لوفيغارو: غرب أفريقيا في زمن عقداء الجيش.. بعد بوركينا فاسو على من الدور؟

في البداية كانت مالي التي شهدت انقلابين، ثم جاء انقلاب غينيا لتستمر الظاهرة بانقلاب بوركينا فاسو يوم الاثنين الماضي؛ وتكون بذلك 3 دول غرب أفريقية شهدت انقلابات في 18 شهرا ، فمن يحتمل أن يلحق بهذه الدول الثلاث؟
هذا ما حاول الكاتب تانغو برتمي الإجابة عنه، في تقرير له بصحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية، مشيرا إلى أن تلك الانقلابات استقبلت بترحيب واسع بين السكان.
ولفت إلى أن هذا الترحيب تجسّد في نزول الحشود في كل من باماكو وكوناكري وواغادوغو إلى الساحات للاحتفال بالعصر الجديد الذي -حسب اعتقادهم- سيفتحه هؤلاء الرجال الذين يرتدون الزي العسكري.
وأوضح الكاتب أن ما يثير القلق هو أن هؤلاء المتظاهرين هم أنفسهم الذين صرخوا قبل عقد من الزمن مطالبين بالديمقراطية وبالمدنيين في الرئاسة.
وأضاف أن السؤال الذي يطارد العواصم المجاورة الآن بسيط: هل سينتشر هذا المرض؟ لينقل عن مسؤول من غرب أفريقيا اعترافه بأن ذلك يخيف الجميع، "فنحن ننظر إلى بعضنا. يبدو أن النيجر دولة هشة كما أن غينيا بيساو لم تكن قط قوية بما فيه الكفاية".
وأبرز أن أوجه التشابه في العدوى لا تتوقف عند هذا الحد، فالرجال الأقوياء الجدد يبدون كالإخوة، فهم عقداء شباب، في أوائل الأربعينيات من العمر، غير معروفين لعامة الناس ولكنهم يحظون باحترام كبير بين قواتهم، كما أنهم تدربوا في أفضل المدارس، إنهم رجال ميدان معروفون في ساحة الوغى ويبدون متواضعين ومصممين، وفقا للكاتب.
ونقل عن مسؤول أفريقي قوله إن الناس في هذه البلدان سئموا من الديمقراطيات التي لم تجلب لهم شيئًا سوى الانتخابات، لقد استشرى الفساد في بلدانهم، ومن ثمّ أصبحوا يتوقون إلى نموذج النظام والانضباط الذي يجسّده الجيش ونموذج التطور الاستبدادي الذي تروّج له روسيا والصين، على وجه الخصوص، وفقا لهذا المسؤول.
وفور انقلاب بوركينا فاسو ودون انتظار، يقول الكاتب إن يفغيني بريجوين -الرئيس غير الرسمي لشركة المرتزقة الروسية فاغنر- رحب بهذه "الحقبة الجديدة من إنهاء الاستعمار في أفريقيا"، في حين قال ألكسندر إيفانوف، الذي يمكن أن يوصف بالمتحدث باسم "المدربين" الروس في القارة، إنه مستعد لمشاركة التجربة الروسية مع بوركينا فاسو.
وفي المقابل، يقول الكاتب إن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لا حول لها ولا قوة، وهي مضطرة إلى الإدانة والانتظار.
كما أن فرنسا لا حول لها ولا قوة، وإن كانت دانت الانقلاب الأخير، ولكن من دون جدوى، إذ إن مصداقية الرئيس إيمانويل ماكرون تقوّضت على نحو كبير بسبب الدعاية المناهضة لفرنسا من جهة، وبسبب رحلته في أبريل/نيسان الماضي إلى العاصمة التشادية (نجامينا) لتحية الاستيلاء غير الديمقراطي على السلطة من قبل محمد ديبي بعد وفاة والده.
واختتم الكاتب بأن الانطباع الذي تركته مباركة فرنسا لتسلّم محمد ديبي السلطة مثّل ازدواجية في المعايير؛ "لقد كان أمرًا مدمرًا" باعتراف أحد الدبلوماسيين الفرنسيين، إذ إن نجاح انقلاب بوركينا فاسو بعد انقلاب مالي يهدد بجرّ منطقة الساحل إلى وضع خطير لا تحسد عليه.