تحديات كبيرة تنتظر الرئيس الصومالي المنتخب حسن الشيخ محمود

مقديشو- فوز حسن الشيخ محمود بكرسي الرئاسة بأغلبية أصوات البرلمان على حساب الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو لا يعد نصرا شخصيا له فحسب، بل هو حدث تاريخي بوصفه أول رئيس صومالي ينتخب لقيادة البلاد في دورتين غير متتاليتين، إذ انتخب رئيسا للبلاد أول مرة عام 2012، متفوقا على الرئيس الصومالي الأسبق شريف الشيخ أحمد.

وظل متربعا على المنصب حتى عام 2017 لينهزم في الانتخابات التي أجريت في العام نفسه على يد الرئيس فرماجو.

وحل حسن الشيخ محمود في المركز الثالث في الجولة الأولى (52 صوتا)، خلف كل من الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو (59 صوتا)، ورئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني (65 صوتا).

Somali parliament elects Hassan Sheikh Mohamud as president
الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو (يمين) مع الرئيس الجديد حسن الشيخ محمود (الأناضول)

قفزة كبيرة

ونجح الشيخ محمود في تجاوزهما في الجولتين الثانية والثالثة، حتى حقق الفوز بـ214 صوتا في الجولة الحاسمة مقابل 110 أصوات لصالح فرماجو.

ويعزو المحلل السياسي محمد عبدي الشيخ -في حديث مع الجزيرة نت- هذا النجاح لعدة عوامل؛ أبرزها أن أصوات أعضاء البرلمان توزعت على 10 مرشحين من أصل 39 ترشحوا للمنصب الرئاسي.

إلى جانب أن أكثرهم عرفوا بأنهم خصوم للرئيس محمد عبد الله فرماجو، وبهذا ذهبت أصوات المرشحين غير المتأهلين للجولات الحاسمة إلى حسن الشيخ محمود، مما دعم فرصته ورجح كفته في تولي الحكم للمرة الثانية.

وفي رأي عبدي الشيخ فإن شراء الأصوات كانت ورقة يستخدمها المرشحون الكبار لكسب عدد كبير من أعضاء البرلمان في الساعات التي سبقت عملية التصويت، إلا أنها لم تكن حاسمة بقدر ما كان التحالف بين المرشحين على أساس المصالح عاملا حاسما في تحقيق الفوز لصالح الشيخ محمود والإطاحة بالرئيس المنتهية ولايته فرماجو.

A member of the Somali parliament casts a ballot during the first round of the Somali presidential elections, in Mogadishu
الصوماليون انتخبوا الرئيس الجديد أملا في تحسن الأوضاع الأمنية والظروف الاقتصادية (رويترز )

تحديات كبيرة

وفي نظر نائب مركز الأجندة العامة للدراسات السياسية فرحان إسحاق يوسف فإن الرئيس المنتخب حسن الشيخ محمود تنتظره مهمة صعبة وتحديات كبيرة؛ أهمها تعزيز أمن البلاد من خلال التسريع في بناء جيش قوي ومحترف يراعي الانضباط ويتم تسليحه وتجهيزه جيدا، وتحت إمرة موحدة قادرة على تسلم المهام الأمنية من بعثة الاتحاد الأفريقي في الموعد المحدد عام 2024.

وتنتظر الجيش الوطني أيضا مهمة تحرير المناطق التي لا تزال في أيدي حركة الشباب المجاهدين.

وينتظر من الرئيس الجديد أيضا العمل على إعادة صياغة الدستور وتطبيق النظام الفدرالي الذي تبناه الصوماليون، والذي يضمن تقاسم السلطة والثروة، وذلك إلى جانب تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق انتخابات عبر تصويت شعبي مباشر.

وعلى المستوى السياسي، فإن الصوماليين يأملون من الرئيس المنتخب أن يحسن التعاون بين الحكومة الفدرالية والولايات التي سادها التوتر في الفترة الماضية.

أما اقتصاديا، فإن الرئيس المنتخب بذل كل جهوده لزيادة الدخل الذي ينحسر الآن على إيرادات الميناء والمطار الدوليين في مقديشو، بالإضافة إلى خلق جو يسمح بتشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد لرفع الإمكانات الاقتصادية، الأمر الذي قد يسهم في تقليل نسبة اعتماد البلاد على المساعدات الخارجية التي تشكل نصف موازنة الدولة والحد من البطالة.

African union peacekeepers provide security during the Somali presidential elections, in Mogadishu
قوات حفظ السلام الأفريقية عملت على ضمان مرور عمليات انتخاب الرئيس الصومالي في أجواء آمنة (رويترز)

معارضة وتدخلات خارجية

وحسب فرحان يوسف، فقد أعطى البرلمان فرصة ثانية للرئيس حسن الشيخ وعليه أن يستغل الفرصة لتصحيح الأمور وعدم تكرار الأخطاء السابقة وجدولة المهام والأولويات وتحديد مواعيد لإنجازها.

لكن الأمور ليست بهذه السهولة في رأي المحلل السياسي حسن محمد حاجي، الذي يقول إن الرئيس قد يطلق تعهدات في حملته الانتخابية لكنه واقعيا يصعب عليه تنفيذها ويرتطم بواقع لم يكن في حسبانه.

ومن التحديات التي ستواجه الرئيس المنتخب معارضة داخلية قوية تتمثل في المرشحين المنافسين الذين لم يحالفهم الحظ في الفوز بالمنصب الرئاسي، والذين يصطادون الثغرات وأخطاءه، وتدخلات خارجية سواء من دول الجوار أو دول أخرى في العالم.

كما أن اعتماد البلاد عسكريا وماليا على القوى الأجنبية يقلل المساحة التي يعمل فيها الرئيس بحرية واستقلالية لإنجاز واجباته تجاه جهود بناء الدولة التي تتعافى من ويلات الحرب.

ويقول حسن محمد حاجي إن غياب الدعم الكامل للرئيس الجديد من قبل الصوماليين -لا سيما إدارات الولايات- قد يعطل أداءه، لكن إذا توفرت له إرادة قوية ولم يركز جهده على البقاء على الكرسي فترة طويلة فيمكنه تجاوز هذه العقبات.

وينتظر -وفق الدستور الصومالي- أن يعين الرئيس الصومالي المنتخب حسن الشيخ محمود في مهمته الأولى رئيس وزراء في غضون 30 يوما.

المصدر : الجزيرة