حملات تبرع متعددة لدعمهم.. هل يغادر النازحون السوريون الخيام إلى مساكن؟
رغم حجم التبرعات والصدى الإعلامي الكبير لها، يبدي نازحون بالشمال السوري تخوفا من عدم وصول الدعم والتبرعات إلى مستحقيها، محذرين من عدم وجود آلية توزيع عادلة.
شمال سوريا- بأمل وتفاؤل كبير تترقب الخمسينية أمينة العبود أن تغادر خيمتها إلى غير رجعة، وتطوي أياما وذكريات مؤلمة قضتها في المخيم الواقع بريف إدلب شمال غرب سوريا، حيث أمضت أكثر من 5 سنوات من عمرها داخل خيمتها البالية.
وكانت العبود شاهدت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا حملات التبرع الإنسانية، التي تهدف إلى نقل نازحي المخيمات إلى وحدات سكنية مستقلة، تنهي جزءا من معاناتهم وتقدم لهم بعض الخصوصية والراحة.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsمأرب وإدلب.. هكذا تتشابهان وتختلفان في مأساة النزوح والحسابات الإقليمية
بعد أن فقدوا أمل العودة لبيوتهم.. خيام النازحين السوريين بإدلب تتحول إلى مدن من الإسمنت
وتقول للجزيرة نت إنها لم تشعل مدفأة يوما ما داخل خيمتها طوال 3 مواسم من الشتاء، وكانت تعتمد وأحفادها الثلاثة على البطانيات وارتداء العديد من الملابس الشتوية، وفي أحسن الأحوال تشعل النيران داخل علبة معدنية (تنكة) القليلَ من الأغصان اليابسة وبقايا الملابس المهترئة للحصول على قسط من الدفء.
ويحدو العبود الأمل أن يتم اختيارها ضمن الأسر التي تنتقل إلى المساكن المقدمة من حملات المحسنين، مع تأكيدها أن لا شيء يعدل المنزل في قريتها بريف حماة.
حتى آخر خيمة
وتتواصل حملات تبرع إنسانية عديدة، لجمع مبالغ مالية، بهدف إيواء النازحين في وحدات سكنية وتقديم مساعدات لهم، منها حملة "فريق ملهم التطوعي" وحملة "دفء القلوب الرحيمة" التي أطلقها فلسطينيو 48، إضافة إلى مبادرات فردية لنشطاء على مواقع التواصل من العرب والسوريين.
براء بابولي مدير قسم المأوى في "فريق ملهم التطوعي" السوري أكد أن حملة "حتى آخر خيمة" نجحت بجمع ما يزيد على 3 ملايين دولار من خلال البث المباشر للحملة التي انطلقت منذ نحو أسبوعين، لافتاً إلى أنها مستمرة لجمع التبرعات وتأمين أكبر عدد من المساكن للنازحين.
وقال -في حديث للجزيرة نت- إن الأسر المستفيدة من الحملة من النازحين قسراً إلى الشمال السوري، وتسكن في مخيمات عشوائية ومبان غير مكتملة، حيث يتم نقلها لهذه الوحدات السكنية ضمن عقد منفعة يضمن الحقوق ويوضح الواجبات.
ووفق بابولي، فعدد المستفيدين من الحملة حتى اليوم ما يقارب 300 عائلة سوف يتم نقلهم بشكل كامل إلى بيوت منزلية في مشروع "ملهم -أوتاد" بقرية نيارة، ضمن هدف للحملة خلال العام الجاري بنقل أكثر من ألف عائلة من المخيمات.
ويرى المسؤول عن الحملة أن الجهود المقدمة من قبل فريقه وباقي الجهات المعنية بشأن دعم النازحين "قليلة نوعا ما مقارنة بحجم الحاجة، ولكن تبقى بداية جيدة، للمباشرة ببناء القرى السكنية للعوائل النازحة من مناطقها".
القلوب الرحيمة
وعلى وقع العاصفة الثلجية الأخيرة التي ضربت الشمال السوري، أطلقت جمعية "القلوب الرحيمة" بالداخل الفلسطيني حملة تبرع واسعة، لدعم النازحين السوريين، لاقت تفاعلا غير مسبوق من كافة أنحاء العالم.
وتداولت معرفات الحملة على مواقع التواصل، وناشطون سوريون وعرب، فلسطينيات يقمن بالتبرع بمصاغهن الذهبي، وأطفالا صغارا يقدمون مدخراتهم، لأجل دعم حملة "دفء القلوب الرحيمة" التي أطلقتها الجمعية.
وحسب الصفحة الرسمية للجمعية على فيسبوك، فإنها اختتمت مؤخراً حملتها "دفء القلوب الرحيمة" بعد أن وصلت التبرعات إلى 10 ملايين دولار، وقد خصصتها لإغاثة اللاجئين السوريين.
وأمس الجمعة، بدأت الجمعية بإرسال قافلة شاحنات، وصفتها بأنها الأكبر من تبرعات الداخل الفلسطيني، تحمل وقود تدفئة وبطانيات وسلالا غذائية، انطلاقا من الأراضي التركية نحو سكان مخيمات الشمال السوري.
تخوف ومناشدة
ورغم حجم التبرعات والصدى الإعلامي الكبير لها، يبدي نازحون سوريون بالشمال السوري تخوفا من عدم وصول الدعم والتبرعات إلى مستحقيها، محذرين من عدم وجود آلية توزيع عادلة لهذه التبرعات والمشاريع الكبيرة.
ويؤكد عبد السلام اليوسف مدير مخيم "أهل التح" في ريف إدلب أن سكانه لم يصلهم قط أي مساعدة أو نقل أسر منه إلى مساكن حتى هذه اللحظة، متوقعا عدم وصول شيء إلى المخيم الذي يديره.
وبرر اليوسف، في حديث للجزيرة نت، توقعه بعدم وصول مساعدات أو دعم للنازحين، بأنه جاء من استلام مفوضية الأمم المتحدة نصف مبالغ إحدى الحملات وتوزيع مبالغ كأجور موظفين، في حين ذهب قسم لدعم مناطق سيطرة النظام السوري، وفق قوله.
وناشد القائمين على حملات التبرع أن يوكلوا مهمة التوزيع إلى جهات قريبة من المخيمات، وعدم الاعتماد على جهات دولية "لأجل الوصول الحقيقي لهدف تلك الحملات".