احتجاجات إيران.. طهران تعتزم فرض عقوبات على كيانات أميركية وتتهم الموساد واستخبارات غربية بنشر الفوضى

أعلنت طهران أنها ستفرض عقوبات على شخصيات وكيانات أميركية وكندية لضلوعها في دعم ما سمته الإرهاب والترويج للعنف، بينما اتهمت الاستخبارات الإيرانية الموسادَ الإسرائيلي بالعمل على نشر الفوضى في البلاد، بدعم من أجهزة استخبارات غربية وإقليمية.
يأتي هذا بينما تواصلت الاحتجاجات الشعبية في طهران وعدة مدن والتي أشعلتها وفاة مهسا أميني. في المقابل خرجت مظاهرات مؤيدة للنظام تنديدا بالهجوم على مزار ديني في مدينة شيراز الأربعاء الماضي، كما أعلن الحرس الثوري تفكيك قنبلة في شارع رئيسي مزدحم بالمدينة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن طهران ستفرض قريبا عقوبات على شخصيات وكيانات أميركية وكندية لضلوعها في دعم ما سماه الإرهاب والترويج للعنف والكراهية، مما تسبب في نشر الفوضى والشغب والأعمال الإرهابية في إيران، حسب تعبيره.
من جانبه، قال الرئیس الإيراني إبراهيم رئيسي إن من سماهم الأعداء يسعون إلى تحويل الجامعات الإيرانية إلى مكان يسوده الشغب والفوضى.
وأضاف خلال لقائه رؤساء جامعات العلوم الطبية، أن تطور البلاد وبلوغها الاكتفاء العلمي الذاتي يخلق اليأس لدى العدو.
وأكد رئيسي أن طهران تتبنى إستراتيجية تعزيز القدرات المحلية، لكن إستراتيجية العدو هي إضعاف الدول المستقلة وجعلها في حاجة إليه، حسب قوله.
اتهام الموساد
وفي السياق، قالت الاستخبارات الإيرانية واستخبارات الحرس الثوري إن لديهما معلومات تؤكد ضلوع أجهزة استخبارات غربية في نشر الفوضى بإيران.
وأضاف الجهازان، في بيان مشترك، أن "الموساد" الإسرائيلي يقود الجهود لزعزعة الأمن في إيران، بمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا ودول إقليمية.
وأوضح البيان أن أجهزة استخبارات معادية دربت عملاء لها في دول مثل تركيا والإمارات وأرمينيا وهولندا وإيطاليا على نشر الفوضى في إيران.
وكشف البيان أن أحد العملاء التقط أول صورة للفتاة مهسا أميني عندما كانت في المستشفى، وأن عميلاً آخر حرض ذويها على الدولة.
وأكد البيان أن هناك مخططًا لتكرار ما حدث في سوريا واليمن وليبيا والعراق وأفغانستان، مشددًا على أن مشروع تدمير إيران سيفشل.
استمرار الاحتجاجات
وفي محافظة سيستان بلوشيستان جنوب شرقي إيران أفاد مجلس تأمين المحافظة بمقتل طفل وإصابة 14 آخرين من المواطنين وقوات الشرطة خلال احتجاجات شهدتها مدينة زاهدان مركز المحافظة اليوم.
من جهتها، قالت وكالة أنباء "تسنيم" إن الاحتجاجات هي محاولة لما وصفته بزعزعة الأمن في المدينة، وسط انتشار أمني كبير للشرطة.
ونشر ناشطون صورًا لمتظاهرين يرددون شعارات مناوئة للنظام الإيراني.
وفي مدينتي سراوان ومهاباد تجمع محتجون ورددوا شعارات مناوئة للنظام الإيراني بينما ردت عليهم قوات الشرطة بالغاز المسيل للدموع.
وتشهد إيران احتجاجات شعبية في عدة مدن تنديدا بوفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، بعد 3 أيام من اعتقالها على يد شرطة الأخلاق بذريعة عدم ارتداء ملابس محتشمة. وتقول جماعات حقوقية إن ما لا يقل عن 250 محتجا لاقوا حتفهم، فضلا عن اعتقال الآلاف.
وأفادت وكالة أنباء "إسنا" الإيرانية بانتشار كثيف لقوات الأمن في مدينة "زاهدان"، مركز محافظة سيستان بلوشستان جنوب شرقي البلاد، عقب دعوات لتنظيم احتجاجات الجمعة.
