لوموند: تصاعد الكراهية ضد المسلمين بالهند ومودي لا يحرك ساكنا

عنف جهانجيربوري ليس أمرا معزولا في الهند القابعة في قبضة شياطينها، حيث تزايدت الهجمات ضد المسلمين لعدة أسابيع في جميع أنحاء البلاد

Relatives of victims killed in ethnic violence mourn at a burial ground at Narayanguri village, in the northeastern Indian state of Assam, Saturday, May 3 2014. Police in India arrested 22 people after separatist rebels went on a rampage, burning homes and killing dozens of Muslims in the worst outbreak of ethnic violence in the remote northeastern region in two years, officials said Saturday. (AP Photo/Anupam Nath)
قريبات بعض ضحايا العنف ضد المسلمين في الهند (أسوشيتد برس)

قالت صحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية إن أحزاب المعارضة الهندية نددت، في بيان مشترك، بصمت رئيس الوزراء ناريندرا مودي عن أقوال وأفعال من يروجون للطائفية بعد العنف الذي طال المسلمين شمال العاصمة الهندية نهاية الأسبوع الماضي، وقالت إن هذا الصمت شهادة بليغة على حقيقة أن هذه العصابات المسلحة الخاصة تتمتع بالرعاية الرسمية.

وأوضحت الصحيفة أن العشرات من الشرطة المسلحة والقوات شبه العسكرية ما زالت تحاصر جهانجيربوري الواقعة شمال مدينة دلهي، وهي منطقة فقيرة، كانت تتعايش فيها أغلبية هندوسية وأقلية من المسلمين، كل في مستعمرته الخاصة، قبل أن يجتاح مئات من الرجال يرتدون شالات الزعفران، مسلحين بالسيوف والمسدسات ويحملون الأعلام، الجيوب الإسلامية في موكب هندوسي بمناسبة عيد هانومان جايانتي.

في الشارع الرئيسي -كما تقول مراسلة الصحيفة بنيودلهي صوفي لاندرين- أغلقت المتاجر التي يديرها المسلمون أبوابها، وبقي المسجد شاهدا يحمل آثار عنف عطلة نهاية الأسبوع في فنائه المليء بالكتل الحجرية وأعلام الزعفران والزجاج المكسور.

يوم السبت الماضي -كما تروي المراسلة- دوت الترنيمة الحاشدة للمتطرفين الهندوس "جاي شري رام" (السلام على الإله رام)، عبر الجيوب الإسلامية في مهرجان ديني هندوسي، وعندما ارتفعت الروح المعنوية توجه الموكب الصاخب إلى المسجد، ثم اندلعت اشتباكات بين الطائفتين، أصيب فيها عدة أشخاص واحترقت مخازن وسيارات، قبل أن تتدخل الشرطة متأخرة لإعادة الهدوء.

ويقول غياس صروب، وهو مسلم من الحي شاهد الأحداث، "جاء الهندوس من الخارج. جاؤوا لاستفزاز مجتمعنا فقط. نظموا 3 مواكب يهددوننا فيها بسيوفهم ويطلبون منا أن نغني لإلههم رام. كان سياسيون من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في المسيرة. انتهزوا وقت الصلاة ليضعوا أعلام الزعفران على بوابة المسجد وهاجموا المسلمين الذين كانوا بداخله بالحجارة".

مذابح متكررة

استخلصت الشرطة بسرعة استنتاجات معاكسة لما حدث -كما تقول المراسلة- وبحسب المفتش الذي أُرسل إلى مكان الحادث كانت هناك "مظاهرة سلمية لإحياء ذكرى هانومان جايانتي، عرقلها المسلمون عندما مر الموكب أمام المسجد، وتم اعتقال 20 من المسلمين، وقد أضاف المسؤولون المحليون من حزب بهاراتيا جاناتا الزيت على النار بإلقاء اللوم على المهاجرين غير الشرعيين "البنغاليين والروهينغا" المقيمين بالمنطقة.

وقالت المراسلة إن هذه الأحداث تذكر بالمذابح التي دمرت الأحياء الشمالية الشرقية من دلهي في فبراير/شباط 2020، وأسفرت عن مقتل 54 شخصا، عندما قام المئات من الهندوس المتطرفين المتحمسين بتدمير الجيوب الإسلامية، وتوصلت الشرطة وقتها إلى أن الأمر يتعلق بمؤامرة دبرها الطلاب.

