مقال بصحيفة لوموند: الأسد يتزعم تجارة الكبتاغون في الشرق الأوسط

ثني نظام الأسد عن متابعة مثل هذه التجارة المربحة سيتطلب المزيد من الجهود، ويمكنه أن يتباهى بتحويل بلاده إلى أول دولة مخدرات جديرة بهذا الاسم في الشرق الأوسط.

الكاتب: نظام الأسد طور صناعة الكبتاغون من أجل الالتفاف على العقوبات الدولية (الأوروبية)

ذكر مقال بصحيفة لوموند (Le Monde) الفرنسية أن الرئيس السوري بشار الأسد طوّر الإنتاج الصناعي لمخدر الكبتاغون في سوريا، من أجل الالتفاف على العقوبات الدولية وترسيخ شبكات الولاء له، وأصبح ثنيه عن متابعة أو حتى تحجيم مثل هذه التجارة المربحة أمرا غاية في الصعوبة.

وأوضح الخبير في شؤون الشرق الأوسط جان بيير فيليو -في مقال بمدونته بالصحيفة- أن بشار الأسد لم يكتف بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والمجازر المنظمة والاغتصاب الممنهج وحملات الاختفاء القسري، وطرد مجموعات سكانية بأكملها، وغيرها من الجرائم المنسوبة إليه؛ فأضاف إليها الآن -اقتناعا منه بإفلاته من العقاب- جريمة الإنتاج الضخم والتسويق العدواني للمخدرات، حتى أصبحت الأراضي السورية الخاضعة لسيطرته منطقة الإنتاج الرئيسية للكبتاغون.

أبو الهلالين

وذكر الكاتب أن الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما أرسل جيشه لاحتلال جزء كبير من لبنان عام 1976، لم يضيع الوقت وأخذ ضريبته على الحشيش المزدهر في سهل البقاع اللبناني، ثم شجع على تنمية زراعة الخشخاش هناك، قبل أن ينشئ مختبرات لتحويل الأفيون المنتج محليا إلى هيروين تحت سيطرة الجيش السوري المحتل، وأنشأ أباطرة نظام الأسد الذين يديرون هذه التجارة المربحة عصابات في سوريا يسمونهم "الشبيحة".

وأضاف الكاتب أن رئيس المخابرات العسكرية اللواء علي دوبا يترأس هذا "التنظيم" (الكارتل)، قبل أن يهمشه بشار الأسد الذي خلف والده حافظ عام 2000، وأصبح زعيما مطلقا لسوريا، غير أن انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005، تحت ضغط شعبي، أدى إلى إنهاء دورة المافيا الأولى للدكتاتورية السورية، حسب تعبير الكاتب.

أما الدورة الثانية – وفق الكاتب- فقد بدأت قبل بضع سنوات، ولكنها هذه المرة في الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، وتم تعديل العرض في هذه الحالة وفقا للطلب القوي جدا على الكبتاغون، وهو مادة اصطناعية تعتمد في البداية على الفينتيلين، وتسمى "أبو الهلالين"، بسبب حرفي سي (C) المتداخلين المرسومين عليها كعلامة تجارية.

وترافق ازدهار ورش تصنيع الكبتاغون المحلية مع هبوط المليشيات السورية إلى جحيم الحرب السورية، وذلك لتزويد المقاتلين بالمنشطات الاصطناعية أولا، ثم ضمان مصدر للعملة الأجنبية للقوات المحلية.

وطوّر عناصر تنظيم الدولة الإسلامية صناعة الكبتاغون الخاصة بهم، ليتم تهريبها إما إلى تركيا أو إلى المناطق الموالية للأسد، إلا أن استعادة النظام الأراضي من تنظيم الدولة، بمساعدة سلاح الجو الروسي والمليشيات الموالية لإيران جعلت الأسد اليوم -حسب الكاتب- زعيم الكبتاغون من غير منازع على النطاق الإقليمي.

بقيادة ماهر الأسد

ويقول الكاتب إن العقوبات الدولية المفروضة على نظام الأسد أدت إلى اتباع سياسة استباقية لإنتاج وتسويق الكبتاغون تحت المسؤولية التنفيذية للواء ماهر الأسد، الأخ الأصغر للرئيس، ورئيس الفرقة الرابعة المتورطة في العديد من عمليات القتل والانتهاكات، ولذلك يقوم جنود سوريون يرتدون الزي العسكري بحماية ورش إنتاج الكبتاغون، إن لم تكن أصلا أنتجت في منطقة عسكرية مقيدة الدخول، وتسمح الشبكة المحكمة من حواجز الفرقة الرابعة في جميع أنحاء الأراضي الخاضعة لسيطرة نظام الأسد بالتداول السلس لشحنات الأمفيتامين.

ويضيف الكاتب أن تحقيقا نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الشهر الماضي حدد اثنين من المستفيدين من الحرب، المعروفيْن بأنهما القنوات "المدنية" الرئيسية لمثل هذه التجارة؛ أحدهما عامر خيتي، الذي أصبح نائبا بعد "الانتخابات التشريعية"، مكافأة له على خدماته المخلصة، والثاني هو خضر طاهر الذي منحه الأسد وسام الاستحقاق في السياق نفسه.

وخلص الكاتب إلى أن ثني نظام الأسد عن متابعة مثل هذه التجارة المربحة سيتطلب المزيد من الجهود، مستنتجا أن "الطاغية السوري" -حسب تعبيره- يمكن أن يتباهى بتحويل بلاده إلى أول دولة مخدرات جديرة بهذا الاسم في الشرق الأوسط.

المصدر : لوموند