دبابة مقتل طاقم مكون من 3 أشخاص على الأقل، وبالتالي من المحتمل أن يستنفد الروس الكتلة البشرية قبل المعدات".

المصدر : ليبراسيون