في أول تصريح ضمني له بشأن مفاوضات فيينا.. خامنئي: التفاوض لا يعني "التسليم للعدو"

خامنئي أقر بالمشكلات الاقتصادية في بلاده وأكد ضرورة الوحدة ومشاركة الشعب في صنع القرار (الأناضول- أرشيف)

أكدت رسالة للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي أن التفاوض لا يعني "التسليم للعدو"، وذلك في إشارة ضمنية إلى المباحثات الجارية بين بلاده والقوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي في فيينا، لكنه تجنب ذكر تلك المفاوضات بالاسم. 

قال خامنئي -في خطابه اليوم الأحد- بمناسبة "ذكرى انتفاضة" أهالي مدينة قم ضد نظام الشاه السابق عام 1978 إن "عدم التسليم لعدو مستكبر هو أحد مبادئ الثورة الإسلامية، ولا يجب التسليم للعدو، ولا يجب أن يتم التسامح مع غطرسة العدو".

وأضاف -في الخطاب الذي بثته قنوات التلفزة الإيرانية- "على سبيل المثال، أن نفاوض، أو نناقش، أو نتفاعل أحيانا مع العدو، هو مسألة أخرى. والثورة تقول لنا بضرورة عدم التسليم لما يقوله العدو. لم نسلم حتى اليوم، وإن شاء الله، هذا ما سيكون عليه الحال في المستقبل".

ورأى خامنئي أن الانتفاضة التي شهدتها قم عام 1978 "شكلت نواة سلسلة من التحركات الشعبية التي أدت إلى انتصار الثورة الإسلامية"، معتبرا أن "هذه الواقعة كانت مصدر تغيير كبير، ويجب تخليد ذكراها للأجيال القادمة".

مبادئ الثورة

وتابع قائلا "إن أعداء الثورة الإسلامية ونظام الجمهورية الإسلامية يحاولون تقليل حساسية الشعب الإيراني تجاه مبادئ الثورة وأسسها والحكم الديني تدريجيا، وذلك بطرق مختلفة ومن خلال الدعاية المكثفة في الفضاء السيبراني ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي".

واعتبر خامنئي "الالتزام بمبادئ الثورة من أهم طرق التنمية في البلاد، وأكد "أهمية الحفاظ على الوحدة، وتقليل عوامل التفرقة في البلاد"، لافتا إلى أنه "من الطبيعي وجود اختلافات في الآراء والأذواق والأساليب، بما في ذلك الاختلافات الدينية بين الشيعة والسنة، لكن يجب ألا نسمح لهذه الاختلافات أن تؤدي إلى المواجهة وتصعيد الخلافات وتضعيف التلاحم الشعبي".

وقال إن "سياسة فرق تسد هي ديدن أعدائنا طوال تاريخهم الاستعماري في المنطقة؛ يجب ألا ننخدع بهذه السياسة الشيطانية، وعلينا أن نقوي الأمل الذي يسعى الأعداء إلى أن يطفئوا شعلته ويحولوه إلى يأس في قلوب الشباب وننفذ جميع الوعود التي نقطعها للشعب في وقتها من دون نقص".

الأزمة الاقتصادية

كما تطرق إلى المشاكل الاقتصادية التي تعانيها بلاده، قائلا "على الرغم من وجود المشاكل الاقتصادية، والتضخم وغلاء الأسعار، والظروف المعيشية الصعبة في البلاد، فعلينا أن نبرز نجاحات الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولا نبقيها طي الكتمان؛ فنظام الجمهورية الإسلامية حقق عشرات النجاحات في مختلف المجالات".

وأكد أيضا "ضرورة مشاركة الشعب في اتخاذ القرارات في مختلف الأجهزة، والنظر في مقترحات الخبراء والمتخصصين في المجالات المختلفة، واعتماد آلية يمكنها استخدام هذه المقترحات والأفكار".

ولم يتطرق خامنئي في خطابه بشكل مباشر إلى مباحثات فيينا، إلا أنها المرة الأولى التي يقارب فيها مسألة التفاوض بشكل عام منذ استئناف مباحثات إحياء الاتفاق النووي في فيينا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

التوقيت

ويأتي خطاب المرشد الأعلى -الذي يحظى بالكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد- في وقت تخوض فيه إيران مباحثات فيينا التي تهدف إلى إحياء الاتفاق المبرم عام 2015 بشأن برنامجها النووي، وذلك مع الأطراف التي لا تزال منضوية فيه، أي فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا.

وبدأت المفاوضات نيسان/أبريل الماضي، وتشارك الولايات المتحدة -التي انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق عام 2018- بشكل غير مباشر في هذه المباحثات.

وبعد تعليق المفاوضات لنحو 5 أشهر اعتبارا من يونيو/حزيران الماضي، تم استئنافها أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وخلال الأيام الماضية، عكست تصريحات المعنيين بالمفاوضات سواء من الجانب الإيراني أو الأطراف الأخرى تحقيق بعض التقدم في المباحثات.

وتشدد طهران -خلال المباحثات- على أولوية رفع العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها بعد انسحابها من الاتفاق، والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي. في المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية على أهمية عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها بموجب الاتفاق، التي بدأت بالتراجع عنها عام 2019، ردا على انسحاب واشنطن.

وأتاح الاتفاق رفع عقوبات اقتصادية عن إيران، في مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، إلا أن مفاعيله باتت في حكم اللاغية منذ انسحاب واشنطن في عهد الرئيس السابق ترامب، وأبدى الرئيس الأميركي جو بادين -الذي خلفه مطلع 2021- استعداده لإعادة بلاده إلى الاتفاق النووي، لكن بشرط امتثال طهران مجددا لبنوده.

المصدر : الجزيرة + وكالات