الاستقرار يبدأ بالحرية.. رامي شعث يطالب أوروبا بتغيير قواعد اللعبة وإنهاء أزمة حقوق الإنسان بمصر

الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث
السلطات المصرية أفرجت قبل أيام عن رامي شعث بعد أكثر من 800 يوم من الاعتقال (مواقع التواصل الاجتماعي)

القاهرة – وصف الناشط السياسي الفلسطيني المصري رامي شعث ما عاشه في سجنه، وتحدث عن أسوأ ما مر به في معتقله، كاشفا أنه سيتحدّى التخويف الذي لقيه من السلطات المصرية، لينشط في المجال الحقوقي حتى الإفراج عن آخر معتقل رأي في مصر.

وطالب شعث البرلمان الأوروبي بما وصفها "محاسبة النظام المصري على مجموع انتهاكاته"، مشيرا إلى ضرورة تغيير قواعد اللعبة واعتماد أوروبا لإستراتيجية استقرار في مصر تقوم على دعم الحريات وحقوق الإنسان.

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN) الأميركية، قال شعث "أنا سعيد وأشعر بالحرية، ولكن ما زلت أحتاج إلى وقت للتعافي مما مررت به، فقد مرت مدة طويلة من السجن، وأنا ما زلت أتعلم العودة إلى الحياة الطبيعية، فأنا الآن أستطيع استخدام الهاتف وقيادة السيارة، وأفعل كثيرا من الأمور الحياتية الاعتيادية التي كنت أفتقدها على مدى أكثر من 800 يوم عشتها في السجن".

واضطر شعث إلى التنازل عن جنسيته المصرية إذ كان ذلك شرطا للإفراج عنه في وقت سابق من الشهر الجاري، بوساطة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وعند سؤاله عن أسوأ ما عاشه في السجن، قال إن ذلك بدأ منذ أول 3 أيام عاشها معتقلا، قضاها معصوب العينين ومكبّلا بالأصفاد طوال الوقت إلى الحائط، وانتهت أيام بالسجن بالطريقة ذاتها حتى آخر 3 أيام قبل الإفراج عنه.

إعلان

وقال "على مدار عامين ونصف مكثت داخل مساحة 23 مترا، كغرفة معيشة صغيرة فيها من 18 إلى 32 شخصا آخرين من المعتقلين".

وقبل أسبوعين، رد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على انتقادات وجهت إلى بلاده في ملف حقوق الإنسان، مؤكدا أن الواقع في مصر ليس كذلك، على حد قوله في مداخلة بجلسة في منتدى شباب العالم الذي تنظمه مصر سنويا.

وأشار السيسي إلى أهمية عدم قصر حقوق الإنسان على حرية التعبير والممارسة السياسية، مؤكدا أن مصر حريصة على حقوق الإنسان في ضوء المعتقدات والأفكار التي تؤمن بها، من دون أن يكون ذلك تحت أي نوع من أنواع الضغوط، كما شدد على ضرورة التناول المتكامل والشامل للأوضاع في مصر، ووضعها في الحسبان عند تناول قضية حقوق الإنسان.

 

وفي سياق متصل، طالب شعث أعضاء البرلمان الأوروبي بضرورة الخروج من سياسة الشجب وتقديم المطالب إلى تبنّي موقف فعلي ضد النظام الحاكم في مصر وما وصفها بـ"انتهاكاته الجسيمة لحقوق المواطنين المصريين".

وقال شعث موجها كلامه لأعضاء البرلمان "ما دمتم لم تقوموا بتحرّك فعلي ضد النظام ومحاسبته على مجموع انتهاكاته، فإن قيادته لن تكترث بمناشداتكم ومطالبكم السابقة، وأي تحرّك فعلي وصارم سيكون له تأثير مباشر على واقع ومستقبل حقوق الإنسان في مصر".

وفي كلمته أمام البرلمان الأوربي في ستراسبورغ، أمس الأربعاء، أوضح شعث أنه منذ خروجه من السجن وهو يتعرّض "للإرهاب من قبل النظام الحاكم في مصر بهدف إسكاته"، مؤكدا أنه لن يتراجع عن الدفاع عن فقراء مصر ومناضليها.

وأضاف أن "مصر تغلي من الداخل، لأن الناس تواجه يوميا حالات ومواقف متكررة من الفقر والقمع، وإذا أردتم علاقات إستراتيجية طويلة الأمد مع مصر، فعليكم أن تلتزموا أولا بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان".

ولفت إلى الأوضاع السيئة للسجناء، مشيرا إلى وجود أماكن جيدة داخل السجن لكنها مخصصة فقط لزيارات لجان حقوق الإنسان، ومن بينها زيارة متوقعة للبرلمان الأوروبي.

إعلان

واتهم شعث السلطات المصرية بإرهاب المعارضين من خلال اعتقالهم غير القانوني، وقال إن مصر اليوم تحولت إلى "جمهورية خوف وإرهاب"، وهو ما اضطر منظمات حقوقية إلى وقف عملها خشية المطاردة والمنع من السفر ومصادرة ممتلكات أعضائها والزج بهم في السجون.

 

 

وكشف أنه خلال مدة اعتقاله عُرض 10 مرات أمام المدّعي العام المصري، وقُدِّم 20 مرة أمام قاضي التحقيق في حين جُدّد حبسه 30 مرة، مشيرا إلى أنه طوال هذه المدة خضع للتحقيق 45 دقيقة فقط، بغرض استنطاقه عن موقفه من ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وعن المرشح الرئاسي الذي صوّت له في الانتخابات التي بعد الثورة.

كما كشف شعث أنه التقى داخل أقبية السجون العديد من المواطنين البسطاء الذين أوقفوا على يد ضابط شرطة في الشارع، وجريمتهم الوحيدة هي أن الضابط وجد على هاتفهم تعليقا أو منشورا أو حتى نكتة عن النظام الحاكم، ليكون ذلك سبب اعتقالهم وتقديمهم للمحاكم على أنهم "إرهابيون".

وأكد أنه شاهد الضرب والإهانة غير الإنسانيين وغير القانونيين اللذين يتعرّض لها المعتقلون في السجون المصرية أثناء دخولهم السجن، معتبرا أن النظام القضائي المصري مسيّس إلى حد بعيد، وأن الضباط المتحكمين في السجون لديهم رغبة جامحة في عدم الالتزام بالقانون أو حتى إجراءاته الشكلية، وأنهم لا يترددون في القول للسجناء "لا يوجد قانون يحميكم منا، أنتم ملك لنا ونستطيع أن نفعل بكم ما نريد".

جدير بالذكر أن شعث أحد وجوه ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ومنسّق "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (بي دي إس) (BDS) الداعية لمقاطعة إسرائيل في مصر، اعتقل في يوليو/تموز 2019 بتهمة إثارة "اضطرابات ضد الدولة"، وقامت السلطات بترحيل زوجته الفرنسية سيلين لوبران إلى باريس في اليوم الذي اعتقلته فيه.

إعلان

وفي أبريل/نيسان 2020 أُدرج اسم شعث -وهو نجل نبيل شعث القيادي البارز والوزير السابق في السلطة الوطنية الفلسطينية- في القائمة المصرية "للكيانات والأفراد الإرهابيين"، في قرار انتقدته بشدة منظمات غير حكومية وخبراء أمميون.

المصدر : الجزيرة

إعلان