هجمات روسيا متواصلة.. نفاد الذخيرة الأميركية يعرقل إمداد أوكرانيا بالأسلحة وبوريل: موسكو غير مستعدة للسلام

Firefighters work to put out a fire at energy infrastructure facilities, damaged by a Russian missile strike in Kyiv region
رجال إطفاء يحاولون إخماد حريق في إحدى منشآت الطاقة الأوكرانية جراء قصف صاروخي روسي (رويترز)

قال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا قصفت اليوم الخميس مصنعا كبيرا للصواريخ ومنشآت لإنتاج الغاز في ضربات صاروخية جديدة على البنية التحتية المهمة في البلاد، في حين اتهم الكرملين كييف بتغيير مواقفها من إجراء محادثات سلام بين البلدين، قائلا إنه لا يتصور الدخول في مفاوضات علنية معها.

وسُمع دوي انفجارات في عدة أجزاء من البلاد، بما في ذلك ميناء أوديسا الجنوبي والعاصمة كييف ومدينة دنيبرو في وسط البلاد، وطلب من المدنيين الاحتماء مع إصدار تحذيرات من الغارات الجوية.

ولم ترد أنباء على الفور عن وقوع قتلى في الموجة الجديدة من الضربات الجوية.

وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال إن الأهداف شملت مصنع بيفدنماش الضخم للصواريخ في دنيبرو.

ونقلت وكالة "إنترفاكس- أوكرانيا" (Interfax-Ukraine) للأنباء عنه قوله في مؤتمر إن "الصواريخ تحلق فوق كييف الآن. إنهم يقصفون (منشآت) إنتاج الغاز الخاصة بنا ويقصفون شركاتنا في دنيبرو وبيفدنماش الآن".

ولم يتضح على الفور أي منشآت لإنتاج الغاز كان يشير إليها شميهال.

وقالت الإدارة الإقليمية لمنطقة كييف إن الدفاعات الجوية أسقطت طائرتين مسيّرتين من طراز "شاهد" (إيراني الصنع) فوق العاصمة الأوكرانية، كما قال مسؤولون محليون إنه تم إسقاط صاروخين روسيين في سماء المدينة.

بدورها، نقلت وكالة رويترز عن القيادة الجنوبية للقوات الأوكرانية أن قصفًا روسيًّا استهدف مدينة أوديسا.

وفي دنيبرو، سمع دوي انفجارات عدة في المنطقة جراء قصف صاروخي روسي، وفق السلطات المحلية.

وكانت السلطات أعلنت حالة التأهب الجوي في كييف ومناطق أخرى، وأرجعت ذلك إلى وجود تهديد بإطلاق الصواريخ بالتزامن مع تحليق الطيران الروسي فوق بحر قزوين.

ودعت السلطات في كييف مواطنيها إلى الاختباء في الملاجئ واتباع إرشاداتها للوقاية من أي هجوم صاروخي.

وتأتي هذه التطورات بعد الهجمات الصاروخية التي شنتها روسيا أول أمس الثلاثاء على منشآت أوكرانية حيوية، وقال مسؤولون أوكرانيون إنها الأكبر منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي.

معارك دونيتسك

وفي التطورات الميدانية أيضا، قال أوليكسي أريستوفيتش -وهو مستشار للرئيس زيلينسكي- في مقطع مصور نشره على الإنترنت اليوم الخميس إن الروس يشنون هجمات متزامنة في دونيتسك بعد أن عززوا صفوفهم بقوات منسحبة من منطقة خيرسون (جنوبي أوكرانيا).

وأضاف أريستوفيتش أن المعارك تدور في باخموت وبافليفكا وماريانكا ووفولدار.

وتابع أنه تم توجيه جزء من القوات الروسية المنسحبة من خيرسون لشن هجمات في منطقتي دونيتسك ولوغانسك في دونباس، في حين أن جزءا آخر يتم توجيهه إلى زاباروجيا (جنوب شرق) وربما إلى خاركيف (شمال شرق).

من جهته، قال المحلل العسكري الأوكراني أوليخ زدانوف إن القوات الأوكرانية صدت هجمات على مدينتي أفدييفكا وبيلوروفكا، مشيرا إلى أن القوات الروسية القادمة من خيرسون بدأت تنتشر في دونيتسك.

وكانت قيادة الأركان الأوكرانية ذكرت أن قواتها صدت 9 محاولات تقدم روسية في منطقة دونيتسك خلال الأيام القليلة الماضية.

وفي مقاطعة لوغانسك، ذكرت قيادة الأركان الأوكرانية أن 50 جنديًا روسيًّا سقطوا بين قتيل وجريح في قصف استهدف تمركزا للقوات الروسية قرب بلدة "دينيز هينكو فو" في المقاطعة.

وأكملت القوات الروسية يوم الجمعة الماضي انسحابها من مدينة خيرسون، في ظل التقدم الذي حققته القوات الأوكرانية في هجومها المضاد لاستعادة مقاطعة خيرسون ككل بعد أن استعادت قبل ذلك معظم مقاطعة خاركيف ومدنا وبلدات في دونيتسك.

ومدينة خيرسون هي العاصمة الإقليمية الوحيدة التي سيطرت عليها القوات الروسية في أوكرانيا منذ بدء الحرب.

مشكلة أميركية

وفي شأن متصل، نقلت شبكة "سي إن إن" (CNN) الأميركية عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الولايات المتحدة تعاني من نفاد بعض الأسلحة والذخيرة المتطورة التي يمكن نقلها إلى أوكرانيا.

