لوبس: مفتون بالأسلحة وكراهية المسلمين.. حكم مخفف على فرنسي خطط لتفجير مسجد

A French Muslim, of Algeria origin, who wants to be named "Cherif" talks to the media, holding a French flag, in front of the Great Mosque of Paris after the Friday priest, in Paris, France, Friday, Nov. 20, 2015 one week after the Paris attacks. France called Friday on its European Union partners to take immediate and decisive action to toughen the bloc's borders and prevent the entry of more violent extremists. (AP Photo/Francois Mori)
الإسلاموفوبيا ما فتئت تكتشف بين أفراد وجماعات من فرنسا (أسوشيتد برس)

قالت مجلة "لوبس" (L’Obs) الفرنسية إن الشاب هوغو دي (25 عاما) الذي خطط لتفجير مسجد لومان في فرنسا والمبغض للمسلمين حُكم عليه يوم 13 يناير/كانون الثاني الجاري بالسجن لمدة عامين، مع أنه يمثل حالة من الخطورة بالمعنى الإجرامي قد تخلّ بالنظام العام؛ فهو إنسان ضائع مهووس بالزعيم النازي أدولف هتلر، كما أنه مفتون بالأسلحة والمخدرات والنازية والمواد الإباحية.

وأوضحت المجلة -في تقرير من إلسا فيغورو- أن هذا الشاب أظهر نفسه في تسجيل مصور على موقع الدردشة "آزار" (Azar) وهو يحمل بندقية صيد وذخيرة في يديه، وقد رسم صليبا معقوفا إلى جانب عينه اليمنى، وهو يقول "هناك كثير من الناس الذين سيغادرون معي"، ولم تنتبه السلطات القضائية له إلا بعد أن نبّه الشرطة إليه طالب على الإنترنت كان قد رماه بأنه "عربي قذر".

وأشارت المجلة إلى أن هذا الحكم الذي أصدرته محكمة سابل دولون بفاندي جاء خفيفا، لأن هوغو دي الذي خطط لمهاجمة مسجد ولمهاجمة "العرب" عموما حوكم "فقط" بتهمة التهديد بالقتل والانتهاكات المتعددة للتشريعات المتعلقة بالأسلحة، ولم يحاكم بتهمة التهديد الإرهابي ولا بالدفاع عن الإرهاب وتمجيده، وهي تهم كانت ستقوده مباشرة إلى ولاية قضائية أكثر خصوصية وأشد قسوة.

وكانت هذه القضية فرصة للمحكمة لتحقيق العدالة من دون إحداث كثير من الضجيج، لأنها وضعت يدها على رجل يتباهى بقدرته على ارتكاب الأسوأ، و"يمثل حالة من الخطورة بالمعنى الإجرامي، ولديه مظهر مقلق، ويحب الاستفزاز"، حسب استنتاج الطبيبة النفسية التي عاينته، مؤكدة أن هوغو دي "فاقد للشعور بالذنب تماما، ويقول، حتى قبل أن يسأله أحد، إنه يستطيع أن يحقق العدالة بنفسه".

ترسانة أسلحة حقيقية

في غرفة هوغو دي، العضو في نادي "إيرسوفت" (airsoft)، عثر ضباط الشرطة على ترسانة حقيقية، تشمل بندقية "22 ل ر" (22LR) نصف آلية وبندقية آلية، ومئات الخراطيش، وشريط يد عليه علامة "الشرطة" تحت سريره، وقد أشاروا إلى "كراهيته للمسلمين"، واهتمامه الخاص بالمتفجرات في فرنسا التي يحسب أنها "على شفا حرب أهلية"، ولم ينكر إطلاقا أمام الشرطة إطلاقه الشتائم العنصرية، ولا تخطيطه لمهاجمة مسجد لومان، كما أنه "لم يخف كراهيته للمسلمين"، حسب قاضي التحقيق.

وفي هاتف هوغو دي المحمول وجهاز الكمبيوتر الخاص به وعلى قرصه الصلب كان معظم المحتوى يتعلق بالأسلحة والمخدرات والنازية والمواد الإباحية، إذ يظهر مرة متنكرا في هيئة أدولف هتلر ومرة يرتدي خوذة عليها الصليب المعقوف، كما أن أشرطة الفيديو لديه تعج بصور التعذيب والقتل وبها مشهد لقطع أحد الرؤوس، كما أورد التقرير.