إلا أن عنف جهانجيربوري -كما تقول المراسلة- ليس أمرا معزولا في الهند القابعة في قبضة شياطينها، حيث تزايدت الهجمات ضد المسلمين لعدة أسابيع في جميع أنحاء البلاد، دون أن تتدخل الحكومة ولا رئيس الوزراء، ناريندرا مودي بأي شكل من الأشكال.

وفي ولاية كارناتاكا بجنوب الهند، قامت الحكومة بقيادة القوميين الهندوس بمنع الفتيات المحجبات من الالتحاق بالمدارس، ثم دافعت عن قرار بعض المعابد بحظر التجار المسلمين خلال الأعياد الدينية، كما تروي المراسلة. وفي غوجارات وماديا براديش وجهارخاند وغرب البنغال وغوا، كانت المواكب الدينية في أبريل/نيسان مناسبة لمظاهرات الكراهية.

وفي ولاية ماديا براديش، أحرقت هذه المواكب مسجدا وعشرات المنازل، وردا على ذلك، أمرت حكومة بهاراتيا جاناتا بهدم المنازل والمتاجر التي لا تعود ملكيتها للهندوس، بل للمسلمين المتهمين -دون أي شكل من أشكال المحاكمة- بالتورط في أعمال العنف، وبالفعل تم جرف 16 منزلا و29 متجرا بالجرافات، حسب المراسلة.

السلطات تفاقم التوتر

ويقول الصحفي تافلين سينغ من صحيفة إنديان إكسبرس إن "ما تغير منذ أن تولى ناريندرا مودي منصبه هو أن المسلمين هم دائما من يقضون شهورا في السجن"، وقد أصبحت المعارضة قلقة من فورة الكراهية هذه، وقد ندد 13 حزبا في بيان مشترك، بصمت ناريندرا مودي عن هذه الأحداث، وقالت "نحن منزعجون للغاية من الطريقة التي يتم بها استخدام القضايا المتعلقة بالطعام واللباس والعقيدة والمهرجانات واللغة بشكل متعمد من قبل أقسام المؤسسة الحاكمة لاستقطاب مجتمعنا".

وفي اليوم السابق لإصدار البيان -كما تقول المراسلة- وقعت سونيا غاندي، رئيسة كتلة حزب المعارضة الرئيسي، عمودا في صحيفة إنديان إكسبريس قالت فيه "إن إعصار الكراهية والتعصب الأعمى والكذب في طور اجتياح بلادنا"، كما كتبت زوجة رئيس الوزراء السابق المغتال راجيف غاندي، "إذا لم نوقفه (مودي) الآن فسوف يلحق الضرر بمجتمعنا بشكل لا يمكن إصلاحه، إن لم يكن قد فعل. نحن ببساطة لا نستطيع ولا يجب أن نسمح لهذا بأن يستمر. وكشعب لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ومشاهدة السلام والتعددية يتم التضحية بهما على مذبح القومية الزائفة".

ومع أن العلاقات بين الهندوس والمسلمين ظلت هشة ومتوترة منذ تقسيم الإمبراطورية البريطانية عام 1947 للهند، فإن وصول القوميين إلى السلطة في عام 2014 أدى إلى تفاقم التوترات المجتمعية، خاصة أن حزب ناريندرا مودي يقود بشكل مثير للانقسام ويدافع علانية عن الهندوتفا، وهي أيديولوجية تفوق تهدف إلى جعل الهند أمة هندوسية من خلال استبعاد الأقليات الدينية، ولا سيما المسلمين الذين يشكلون 14% من السكان بنحو 200 مليون.

وقد ضاعف ناريندرا مودي -الذي يشتبه في أنه سمح بوقوع مذابح عام 2002 في غوجارات التي قتل فيها أكثر من ألفي شخص- منذ إعادة انتخابه في عام 2019، القرارات التي تهدف إلى جعل المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية، وأدى الخطاب المعادي للأجانب الذي ينقله كبار قادة حزبه إلى إطلاق موجة من الكراهية في البلاد.

المصدر : لوموند