بينهم رئيس مثلي للكنيست.. نتنياهو يضع اللمسات الأخيرة لحكومته والسلطة الفلسطينية تحذر من مخططات تعزيز الاستيطان

وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو اللمسات الأخيرة على اتفاقات الائتلاف الحاكم اليوم الأربعاء، فيما قدم شركاؤه المحتملون من اليمين المتطرف تطمينات بأنهم سيكونون في خدمة كل الإسرائيليين. في المقابل، اعتبرت الرئاسة الفلسطينية تصريحات نتنياهو بشأن تعزيز الاستيطان تصعيدا خطيرا ومخالفا لقرارات الشرعية الدولية.
ومن المتوقع أن تؤدي حكومة نتنياهو المحافظ -الذي فاز تكتله المؤلف من أحزاب قومية ودينية ويمينية بفارق واضح في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- اليمين غدا الخميس، ليستكمل عودته إلى المشهد السياسي بولايته السادسة القياسية رئيسا للوزراء.
وتثير مشاركة حزبي الصهيونية الدينية والقوة اليهودية في الائتلاف الحاكم القلق في الداخل والخارج نظرا لمعارضة زعيمي هذين الحزبين قيام الدولة الفلسطينية، وتحريضهما ضد الأقلية العربية والنظام القضائي الإسرائيلي.
وقال بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية المرشح لمنصب وزير المالية والذي سيتولى الإشراف على المستوطنات اليهودية إنه سيعزز الحريات لجميع المواطنين والمؤسسات الديمقراطية في البلاد.
وأضاف سموتريتش في مقال للرأي بصحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) أن اليمين المتطرف في إسرائيل يريد أن يقربها أكثر من النموذج الليبرالي الأميركي، الأمر الذي قال إنه يستلزم ضمانات لحرية العبادة وإجراء إصلاحات "لتحقيق التوازن" في النظام القضائي.
وأوضح أن خطته للمستوطنات لا تتضمن تغيير وضعها السياسي أو القانوني، فيما بدا أنها إشارة إلى التخلي عن دعوات سابقة بضم إسرائيل الضفة الغربية، في خطوة من شأنها أن تتسبب في أزمات دبلوماسية مع واشنطن والدول العربية.
وانهارت محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي كانت تُجرى بوساطة أميركية في 2014، ويبدو أن إحياءها أمر مستبعد بعد أن جعلت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نتنياهو المشهد أكثر قتامة مما هو عليه من وجهة النظر الفلسطينية.
وشهدت الفترة السابقة لأداء الحكومة الجديدة اليمين تسريعا لوتيرة إقرار تشريعات لإرضاء شركاء الائتلاف الحاكم بما يشمل مشروع قانون توسيع صلاحيات إيتمار بن غفير زعيم حزب القوة اليهودية والمرشح لشغل منصب وزير الأمن القومي.
وأدين بن غفير في 2007 بالتحريض ضد العرب ودعم جماعة يهودية مسلحة محظورة، ونأى بنفسه مؤخرا عن بعض أفعاله السابقة، لكن الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ -الذي التقى بن غفير اليوم الأربعاء- ذكره بوجود "مخاوف" متزايدة في إسرائيل وبين اليهود الأجانب بشأن توليه المنصب.
ونقل مكتب هرتسوغ عن بن غفير قوله في بيان إنه سيعزز الإحساس بالأمن في الشوارع لنا جميعا، وإن حزبه وحزب الصهيونية الدينية لا نية لديهما لاستبعاد أو إيذاء أي قطاع من المجتمع.
وزراء الليكود
بدوره، أعلن بنيامين نتنياهو تسمية النائب من حزب الليكود اليميني يوآف غالانت وزيرا للدفاع في حكومته التي سيعرضها على الكنيست غدا الخميس لنيل الثقة.
وغالانت مولود في يافا عام 1958، وشغل في الماضي منصب قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي ووزير البناء والإسكان ووزير استيعاب المهاجرين.
كما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي تعيين يوآف كيش وزيرا للتعليم وحاييم كاتس للسياحة في حكومته الجديدة، وفق هيئة البث الرسمية.