وفي الأجهزة الخاصة بهذا الشاب، عثر كذلك على أكثر من 600 ألف ملف يحتوي على صور أسلحة ذات دلالات معادية للأجانب، وأكثر من ألف ملف إباحي، ويقول قاضي التحقيق إن "الكشف عن مختلف الوسائط لديه سلط الضوء على زيارته لمواقع تحث على الكراهية وعلى اهتمامه الزائد بالأيديولوجيات القاتلة، وذلك يؤكد نزعة كره الأجانب والعنف المتأصل في الشخص المعني"، غير أن والدته ساندرين، التي تدافع عنه، تقول إن "اهتمامه كان منصبّا بالأساس على الأشياء الحربية، ولهذا وجدت في منزله أشياء من الحقبة النازية"، وهو ليس عنصريا -كما تقول- "لأن لديه كل أنواع الأصدقاء".

الله يغفر.. ليس لي

ووصف التقرير هوغو دي، الشاب الأعزب ذا العينين الزرقاوين، الذي يبلغ طوله مترا و86 سنتيمترا، ويزن 120 كيلوغراما، ويعمل طباخا في مخيم، ويعدّ نفسه بفخر إنسانا "وطنيا"، وقد وشم جانبا من صدره بعبارة "اللهم اغفر، ليس لي"، كأنه يخلق بذلك قصة لإخفاء بؤسه، واختراع الانتماء للوطن من أجل البقاء، لأن حياته في الواقع تتلخص في سلسلة من الإهمال.

وقد حكى هوغو دي للخبيرة النفسية هذه الحياة الصعبة و"الطفولة القذرة"، في كنف والدين انفصلا عندما كان "صغيرا جدا"، بعد أن "غادرت والدتي بسبب العنف هربا من رجل كان يضربها، وكانت خائفة منه"، ليجد الطفل نفسه في منزل والده "الفظ" الذي يشرب كثيرا ويضربه بانتظام، و"يغير الزوجات باستمرار".

اختفت الأم 13 عاما، تاركة طفلها وحيدا غارقا في همومه، ومحطما بسبب الضرب، وتقول ساندرين "ابتعدت لأنني كنت خائفة من والده الذي يضربني بالركلات واللكمات"، وعندما أصبح هوغو دي مراهقا غرق في عزلته، يصنع القنابل ويريدها أكثر قوة في كل مرة، أما والده فآل به الأمر إلى الانتحار تاركا رسالة، ويقول ابنه إنه "ترك رسالة، لكنه لا يتحدث عني"، ثم وجد والدته في سن الـ20.

هكذا ربّاه والده

وتساءلت المجلة: كيف يمكن التعامل مع كل هذا الغضب المتراكم؟ وضد من سيوجه من الآن فصاعدا؟ وكيف يمكن توجيه هذه الطاقة المدمرة التي تتحول إلى الكراهية؟ لتخلص إلى أن هوغو جرب الإدمان والطعام والحشيش أيضا وفحم الكوك والفطر والكحول وكل شيء، ولكن كل ذلك لم يعمل في النهاية، ومن ثم يجرب الآن الشغف الجديد بالأسلحة، الذي طوّره، مثل طفل يجمع الألعاب المحببة إليه.

تقول الطبيبة النفسية إن هوغو دي "كلما راكم مزيدا من الأسلحة، شعر أنه لا يقهر"، كأن الآلام التي تحمّلها والضربات والأحزان المدفونة تحوّله، وهو الشخص الضعيف والهش، إلى رجل شديد الصلابة، سيئ وخطير، حتى إنه يقول للطبيبة النفسية "ما سأقوله لكم بغيض، لكن كل شيء غير قانوني يروق لي"، وتعقب والدته بالقول "هكذا ربّاه والده".

طعم العنف

ويقول هوغو دي الذي تثيره الأسلحة، إنها "ليست للزينة. إنها مصنوعة للقتل". وعندما تسأله الخبيرة: هل كان قادرا على القتل؟ يرد بأنه لا يريد الظهور "غبيا"، ولا "المجازفة" بالذهاب إلى حد "الاعتراف"، مضيفا بغموض "إنه اختيار له سبب"، "لا فرق بين أن تقتل واحدا أو تقتل 15″، لأن طعم العنف هو الذي يبقي هوغو دي متماسكا، فهو يسعد كثيرا بالتنفيس عن غضبه على الناس، في تطبيق "أزار"، كما كان والده يفعل معه.

وانتهت المجلة إلى أن هوغو دي اختار أن يتقيّأ على الناس المعاناة الدائمة والضربات التي تحمّلها والألم المدفون في أعماقه، في زخات من الكراهية، لأنه يريد أن يكون مخيفا، ولذلك استنتجت الطبيبة النفسية أن "الحالة العقلية للشخص المعني قد تخلّ بالنظام العام".

المصدر : لوبس