وذكرت أن مصدر القلق ينبع من صعوبة تلبية طلبات أوكرانيا من ذخيرة المدفعية وصواريخ ستينغر المضادة للطائرات.

كما أشارت المصادر إلى مخاوف أميركية بشأن إنتاج أسلحة إضافية لا سيما صواريخ هيمارس وجافلين وصواريخ أرض أرض.

كما لفتت إلى أن البنتاغون يناقش خطورة نقص الأسلحة وإعادة تعويض المخزونات، مؤكدة أن واشنطن لن تكون قادرة على توفير ذخائر عالية الجودة لأوكرانيا إلى أجل غير مسمى.

توافق أميركي أوكراني

سياسيا، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن كييف وواشنطن تتفقان على أن روسيا تتحمل المسؤولية الكاملة عما وصفه بـ"الإرهاب الصاروخي" وعواقبه، في أوكرانيا وبولندا ومولدوفا.

وأكد كوليبا -في اتصال مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن- ضرورة تسريع تسليم أنظمة الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، لا سيما أنظمة "باتريوت".

على صعيد آخر، شكّك الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الخميس في تأكيدات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الصاروخ الذي سقط في الأراضي البولندية قبل يومين هو صاروخ روسي.

وفي تصريحات لبايدن عقب عودته إلى البيت الأبيض بعد مشاركته في قمة مجموعة العشرين بجزيرة بالي الإندونيسية، قال الرئيس الأميركي إن كلام زيلينسكي يخالف الأدلة الموجودة.

وكان الرئيس البولندي أندريه دودا قد قال إن الصاروخ الذي سقط في بولندا وتسبب في مقتل شخصين أطلقته الدفاعات الجوية الأوكرانية على الأرجح.

وبينما قال وزير الدفاع الأميركي إن روسيا تتحمل بالنهاية مسؤولية ما وقع بسبب حربها على أوكرانيا، أكدت الخارجية الروسية أنها استدعت السفير البولندي لدى روسيا ودعت وارسو إلى عدم التورط فيما وصفتها باستفزازات كييف.

لا مفاوضات علنية

وفي سياق متصل، اتهم الكرملين اليوم الخميس أوكرانيا بتغيير مواقفها فيما يتعلق بإجراء محادثات سلام بين البلدين، وقال إنه لا يتصور الدخول في مفاوضات علنية معها ودعا واشنطن لدفع كييف نحو الدبلوماسية.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في مؤتمر صحفي، إن الولايات المتحدة قادرة على أخذ مخاوف روسيا في الاعتبار ويمكن أن تشجع كييف على العودة إلى طاولة المفاوضات إذا أرادت ذلك.

وأضاف أن أوكرانيا غيرت موقفها فيما يتعلق بالرغبة في التفاوض مع موسكو عدة مرات خلال الصراع المستمر منذ 9 أشهر ولا يمكن التعويل عليها.

وقال بيسكوف للصحفيين إنهم يتفاوضون أولا، ثم يرفضون التفاوض، ثم يسنون قانونا يحظر أي نوع من المفاوضات، وبعدها يقولون إنهم يريدون المفاوضات، ولكن المفاوضات العلنية.

وتابع "لذلك من الصعب تصور مفاوضات علنية… هناك شيء واحد مؤكد، هو أن الأوكرانيين لا يريدون أي مفاوضات".

وقال بيسكوف إنه في ظل ذلك ستواصل موسكو ما تسميه "عملية عسكرية خاصة"، وإن الضربات الصاروخية على أهداف في أنحاء أوكرانيا كانت نتيجة عدم استعداد كييف للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

تشكيك أوروبي

من جانبه، قال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليوم الخميس إن السلام في أوكرانيا لن يكون ممكنا إلا بعد سحب روسيا قواتها، لكنه أضاف أن موسكو لم تبد أي علامات على استعدادها لذلك.

وقال لرويترز في مدينة سمرقند بأوزبكستان "أخشى أن روسيا ليست مستعدة للانسحاب، وطالما لم تنسحب فلن يكون السلام ممكنا".

وأضاف أن روسيا هي التي يتعين عليها جعل السلام ممكنا، فعلى المعتدي أن ينسحب إذا أراد سلاما مستداما.

تحقيق أممي

من جانبها، أعلنت الأمم المتحدة اليوم، أن وفدا تابعا لها سيزور أوكرانيا قبل نهاية العام الجاري، لإجراء تحريات حول وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان هناك.

وقالت روزماري دي كارلو نائبة الأمين العام للمنظمة للشؤون السياسية، في كلمة بمجلس الأمن إن الأوكرانيين يتعرضون لأشد قصف منذ بداية الحرب.

وأوضحت أن لجنة تابعة للأمم المتحدة، تخطط لزيارة أوكرانيا للمرة الثانية، قبل نهاية هذا العام 2022، لتحري حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان هناك.

وأشارت إلى أن القانون الدولي يحظر شن هجمات تستهدف المدنيين والبنى التحتية المدنية.

وأفادت بأن المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تواصل توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في أوكرانيا.

ووفق الأمم المتحدة، فإن الحرب الروسية الأوكرانية أودت حتى الآن بحياة أكثر من 6 آلاف و500 شخص، وأدت لإصابة ما يزيد على 10 آلاف آخرين.

المصدر : الجزيرة + وكالات