وهذه هي المرة الأولى التي يتولى فيها كيش (56 عاما) -وهو عضو بحزب "الليكود" بقيادة نتنياهو- حقيبة وزارية، لكنه سبق أن عمل نائبا لوزير الصحة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن صلاحيات كيش في وزارة التعليم ستكون محدودة، لافتة إلى أنه تم نقل مسؤولية المناهج الخارجية بالوزارة إلى رئيس حزب "نوعم" آفي ماعوز، فيما سيخدم في الوزارة وزير آخر هو حاييم بيتون من حزب شاس.
أما حاييم كاتس (75 عاما) -الذي اختير وزيرا للسياحة- فقد سبق أن شغل منصب وزير العمل، وكذلك الرفاه والخدمات الاجتماعية، وفق المصدر ذاته.
ومنذ مساء أمس الثلاثاء بدأ نتنياهو -إلى جانب الاتفاقات الائتلافية مع مختلف الأحزاب المنضوية ضمن معسكر اليمين بقيادته- توزيع الحقائب الوزارية في حزبه استعدادا لأداء اليمين الدستورية صباح غد الخميس.
ومن المتوقع أن يعلن نتنياهو في وقت لاحق تعيينات إضافية بين أعضاء الليكود.
رئيس مثلي للكنيست
وفي السياق ذاته، رشح حزب الليكود اليميني -الذي يقوده نتنياهو- أمير أوحانا -وهو وزير سابق معروف بأنه مثلي- لشغل منصب رئيس الكنيست، في خطوة غير مسبوقة.
وسبق أن شغل أوحانا (46 عاما) منصب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، وهو أحد المقربين من نتنياهو وقيادي في حزب الليكود، ويعيش حياة المثليين مع شاب من سكان تل أبيب هو رئيس مجموعة مثليي الجنس في حزب "الليكود"، وقد تبنّيا توأما.
وبينما كتب نتنياهو في تغريدة على تويتر "بالتوفيق لرئيس الكنيست الجديد أمير أوحانا" لم يحدد بعد موعد إجراء الانتخابات لرئاسة الكنيست.
وليس من الواضح إذا ما كان لاختيار أوحانا لهذا المنصب علاقة بالانتقادات الشديدة التي وجهتها أحزاب إسرائيلية إلى حكومة نتنياهو القادمة بعد تصريحات قادة أحزاب فيها ضد المثليين.
ونهاية العام 2015 انتُخب أوحانا لعضوية الكنيست الليكود لأول مرة، ومنذ ذلك الحين حافظ على مقعده بالبرلمان الإسرائيلي.
مخاوف فلسطينية
في المقابل، اعتبرت الرئاسة الفلسطينية اليوم الأربعاء تصريحات نتنياهو بشأن تعزيز الاستيطان "تصعيدا خطيرا ومخالفا لقرارات الشرعية الدولية".
جاء ذلك في بيان للناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) ردا على إعلان نتنياهو أن حكومته المرتقبة ستعمل على تعزيز الاستيطان.
وأوضح أبو ردينة أن إعلان نتنياهو عن الخطوط العريضة لحكومته اليمينية بتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية مخالف لجميع قرارات الشرعية الدولية، وأبرزها القرار رقم "2334" الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي أكد أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة -بما فيها القدس الشرقية- غير شرعي.
بدوره، حذر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية مساء اليوم الأربعاء من اتجاهات الحكومة الإسرائيلية المرتقبة برئاسة بنيامين نتنياهو، مشددا على مواجهة الاستيطان بـ"تصعيد المقاومة" والضغط بكل الوسائل المتاحة لاقتلاع المستوطنين.
وقال هنية إن الاتجاهات السياسية والفكرية لقادة إسرائيل وحكوماتها -خاصة الحكومة المقبلة- تضع الوضع برمته على صفيح ساخن، مؤكدا أن الأولوية للشعب الفلسطيني في مواجهة أولويات الحكومة الإسرائيلية الجديدة هي المقاومة والوحدة.
وعشية عرض الحكومة على الكنيست لنيل الثقة نشر نتنياهو عبر حسابه على منصة تليغرام الخطوط الأساسية لتشكيلته الوزارية المرتقبة، معلنا أنها ستعمل على تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، والاعتراف بمرتفعات الجولان منطقة إستراتيجية.
ويؤكد إعلان نتنياهو مخاوف محلية ودولية من ازدياد وتيرة الاستيطان في ظل حكومة يمينية متطرفة هي الأولى من نوعها في إسرائيل بعد فشل جميع أحزاب اليسار في حجز مقاعد بالكنيست خلال الانتخابات التي أجريت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.