مونديال قطر فضح بالبث الحي فشل إسرائيل في تسويق التطبيع

من القناة السابعة الإسرائيلية " يا الله يا الله ياالله.. إسرائيلي برا
القناة السابعة الإسرائيلية خلال تغطيتها مونديال قطر

القدس المحتلة – الواقع الذي لطالما حاولت تل أبيب التستر عليه والترويج لقبول ركوب قطار التطبيع المزعوم، عكسته حالة الإحباط التي عبر عنها موفد القناة 12 الإسرائيلية أوهاد حيمو لتغطية أحداث كأس العالم 2022 في قطر برفض مشجعي كرة قدم عرب من جنسيات عدة إجراء مقابلات صحفية مع القناة الإسرائيلية، تعبيرا عن موقفهم الرافض للتطبيع مع إسرائيل والداعم للشعب الفلسطيني.

وفي محاولة منه للخروج من حالة الإحباط، أجرى بثا حيا ومباشرا مع مشجع قطري للحديث للتلفزيون الإسرائيلي الرسمي "كان"، لكن القطري رفض التحدث عندما عرف بأن الحديث يدور مع صحفي إسرائيلي، حيث اعتقدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن التطبيع و"اتفاقيات أبراهام" الموقعة بين تل أبيب ودول عربية ستحفز الجماهير العربية في المونديال على استقبالها "بحفاوة".

وأمام المقاطعة والرفض لإجراء المقابلات مع فرق التلفزة الإسرائيلية، وابتعاد الجماهير العربية وتلك المناصرة للقضية الفلسطينية عن الصحافيين عندما كانوا يعرفون بأنفسهم على أنهم من إسرائيل، تمادى الصحافي الإسرائيلي موفد قناة "كان 11" مواف فاردي حينما سأل المغني الكولومبي مالوما الذي أدى أغنية كأس العالم، "لقد رفضت شاكيرا ودوا ليبا المشاركة في المونديال بسبب تاريخ قطر في حقوق الإنسان، ألا تعي أن الناس سيقولون إن وجودك هنا يساعد في تحسين السجل؟!".

مقاطعة ورفض

لم يتأخر مالوما، حيث رد على فاردي "أنت وقح.."، وغادر الحوار الذي كان بالبث الحي والمباشر، وعلى خطى فاردي سار المراسل حيمو الذي قوبل بالرفض من قبل مشجعين لبنانيين وقطريين وسعوديين عندما عرفوا بأنه من إسرائيل، بل تمادى في الوقاحة، حيث اصطدم بالحوار مع مشجع عربي لف نفسه بالعلم الفلسطيني موجها خطابه للإسرائيليين "فلسطين نعم.. إسرائيل لا..".

ما عمق حالة الإحباط التي عبر عنها المراسل حيمو، وزاد من هواجس ومخاوف التأثير السلبي لمشاهد الصدام والتصادم والالتفاف الجماهيري والشعبي حول القضية الفلسطينية، هو ما واجه موفد القناة 13 الإسرائيلية تال شورر إلى الدوحة، حيث فوجئ خلال البث المباشر بتظاهرة احتجاجية رافضة للتطبيع ومساندة للشعب الفلسطيني.

لقد انتشرت تلك المشاهد بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، ووجدت تفاعلا وترحيبا واسعا من قبل النشطاء، وهو ما عزز على عكس ما أريد له الرفض المتزايد من قبل الشعوب العربية لإسرائيل، بالتالي رفع مستوى التعاطف مع الشعب الفلسطيني بشكل واضح.

تحديات وعراقيل

وعليه، ثمة أصوات في إسرائيل، يقول الصحفي الإسرائيلي يوآف شتيرن، "بدأت تنادي بوقف الاصطدامات المتعمدة من قبل المراسلين لمحطات التلفزة الإسرائيلية مع الجماهير العربية في كأس العام 2022 في قطر، إذ إن مرد تلك النداءات هو التأثير السلبي الواضح على المشاهد الإسرائيلي نفسه الذي اكتشف واقعا لم يكن يدركه بهذا الوضوح خاصة خلال السنوات الأخيرة في ظل مساعي التطبيع والتوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية".

وأوضح شتيرن للجزيرة نت أن ما حصل مع الصحفيين الإسرائيليين الموفدين لتغطية كأس العالم في قطر يعكس واقع الصراع العربي الإسرائيلي برمته، ويحدد مركزية القضية الفلسطينية لدى الشعوب العربية، ويعكس التحديات والعراقيل التي تواجه إسرائيل في أي تسوية في الشرق الأوسط من شأنها تتخطى القضية الفلسطينية.

