لوبوان: إسلاميو بوتين في معركة كييف

Pro-Russian separatists from the Chechen "Death" battalion take part in a training exercise in the territory controlled by the self-proclaimed Donetsk People's Republic, eastern Ukraine, December 8, 2014. Chanting "Allahu Akbar" (God is greatest), dozens of armed men in camouflage uniforms from Russia's republic of Chechnya train in snow in a camp in the rebel-held east Ukraine. They say their "Death" unit fighting Ukrainian forces has 300 people, mostly former state security troops in the mainly-Muslim region where Moscow waged two wars against Islamic insurgents and which is now run by a Kremlin-backed strongman. Picture taken December 8, 2014. REUTERS/Maxim Shemetov (UKRAINE - Tags: POLITICS CIVIL UNREST CONFLICT)
قوات شيشانية خاصة في إطار حملة عسكرية روسية (رويترز)

قالت مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتأكيده كل مرة أنه "يحارب النازيين الجدد في أوكرانيا"، يجعل الناس مضطرين إلى التساؤل عن المتطرفين الموجودين في كلا المعسكرين المتحاربين، بخاصة أن لدى روسيا أيضا قواها الظلامية ذات المظهر الغريب، التي تبث الرعب في أوكرانيا بأساليبها الوحشية الشديدة.

ووصفت المجلة، في تقرير بقلم كريستيان ماكاريان، من سمتهم "قوات الزعيم الشيشاني رمضان قديروف" بالمنقطعين جسدا وروحا لخدمة قائدهم الذي يعرّف نفسه على أنه "شقيق بوتين"، وقالت إنهم بلحاهم الطويلة المميزة ينتشرون في العاصمة الأوكرانية كييف، وهم مستعدون للقيام بأصعب المهام الخاصة، مثل القبض على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو القضاء عليه.

إرهاب وإرهاب مضاد

وأشار الكاتب إلى أن هؤلاء "القديروفيين" خبراء في حرب العصابات المضادة في المناطق الحضرية التي تمكنوا من تجربتها في الشيشان، وقد أعلن قديروف في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا -كما يقول الكاتب- أن لديه 12 ألفا من المقاتلين المجهزين بأحدث جيل من الأسلحة العالية الأداء، على استعداد للقتال حتى الموت، مضيفا أنهم "متطوعون ومستعدون للمشاركة في أي عملية خاصة في أي وقت لحماية دولتنا وشعبنا".

وتساءل الكاتب: هل من المصادفة أن يكتفى بوتين في خطابه المتلفز بذكر شعبين فقط لتوضيح قدرة روسيا العظمى على استيعاب ثقافات غير ثقافتها الخاصة، هما الشيشان وداغستان أم إن هناك سرا آخر غامضا من أسرار الرئيس الروسي؟ لينبه إلى أنهما من شعوب القوقاز المسلمة، وأنهما لم يقدما فقط قوات لمساعدة الجيش الروسي، بل وفرا كثيرا من المتطوعين غير العرب داخل تنظيم الدولة الإسلامية.

ومع ذلك، لا ينبغي الخلط بين "القديروفيين" الذين لا علاقة لهم بالقاعدة ولا بتنظيم الدولة الإسلامية، وبين الجهاديين، فهم -حسب الكاتب- يمثلون شكلا آخر من أشكال الإسلام الأصولي، ويقاتلون إلى جانب الروس لأن بوتين ترك رمضان قديروف يطبق الشريعة على شعبه، حتى إن روسيا، غير المعروفة بحنانها على الجهاديين وأحفادهم، نظمت في أبريل/نيسان 2021 عودة 34 يتيما من متطوعي تنظيم الدولة القوقازيين الذين قُتلوا في سوريا، كدليل على تسامح السلطات الإسلامية في الشيشان وداغستان.

وقد دفع التعصب الأعمى لدى القديروفيين -كما يقول الكاتب- بسرعة المقاومين الأوكرانيين إلى تخيل إرهاب مضاد صمموه خصيصا لهؤلاء "القتلة المسلمين"، إذ يُظهر مقطع فيديو دعائي أعدّته القوات الأوكرانية مقاتلا يغذي سلاحه الآلي برصاص مغموس في دهن الخنزير، حتى يقتل العدو غارسا في جسده نجاسة الحيوان المحرم في تعاليم الإسلام.

 

عقيدة غيراسيموف

وأشار الكاتب إلى أن هؤلاء الشيشانيين الذين يرتدون ملابس سوداء وغطاء رأس لا يقومون اليوم في أوكرانيا بمحاولتهم الأولى في الميدان، فقد قاتلوا في دونباس عام 2014، ودعموا الانفصاليين الموالين لروسيا في الخنادق، وعملوا كقوات إغاثة مكلفة "بتنظيف" البلدات بعد القصف المميت لمدن المعارضة في سوريا، ووجودهم الآن توضيح إضافي لعقيدة الجنرال فاليري غيراسيموف، قاتل الشيشان عام 2000 ومهندس التدمير شبه الكامل لغروزني.

وقد تم اختبار ما أصبح يسمى "عقيدة غيراسيموف" القائمة على توفير أنظمة أسلحة عالية الأداء مع استخدام محسوب للقوة الناعمة والاستخبارات، فضلا عن قوات غير نظامية في شبه جزيرة القرم في مارس/آذار 2014 وكذلك في دونباس، كما مكنت مشاركة روسيا في سوريا من تحقيق نجاحات سريعة على حساب التدمير اللاإنساني للسكان المدنيين.

وأحدث الروس ابتكارا غير مسبوق عندما أضافوا إلى فلول الجيش السوري عناصر اختيروا بعناية لتأجيرهم بغرض بث الرعب في المدن، ويمكنهم في أوكرانيا دعوة "القديروفيين" لأداء دور زارعي الإرهاب أولئك، كما يقول الكاتب.

وعلى أي حال-يختتم الكاتب-، سيكون من المستحيل أن يثبت بوتين أنه يدافع عن الإيمان من خلال إرسال إسلاميين شيشانيين لمحاربة المسيحيين الأرثوذكس في مهد روسيا المقدسة، إلا أن الأمر الأكثر إثارة للخوف هو رؤية الجنود الروس يطبقون على إخوانهم الأوكرانيين الأساليب المروّعة التي استخدموها في دعم الرئيس السوري بشار الأسد وتحويل مدن شرق أوكرانيا إلى نوع من سوريا السلافية.

المصدر : لوبوان