وكان مجلس تأمين مدينة "زاهدان" قرر إقالة قائد الشرطة ورئيس مخفر، بعد اتهامهما بسوء التصرف خلال احتجاجات دموية شهدتها المدينة في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، وراح ضحيتها 35 من المواطنين وقوات الشرطة والحرس الثوري، بحسب إحصاءات رسمية.
وفي محافظة كردستان (غرب)، أفادت وكالة أنباء فارس الإيرانية بمقتل شخصين خلال احتجاجات واضطرابات في مدينة بانه.
وقال المساعد الأمني والسياسي لحاكم محافظة كردستان مهدي رمضاني إن اثنين من المواطنين قتلا وأصيب اثنان من أفراد الحرس الثوري والشرطة بجروح خطرة، خلال احتجاجاتٍ وصفها بالعنيفة الليلة الماضية في مدينة بانه.
كما أعلنت وكالة فارس مقتل ضابط بقوات "الباسيج" متأثرا بإصابته خلال احتجاجات شهدتها طهران الأربعاء الماضي؛ وقالت إن محتجين مسلحين أطلقوا النار على قوات الأمن.
وقالت الوكالة إن 3 مدن في المحافظة -وهي دِهْكُلان وسنندج ومريوان- شهدت احتجاجات مماثلة ردد خلالها المحتجون شعارات مناوئة للنظام، وهاجموا ممتلكات عامة وألقوا الحجارة على قوات الأمن والشرطة التي فرّقت المحتجين باستخدام الغاز المسيل للدموع.
كما شهدت مدن إيرانية كطهران وأراك وأرومية ومشهد ولاهيجان وبْروجِرْد ومدن أخرى، الليلة الماضية، احتجاجات مماثلة، ردد فيها محتجون شعارات تطالب بالحرية.
إدانة حقوقية
من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية إن قوات الأمن الإيرانية قتلت 8 أشخاص على الأقل منذ الليلة الماضية، عندما فتحت النار على المعزين والمتظاهرين في 4 مدن.
وطالبت المنظمة -في تغريدة- مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعقد جلسة خاصة بشأن إيران بشكل فوري، من أجل منع المزيد من الخسائر في الأرواح.
كما عبّر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة -اليوم الجمعة- عن القلق إزاء معاملة إيران للمحتجزين من المتظاهرين، وأشار إلى أن السلطات ترفض الإفراج عن بعض جثث القتلى.
وقالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان -في إفادة صحفية في جنيف- "لقد رأينا الكثير من سوء المعاملة… ونشهد أيضا مضايقة لعائلات المحتجين".
وأضافت أن ما يثير القلق بشكل خاص هو المعلومات التي تفيد بأن السلطات تنقل المتظاهرين المصابين من المستشفيات إلى مراكز الاحتجاز، وترفض تسليم جثث القتلى إلى ذويهم.
وذكرت أن السلطات تضع في بعض الحالات شروطا لتسليم الجثث، إذ تطلب من العائلات عدم إقامة جنازات أو التحدث إلى الإعلام.
مظاهرات المؤيدين
في المقابل، خرجت في العاصمة طهران ومدن إيرانية عدة مظاهرات للتنديد بالهجوم المسلح على مزار ديني في مدينة شيراز الأربعاء الماضي، والذي تسبب في مقتل 15 وإصابة 19 آخرين.
وتركزت المظاهرات في مدن شيراز ومشهد وأصفهان وقم، حيث ندد المشاركون بما سموها أعمال الشغب في البلاد.
كما رفعوا شعارات ضد ما وصفوه بالإرهاب وداعميه، ورددوا هتافات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا.
وقال حاج علي أكبري إمام صلاة الجمعة في طهران: "سنثأر لدماء شهداء شيراز".
كما تعهد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي -أمس الخميس- بالثأر من الذين يهددون أمن البلاد.
في غضون ذلك، أفادت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية بأن استخبارات الحرس الثوري تمكنت من تفكيك قنبلة قبل أن تنفجر في أحد الشوارع الرئيسية بمدينة شيراز جنوبي البلاد.
وأوضح الحرس الثوري أن وحدته الاستخبارية أحبطت هجوما بالقنابل في شيراز، كما أعلن حاكم شيراز اعتقال شخص واحد على صلة بالحادثة قبل أيام.