تونس.. الإعلان عن نسبة المشاركة النهائية في الانتخابات وباريس توضح موقفها
أعلنت الهية العليا للانتخابات في تونس -اليوم الاثنين- عن نتائج الانتخابات التشريعية، وأكدت أن جولة إعادة ستجري في معظم الدوائر بالنظر لفوز عدد قليل من المترشحين من الجولة الأولى، في حين انضمت فرنسا للولايات المتحدة في مطالبة السلطات بإصلاحات بعد العزوف غير المسبوق عن التصويت.
وفي مؤتمر صحفي عقد مساء اليوم، أعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر أن نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 11.2%، أي ما يمثّل مليونًا و25 ألف ناخب من مجموع 9 ملايين و163 ألفًا مسجلين باللوائح الانتخابية.
وكانت الهيئة ذكرت قبل ذلك أن نسبة الإقبال بلغت 8.8%، وهي الأضعف في الانتخابات التونسية منذ الثورة.
وقال بوعسكر إن الهيئة رصدت نحو 1800 مخالفة في الانتخابات التشريعية التي جرت السبت الماضي.
وفي وقت سابق اليوم، قال المتحدث باسم هيئة الانتخابات محمد المنصري التليلي إن جولة الإعادة للانتخابات التشريعية ستجري في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وستشمل 133 دائرة انتخابية من بين 161 دائرة بعد فوز 21 مترشحًا فقط بمقاعد في البرلمان الجديد منذ الجولة الأولى.
وأضاف المنصري أن 10 مترشحين عن 10 دوائر انتخابية فازوا آليًا، نظرًا لوجود مترشح واحد في كل دائرة.
تأثير المقاطعة
في هذه الأثناء قال نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي إن دعوات الأحزاب المعارضة لمقاطعة الانتخابات البرلمانية، واستجابة أنصارها للدعوة أثّرت بشكل كبير في نسبة المشاركة.
كما أرجع الجديدي ضعف الإقبال على الاقتراع إلى إلغاء التمويل العمومي للمترشحين وإلغاء شرط تزكية المترشح، مشيرًا إلى أن أعضاء الحكومة ارتكبوا ما وصفه بالخطأ الجسيم بعد تمسّك المجلس الوزاري بشرط حصول المترشح على 400 تزكية للمشاركة في الانتخابات التشريعية.
وكان رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر قد عدّ في وقت سابق أن نسبة المشاركة الضعيفة تعود إلى "غياب المال السياسي"، وندّدت أحزاب بينها حركة النهضة بتصريحات بوعسكر، كما استنكرها الرئيس الأسبق للهيئة كمال الجندوبي.
شرعية الرئيس
وتتواصل ردود الفعل الداخلية على العزوف غير المسبوق للناخبين التونسيين، وبينما قالت أحزاب المعارضة إن الرئيس قيس سعيّد فقد شرعيته وتعهدت بالعمل على عزله، دعت قوى موالية للرئيس إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وسوّغت النتائج بانفراد رئيس الجمهورية بالقرار.
وفي السياق، طالب رئيس حزب آفاق تونس المعارض فاضل عبد الكافي الرئيس التونسي بإيقاف ما وصفها بـالمهزلة، وإعلان حكومة طوارئ اقتصادية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وقال عبد الكافي -في مقطع نُشر على الصفحة الرسمية للحزب- إن رسالة الشعب التونسي كانت واضحة بعد عزوف أكثر من 90% عن المشاركة، داعيًا الرئيس سعيد إلى الاستماع لرسالة الشعب دون مكابرة، حسب تعبيره.
وكانت جبهة الخلاص الوطني المعارضة -التي تضم أحزابًا بينها حركة النهضة- رأت أن العزوف عن الانتخابات التشريعية يقوّض شرعية سعيّد.
كما عدّت حركة النهضة -في بيان منفصل- أن مقاطعة أكثر من 90% من الناخبين للاقتراع، تعني سحب الثقة من سعيّد ومنظومته.
وفي حين دعت رئيسة الحزب الدستوري الحر إلى إعلان شغور منصب رئاسة الجمهورية والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، قال حزب العمال المعارض إن ما وصفه بحجم المشاركة الهزيل جدًا ينزع كل شرعية عن مجمل منظومة الحكم الحالية، التي وصفها بالانقلابية.
كما قال الحزب الجمهوري إن الشعب التونسي بعث برسالة رفض لمسار ما سمّاه الانقلاب، ودعا الحزب الرئيس سعيّد إلى التنحي عن الحكم، وفسح المجال أمام مرحلة انتقالية.
بدوره، دعا رئيس المكتب السياسي لحراك "25 يوليو" الداعم لقيس سعيّد، عبد الرزاق الخلولي إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
وفي الإطار ذاته، يرى القيادي في حركة الشعب الداعمة لسعيّد، محمد المسيليني أن انفراد الرئيس بالقرار أدّى إلى هذه النتائج، وفق تعبيره.
من جهته، أشار مركز كارتر الدولي لمراقبة الانتخابات إلى أن نسبة الإقبال الضعيفة على التصويت في الانتخابات التشريعية التونسية، تعكس خيبة أمل الشعب تجاه الوضع السياسي والاقتصادي الحالي، وتوضح أن خريطة الطريق الرئاسية التي نفّذها الرئيس قيس سعيّد لم تنجح في توحيد البلاد.
وقال مدير بعثة مركز كارتر في تونس دونالد بيسون إن الإطار الذي أقيمت بموجبه الانتخابات في تونس يفتقر إلى الشرعية ولا يستجيب للمعايير الدولية، حسب تعبيره.
فرنسا بعد أميركا
دوليًا، قالت الخارجية الفرنسية -اليوم الاثنين- إن باريس علمت بالنتائج الأولية للانتخابات التشريعية التونسية وانخفاض مستوى المشاركة.
وأضافت الوزارة -في بيان- أن فرنسا تجدّد دعمها الكامل لتونس ولشعبها إزاء التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد، وتشدّد على وجه الخصوص على ضرورة إجراء الإصلاحات اللازمة، دون تأخير لضمان استقرار البلاد وازدهارها في المستقبل.
وأوضحت الخارجية الفرنسية أن فرنسا قلقة إزاء تأجيل فحص ملف تونس من قِبل مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، وتدعو إلى استئناف المباحثات بين السلطات التونسية وصندوق النقد الدولي، بهدف الوصول إلى اتفاق نهائي.
وكانت الخارجية الأميركية قالت -أمس الأحد- إن الإقبال المنخفض للناخبين في تونس يعزّز الحاجة إلى زيادة توسيع المشاركة السياسية، خلال الأشهر المقبلة.
وشدّدت الخارجية الأميركية على أهمية تبنّي إصلاحات شاملة وشفافة، بما في ذلك تمكين هيئة تشريعية منتخبة، وإنشاء المحكمة الدستورية.
ورأت أن الانتخابات التشريعية خطوة أساسية نحو استعادة المسار الديمقراطي للبلاد.