لوفيغارو: هذه بعض اعترافات أسرى الجيش الروسي.. فهل بثها قانوني؟
قالت صحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية إن السلطات الأوكرانية قدمت عدة مرات منذ بداية الغزو الروسي للصحافة أسرى و"تائبين" من الجنود الروس، مستغلة إياهم بمهارة في حرب المعلومات لتعبئة سكانها والدفاع عن روايتها، فهل لديها الحق في القيام بذلك بموجب المعاهدات الدولية المتعلقة بالنزاع المسلح؟
واستعرضت الصحيفة -في تقرير بقلم مايول ألديبير- حديثا لجندي في غرفة وكالة أنباء إنترفاكس الأوكرانية، تم تقديمه يوم 12 مارس/آذار الجاري بصفته مقدما في الفوج 47 من القوات الجوية الروسية، قال إنه كان مسؤولا عن تدمير البنية التحتية العسكرية قبل أن يأتيه الأمر بإطلاق النار على أهداف مدنية، مضيفا "لقد كان أمرا إجراميا، لكنني نفذته. كنت ضعيفا.. أدرك أن هذه جريمة وحشية وأعتذر لأوكرانيا".
وأمام الصحفيين الحاضرين، قال قائد شاب -ذكر أن اسمه أليكسي غولوفينسكي وأنه طيار في سلاح الجو البحري الروسي- "اسحبوا القوات، أوقفوا هذا الغزو. لا أرى هنا معاديا لروسيا ولا فاشيين ولا نازيين جددا"، في تصريحات يستغلها الأوكرانيون -حسب الصحيفة- للقتال بضراوة على جبهة المعلومات، إلى جانب قيادة مقاومتهم "البطولية" في ساحات الحرب.
ونبهت الصحيفة إلى أن هذه السلسلة من تصريحات تجريم الذات، إذا صح أن لها مصداقية باعتبار أوجه القصور التي أبداها الجيش الروسي منذ بداية الغزو، مبنية على دعاية يمكن أن تشكل انتهاكا لقوانين الحرب التي تنص في مختلف اتفاقيات جنيف على منع "عرض" أسرى الحرب، وذلك وفقا للمادة 13 من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949، التي تنص على أنه يجب حماية الأشخاص الذين يتمتعون بصفة أسرى الحرب من سوء المعاملة ومن "فضول الجمهور" وفقا لبنودها.
فضول الجمهور
وقال الكاتب إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي وكالة مسؤولة، بموافقة الأطراف المتحاربة، عن مراقبة السجناء، ذكّرت بأن أسرى الحرب "يجب معاملتهم بكرامة وعدم تعريضهم لفضول الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي أو في أي مكان آخر"، مشيرة إلى أن اتفاقيات جنيف تنطبق عالميا حتى على الدول الفتية، مثل أوكرانيا التي ولدت بعد توقيع هذه المعاهدات، وذلك بحكم القيمة العرفية للمبادئ التي تنطبق على الجميع.
ويقول ديفيد كومين، المحاضر في جامعة جان مولين في ليون، إن "فضول الجمهور يشير إلى مفهوم الكرامة ضمن المبادئ العامة للنزاع المسلح. ولا يحق لنا عرض ضحايا المعسكر المعارض"، مؤكدا أن "هذه ليست جريمة حرب، لكنها جريمة يمكن أن يحاكم مرتكبها أمام المحاكم الفرنسية"، إلا أن هذه القاعدة يتم تجاوزها بشكل منتظم، كما حدث عام 2003 عند القبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين "وظهر وجهه الأشعث في صورة عرضت على الرأي العام"، كما يتذكر كومين.
ولدى سؤال الصحيفة: هل مبدأ الكرامة هذا يمنع الأسرى من الشهادة ممن يريدون تقديمها حقا ودون قيود؟ رد كومين بأن "هناك أيضا مبدأ الإخلاص"، وعلى أساسه لا يحق لأوكرانيا عندما تعتقل جنديا روسيا استجوابه واستدراجه إلى خيانة بلده، لأنه لا يجوز خرق الولاء بين السجين ودولته"، كما يؤكد الخبير الذي أبدى "تحفظات جدية على هذه الشهادات غير المقيدة".
إبلاغ أسر السجناء
وقالت الصحفيّة دافني روسو من وكالة الصحافة الفرنسية، إنها دُعيت إلى مؤتمر صحفي عقد مع 10 أسرى حرب روس، مشيرة إلى "إستراتيجية الأوكرانيين المروعة للتواصل"، عندما كانت أجهزة المخابرات السرية تعد السجناء قبل المؤتمر، وقد سمعنا كل شيء عبر الباب -كما تقول الصحفيّة- حيث قيل لهم "افهموا ما فعلتم. انظروا إلى صور الأشخاص الذين قتلتم.. أمهاتكم تعتقد أنكم متم أثناء تمرين في قاعدة بروسيا. الآن ستخبرونهن بأنكم ما زلتم على قيد الحياة"، بعد ذلك "يصطف الصحفيون في مواجهة هؤلاء الجنود ليقولوا لهم كم كان الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين مجنونا، وكم هي سيئة هذه الحرب، وكم هم راغبون في العودة إلى ديارهم".
وبصرف النظر عن المؤتمرات الصحفية المنظمة "بذكاء"، انتشرت صور عديدة على شبكات التواصل الاجتماعي منذ بداية الحرب تدعو الأمهات الروسيات للحضور وأخذ أبنائهن الأسرى، مع أن "هذا الدور يتم تفويضه عادة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي وسيط إنساني حقيقي"، كما يقول ديفيد كومين.