أحكام مسبقة وتخمينات.. الأهالي يطالبون السلطات السويدية بإعادة أطفالهم
ستوكهولم – نظمت جمعية "حقوقنا" في السويد اعتصاما مفتوحا تطالب فيه السلطات بإعادة النظر في قضايا سحب الأطفال من ذويهم، كما أقامت العديد من المظاهرات في عدة مدن احتجاجا على تعامل موظفي الخدمات الاجتماعية مع قضايا سحب الأطفال وعدم إعادة لم شمل الأهالي بذويهم.
المعتصمون تجمعوا الأربعاء الماضي أمام البرلمان، وسط ستوكهولم، حيث تجمع عدد من الأهالي ممن قامت سلطات الخدمات الاجتماعية بسحب أطفالهم ووضعهم عند أسر أخرى.
يقول علي الصيداني، أحد منظمي الاعتصام وأحد الآباء المتضررين، للجزيرة نت "نحن هنا حتى تتم إعادة أطفالنا، سنبقى معتصمين ومضربين عن الطعام حتى تستجيب السلطات لمطالبنا. لقد تم أخذ أطفالي في مارس/آذار العام الماضي وذلك بسبب ذهابي إلى لبنان دون إبلاغ المدرسة والسلطات المعنية بالسفر. الغرض من السفر كان من أجل استكمال علاج زوجتي في لبنان. وحال عودتي مع الأطفال تم سحبهم مباشرة، وحتى الآن لا أعلم مكان وجودهم".
وأضاف "الخدمات الاجتماعية سحبت طفلتيّ ذواتي الخمس والتسع سنوات دون أن تسمح لي برؤيتهما أو حتى التواصل معهما".
وبحسب قانون الرعاية الاجتماعية، فإن مسؤولية الإبلاغ واجبة على كل الجهات والمؤسسات التي تتعامل مع الأطفال حال القلق أو الاشتباه بوجود عنف يتعرض له الطفل، سواء كان ذلك نفسياً أو مادياً أو جسدياً، حيث يجب على العاملين في المدرسة والرعاية الصحية والأسنان والأماكن التي يوجد فيها الأطفال تقديم بلاغات للسلطات الاجتماعية حال وجود عنف أو الاشتباه به.
رافد، أحد الآباء المعتصمين والمشاركين بالمظاهرات، يقول للجزيرة نت "لقد أبلغت المدرسة السلطات الاجتماعية بالاشتباه بوجود عنف في المنزل تجاه ابنتي عندما كان عمرها 12 عاما وقامت السلطات بسحبها مباشرة من المدرسة دون علمنا وتم ذلك عام 2017".
ويضيف "لدي طفلان لم يتم سحبهما لكن تم التحقيق معهما واستجوابهما، وخلال التحقيق أنكر أطفالي وجود عنف في المنزل أو أنهم يتعرضون للعنف".
ويقول إن السلطات لم تقدم له أي دعم أو أي إجراء لإعادة لم شمل الطفلة وحتى إنها لم تسمح له برؤيتها إلا مرة واحدة ولمدة ساعة وذلك بوجود السلطات الاجتماعية ورجال أمن وأفراد من العائلة البديلة.
ويضيف أنه لا يوجد أحد يهتم ويحب أطفاله أكثر من الأهل "وأنا صابئي من العراق ولم أمنع ابنتي من أي شيء ولم أقم يومًا بضربها أو تعنيفها".
وتستند السلطات الاجتماعية في قراراتها إلى قانوني "رعاية اليافعين والرعاية الاجتماعية للأطفال" اللذين يعطيان السلطات الاجتماعية صلاحيات سحب الأطفال من ذويهم ومنح حضانة الأطفال والرعاية لعائلة أخرى بهدف الرعاية والحصول على "مكان آمن".
المحامية المختصة في قضايا الأسرة نتالي لارسن -في لقاء مع الجزيرة نت- قالت إن السلطات الاجتماعية تتدخل حال تلقيها بلاغا، وتقوم بإجراء تحقيق للتأكد من سلامة الطفل. وفي حال رأت السلطات أن الطفل قد تعرض للعنف أو حال تبين عدم قدرة الأهل على حماية الطفل أو عدم تلبية حاجاته الصحية والطبية واليومية عندها تقرر السلطات -بدعم من لجنة الشؤون الاجتماعية في البلديات- نقل حضانة الطفل إلى منزل وأسرة أخرى.
وتضيف لارسون أن الشؤون الاجتماعية ملزمة بإعادة النظر حال تغير الظروف التي أدت إلى ذلك في منزل الأهل.
وبحسب تقرير إدارة الشؤون الاجتماعية الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2019، فإن السلطات الاجتماعية في البلديات تلقت 180 ألف بلاغ من ذلك القبيل، خلال عام 2018، اثنتان من أصل 3 حالات تتعلق بأطفال تحت الـ 12 عاما، وغالبيتها تتعلق بوجود عنف أسري في المنزل.
وقد فتحت السلطات التحقيق في 126 ألفا منها. وتقول المحامية لارسون "هناك بلاغات لا يتم فتح تحقيق فيها حال تأكد السلطات أن وضع الطفل جيد وأنه في بيئة آمنة ويتم إغلاق الملف".
جمعية "حقوقنا" طالبت خلال المظاهرات السلطات بإعادة النظر في القضايا، والعمل على تأهيل الأهالي بدلا من سحب أطفالهم.
وخلال لقاء للجزيرة نت مع رئيسة الجمعية زينب لطيف، قالت إنهم يعملون على إيصال صوت الأهالي للبرلمان و"سنقوم بلقاء أحد أعضاء البرلمان خلال أيام".
وتضيف "على الحكومة إجراء تحقيقات محايدة من قبل أطباء نفسيين وليس من قبل السلطات الاجتماعية لأن هناك حالات فيها ظلم ولم يعمل موظفو السلطات الاجتماعية فيها طبق التشريعات والقوانين وإنما بناء على أحكام مسبقة وتخمينات".
وتؤكد رئيسة "حقوقنا" أن على الحكومة والسلطات تأهيل وتوعية العائلات القادمة حديثًا لفهم القوانين وكيفية التعامل مع الأطفال في البلد، بالإضافة إلى تدريب العاملين في سلطة الخدمات الاجتماعية على فهم القادمين إلى البلاد من مجتمعات مختلفة.
كما تطالب الجمعية السلطات الاجتماعية بالتأني قبل سحب الأطفال، والتعاون مع الأهل. وتقول "هذا ما ينص عليه القانون لكنهم لا يعملون به".