ويعتقد الصحفي الإسرائيلي أن المونديال، بوصفه حدثا عالميا يجمع كافة الشعوب ومختلف الجنسيات حول العالم، أتى ليعيد إلى الأذهان أن إسرائيل تعيش في محيط عربي وإسلامي وهي أقلية، وأن الشعب الفلسطيني امتداده ثقافته وحضارته وعمقه مع الشعوب العربية ولا يقتصر على بقعة أرض متنازع عليها، وهو عمليا ما كشف زيف وهشاشة وفشل اتفاقيات التطبيع والسلام الموقعة بين إسرائيل الرسمية وأنظمة عربية، وهي اتفاقات تتجاوز الشعوب.

لذا، يقول شتيرن، "تعالت الأصوات الإسرائيلية التي تطالب بالكف عن الصدام والاحتكاك بالجماهير في المونديال، وذلك بعد الفشل الذريع بالاختبار الحي ولأول مرة مع جماهير عربية عفوية ومن جنسيات عدة".

وعزا ذلك إلى أن تل أبيب تخشى تداعيات هذا الفشل والتأثير السلبي على الدعاية الإسرائيلية بشأن "نجاح التطبيع"، وهو النجاح المزعوم الذي طالما روّج له سياسيون إسرائيليون وعرب وقعوا "اتفاقات السلام".

حضور واختبار

وفي حالة تعكس سعي المؤسسة الإسرائيلية الرسمية للوجود والحضور على الخريطة والساحة الشرق أوسطية قبيل كأس العالم 2022، سرد المختص في الشأن الإسرائيلي محمد خيري محاولات تل أبيب لاستباق الحدث الرياضي العالمي، وتوظيف قطار التطبيع علّها تجد حضورا في الخليج.

قبل بدء بطولة كأس العالم في قطر بشكل رسمي، يقول خيري للجزيرة نت "كانت وسائل إعلام إسرائيلية مختلفة قد أوفدت مراسليها إلى قطر، حيث اتضح من خلال التغطية أن ثمة مساعي كانت تبذل بشكل واضح ومقصود لمحاولة فرض وجود الإسرائيلي بين الناس، حتى لو كان صحفيا".

ورافقت "التغطية تقارير هدفت إلى شيطنة قطر واستضافتها كأس العالم، وفي الدوحة ومع بدء احتفالات المونديال اصطدام الصحفي الإسرائيلي بمواطنين ومشجعين من دول تعرف بمعاداتها لإسرائيل مثل لبنان وفلسطين وإيران على وجه الخصوص"، على حد وصف خيري.

حاول مراسلون إسرائيليون، يقول خيري، "فرض أنفسهم على الساحة، وربما هي كانت مشاهد غير معهودة أن يخالف الإسرائيلي توصيات وزارة الخارجية ويتحدث بلغته العبرية ويعرف عن نفسه عنوة أمام الحشود، ربما كان الأمر بمثابة اختبار إسرائيلي عن قرب للشعوب العربية نفسها، لكنه اختبار باء بالفشل".

عجز وفشل

وفي ظل فشل اختبار التطبيع مع الشعوب العربية والإسلامية، وجس نبض الشعوب من قبل بعض المراسلين الإسرائيليين، ولتدارك هذا الفشل الذي أتى ببث حي ومباشر، أوضح خيري أن بعض وسائل الإعلام بلغ بها الأمر للتغطية على العجر والفشل في اختراق الوعي العربي حد انتقاد دور المراسلين وما يحاولون فعله.

ويعتقد أن الفشل في الاختبار الحي للتطبيع ومواقف ملاحقة الصحفيين الإسرائيليين من قبل مشجعين من العالم العربي، بالهتاف لفلسطين وإنكار وجود إسرائيل، له "تأثيره السلبي على سمعة إسرائيل بداية، وعلى الإسرائيليين الذين شهدوا على الهواء مباشرة موقف الشعوب العربية من إسرائيل"، مشيرا إلى أنه بلغ الأمر ببعض اليهود لوصف هذه المشاهد بأنها "قاسية".

وتابع الخبير بالشأن الإسرائيلي "باعتقادي فشلت وسائل الإعلام العبرية فشلا ذريعا في محاولاتها التي يبدو أنه مخطط لها مسبقا، إذ لم يرحب الجمهور العربي في قطر بالحديث لمراسلي إسرائيل، بل استطاع المشجعون نقل رسالة حول الواقع الذي تحاول الحكومة ووسائل الإعلام العبرية الترويج له، وهي الرفض المطلق لإسرائيل والتعامل معها، بل حتى رفض الحديث عبر شاشاتها".

المصدر : الجزيرة