حرائق النفايات بصفاقس التونسية.. غضب من كارثة بيئية تهدد المدينة وانتقاد لتعامل السلطات

تعيش ولاية (محافظة) صفاقس التونسية على وقع كارثة بيئية منذ ما يزيد عن سنة بسبب تكدس النفايات وعدم رفعها
حرق النفايات في صفاقس (مواقع التواصل)

تعيش ولاية (محافظة) صفاقس التونسية على وقع كارثة بيئية منذ ما يزيد على سنة بسبب تكدس النفايات وعدم رفعها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد اندلع حريق واسع داخل أحد مكبات النفايات بالمدينة، نتجت عنه سحب كثيفة من الدخان، وأدى إلى غلق عديد المدارس والإدارات.

وأثار هذا الوضع غضب سكان المدينة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، وفي سابقة من نوعها دعا والي (محافظ) صفاقس فاخر الفخفاخ مساء أمس الرئيس قيس سعيد إلى إغلاق موقع فيسبوك بسبب ما أسماه انتشار الشائعات، موجها الشتائم إلى منتقدي تعامل السلطات مع هذه الأزمة.

ومنذ سنة تجتاح النفايات وروائحها الكريهة شوارع مدينة صفاقس الصناعية الكبيرة (جنوب شرق) وتعود جذور هذه الأزمة إلى إغلاق مكب النفايات الرئيسي في منطقة عقارب التابعة للولاية ذاتها نهاية سبتمبر/أيلول2021، ومنذ ذلك الحين "ترفض البلديات جمع النفايات حتى تجد الدولة الحلول".

وتيرة الغضب

وتصاعدت وتيرة الغضب الشعبي في صفاقس بسبب تفاقم هذه الأزمة وتحوّلها إلى كارثة بيئية تهدد سلامة السكان، وما زاد الأمر سوءا اندلاع حريق هائل في المكب العشوائي للنفايات.

وتدخلت وحدات الدفاع المدني بالجهة لمحاولة إطفاء الحريق، بعد أن امتد الدخان إلى أغلب أرجاء المدينة وساهم في مزيد من الروائح الكريهة التي تضاف إلى أطنان من النفايات لم يتم رفعها منذ مدة طويلة.

وساهم هذ في تعميق الأزمة، وخلف حالة من الغضب والاحتقان بين سكان المدينة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين صبوا جام غضبهم وانتقاداتهم على السلطات.

وقد حذر عدد من الأطباء من خطورة ما يحدث، حيث دعا أخصائي أمراض القلب والشرايين والناشط السياسي الدكتور ذاكر الأهيذب، السلطات الصحية في صفاقس، إلى إعلام السكان إذا كان الدخان به مخاطر على صحة المواطنين، والقيام بإجلاء الأهالي عقب ذلك.

مقاطع وصور

وانتشرت على المنصات التونسية صور ومقاطع للفيديو توثّق انتشار الدخان الكثيف ما حوّل سماء المدينة إلى اللون الرمادي، كما وثّقت اندلاع حرائق متفرقة بالقرب من سور المدينة العتيقة.

وفي رده على هذا ظهر والي صفاقس -في بث مباشر على موقع فيسبوك خلال اجتماع طارئ بمقر الولاية للجنة مجابهة الكوارث- منتقدا ما أسماه الشائعات التي تتداول على المنصات بشأن الحريق.

ودعا الفخفاخ رئيس الجمهورية إلى إغلاق موقع فيسبوك، واصفا منتقديه بعبارات نابية، واعتبر أنه "لا حاجة لفيسبوك وما يروج عليه فهناك الإذاعات" إلا أنه انتقد أيضا أداء بعض الإذاعات التي قال إنها أيضا تتخذ موقف هجوميا.

وقوبل خطاب الوالي بالكثير من الاستغراب والاستهجان، واعتبرت عدة حسابات أن المسؤول الجهوي الأول عن حل هذه الأزمة لا يعرف كيف يتعامل معها ويلقي باللوم على صفحات على فيسبوك.

وأتاحت تصريحات الوالي المجال لانتقاد أعلى هرم السلطة، واعتبر المنتقدون أن هناك توجها عاما للتضييق على حرية التعبير التي تعد من أهم مكاسب الثورة التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

جدل وتبرير

وعقب الجدل الذي أثارته تصريحاته وانتشار مقطع الفيديو، قال والي صفاقس في تدوينة له على موقع التواصل إنه كان يقصد أصحاب الصفحات "التي لا تحترم مواثيق التواصل والصداقة الافتراضية والذين يبثون الفوضى والأكاذيب ويرددون الإشاعات المغرضة".

 

وفي تفاعله مع الأمر، التقى سعيد وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي، وناقش معها الوضع البيئي بصفاقس. وبحسب البيان فقد أصدر رئيس الجمهورية تعليماته بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لوضع حد لهذه الكارثة البيئية بالتنسيق مع كل الهياكل المعنية.

وأضاف البيان أن الرئيس اعتبر أن هذا الوضع غير طبيعي، بل الهدف منه تأجيج الأوضاع بكل الوسائل، وأكد أن صفاقس التي تعاني أصلا من التلوث يتم اليوم التنكيل بسكانها بعدم رفع النفايات وحرقها، مما زاد الأوضاع تفاقما.

ولم يمثّل خطاب الرئيس رسالة طمأنة، حيث اعتبره كثيرون عاما، ولم يقدّم حلولا ملموسة.

 

في هذه الأثناء، قررت عدد من المنظمات والمؤسسات المهنية وناشطي المجتمع المدني تنظيم "وقفة غضب" أمام بلدية صفاقس للاحتجاج على هذا الوضع، وستلي هذا التحرك تحركات تصعيدية أخرى من أجل إبلاغ صوت أهالي المدينة التي تهددها الكارثة البيئية.

يُشار إلى أن النيابة العمومية أمرت بفتح تحقيق في ملابسات الحريق المندلع في مكبّ النفايات بطريق الميناء، الذي قرر والي المنطقة غلقه في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي