روسيا تتمسك بمطالبها.. بلينكن في جولة أوروبية لبحث الأزمة مع موسكو وتحذيرات من مغبة غزو أوكرانيا

Secretary of State of U.S. Antony Blinken waves as he arrives at Boryspil International Airport, in Kyiv, Ukraine, January 19, 2021. Alex Brandon/Pool via REUTERS
وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن وصل إلى كييف لبحث الأزمة مع روسيا (رويترز)

بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة أوروبية تشمل أوكرانيا وألمانيا، لبحث الجهود الدبلوماسية لتهدئة التوتر الناجم عن الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا، في وقت جددت فيه روسيا التأكيد على ضرورة تلبية مطالبها تفاديا لأي تصعيد، وسط تحركات دبلوماسية هدفها تجنب حرب طاحنة.

وقد التقى بلينكن في كييف كلا من نظيره الأوكراني والرئيس فلودومير زيلينسكي. وقال بلينكن قال إن زيارته في إطار التنسيق مع كييف قبيل لقائه نظيره الروسي في جنيف بعد يومين.

وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأوكراني، حذر بلينكن من أن روسيا ربما تستعد لإرسال مزيد من القوات باتجاه أوكرانيا، داعيا الرئيس الروسي إلى اختيار المسار السلمي.

وسينتقل بلينكن بعد كييف إلى برلين للاجتماع مع المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. وستناقش المجموعة الجهود المشتركة لردع أي عدوان روسي على أوكرانيا، بما في ذلك فرض عقوبات قاسية على روسيا.

كما قال مسؤول في وزارة الخارجية إن بلينكن سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف بعد غد الجمعة.

وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت أن الوزير بلينكن بحث هاتفيا مع لافروف نتائج الحوار الإستراتيجي بين موسكو وواشنطن والمباحثات بين روسيا وحلف الناتو.

وقالت الوزارة إن بلينكن شدد خلال الاتصال على أهمية مواصلة المسار الدبلوماسي لتهدئة التوترات على خلفية الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا.

وأضافت الخارجية الأميركية أن بلينكن جدد التزام واشنطن الثابت بسيادة أوكرانيا، وشدد على أن أي مباحثات بشأن الأمن الأوروبي يجب أن تشمل الدول الأعضاء في حلف الناتو والشركاء الأوروبيين بما فيهم أوكرانيا.

مطالب روسية

من جانبها ذكرت الخارجية الروسية أن لافروف أكد لنظيره الأميركي ضرورة تقديم الولايات المتحدة ردا مكتوبا بشأن مقترحات روسيا الأمنية في أقرب وقت ممكن.

ووفقا للخارحية الروسية، فقد حث لافروف بلينكن على إجبار كييف على الامتثال لاتفاقيات مينسك.

وجاء في بيان صادر عن الخارجية الروسية أن لافروف أبلغ بلينكن أن موسكو بحاجة إلى ردود "محددة لكل مادة على حدة" من مقترحاتها "في أسرع وقت ممكن"، داعيا نظيره الأميركي إلى "التوقف عن إصدار تكهنات حول قرب عدوان روسي مزعوم".

وقال لافروف في وقت سابق أمس الثلاثاء إنه لن تكون هناك مفاوضات أخرى حتى يقدم الغرب إجابات مناسبة.

ووصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الوضع في أوكرانيا بأنه متوتر للغاية.

وقال بيسكوف إن هناك إمدادا متواصلا لأوكرانيا بالأسلحة بالتزامن مع مناورات عسكرية مختلفة، وهو ما يقود نحو المزيد من التوتر، حسب تعبيره.

واعتبر بيسكوف اللقاء المرتقب بعد غد الجمعة بين لافروف وبلينكن في فيينا بأنه مهم للغاية، موضحا أن أجندة المباحثات بين الوزيرين واضحة بالنسبة لموسكو.

وبخصوص مقترح الوساطة التركية بين موسكو وكييف، قال بيسكوف إن روسيا ترحب بجهود أي بلد لحل الوضع في أوكرانيا، مشيرا إلى أن الخلاف الأساسي بين روسيا وأوكرانيا يتمثل في تعطيل كييف تنفيذ اتفاقيات مينسك.

لهجة مشددة

وشددت واشنطن لهجتها أمس الثلاثاء ضد موسكو، وقال البيت الأبيض إن روسيا مستعدة لهجوم محتمل على أوكرانيا يمكن أن يحدث في "أي وقت"، محذرا من أن الرد الأميركي سيشمل كل الخيارات.

وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحفيين بأن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، محذرة من "وضع خطير للغاية".

وفي سياق الدعم الأميركي لأوكرانيا، كشف مسؤول أميركي رفيع بأن إدارة بايدن سمحت بتخصيص 200 مليون دولار كمساعدات دفاعية أمنية إضافية لأوكرانيا.

وكانت الولايات المتحدة قد سلمت أوكرانيا مساعدات عسكرية بقيمة 450 دولار قبل تحركات القوات الروسية نحو الحدود الأوكرانية أواخر العام الماضي.

من جهته أجرى، أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالا هاتفيا مع نظيره الفنلندي سولي نينيستو، وذكر بيان للبيت الأبيض أن الرئيسين ناقشا المخاوف المشتركة بشأن الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا، إضافة لبحث أهمية الشراكة الدفاعية الوثيقة لفنلندا مع الولايات المتحدة وحلف الناتو لضمان الأمن بشمالي أوروبا.

في السياق ذاته قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن واشنطن مستعدة لمواصلة المباحثات مع روسيا، لكنها على استعداد أيضا للرد بشكل قوي في حال غزوها الأراضي الأوكرانية.

وأضاف سوليفان لمجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) أنه بإمكان واشنطن وموسكو وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي العمل معا للتوصل إلى تفاهمات، وأن على موسكو اتخاذ قرارها بهذا الشأن.

أسلحة

في غضون ذلك، نقلت شبكة "سي إن إن" (CNN) التلفزيونية الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن تبحث تزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة إذا قرر الرئيس الروسي غزوها.

كما نقلت رويترز عن مسؤول أميركي قوله إن نشر قوات عسكرية روسية في بيلاروسيا يثير قلقا إزاء احتمال استخدام هذه القوات في غزو أوكرانيا.

وقد أعلنت الحكومة البريطانية أنها بدأت إمداد أوكرانيا بأسلحة ردا على ما وصفته بالسلوك الخطير المتصاعد من قبل روسيا.

وكان وزير الدفاع البريطاني بن والاس قد أطلع البرلمان البريطاني على مبيعات الأسلحة لأوكرانيا ونوعها، وقال إنه تم اتخاذ قرار بتزويد أوكرانيا بأنظمة دفاعية خفيفة مضادة للدروع، وإرسال عدد من المستشارين العسكريين البريطانيين إلى كييف لتدريب القوات الأوكرانية.

وأكد والاس أن الأسلحة البريطانية ليست أسلحة إستراتيجية، وأن هدفها مساعدة كييف في الدفاع عن نفسها ولا تشكّل أي تهديد على روسيا.

تحركات دبلوماسية

من جانبه قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ إن الحلف جاهز للحوار والاستماع لمخاوف روسيا، لكنه لن يتنازل عن مبادئه بشأن انضمام دول جديدة.

وأضاف ستولتنبرغ أن الحلف يدعم أوكرانيا على مستوى سياسي وسيادي، ويدعم تطوير مؤسساتها الدفاعية.

وتصل وزيرة الخارجية الألمانية إلى موسكو قادمة من العاصمة الأوكرانية كييف لتلتقي نظيرها الروسي لافروف، وتحذره من تكلفة باهظة لأي عدوان جديد على أوكرانيا.

وترى الوزيرة الألمانية أن الدبلوماسية هي الحل الوحيد للتوتر، وأن بلادها لن تتنازل عن مبادئها الأساسية.

ويؤكد لافروف من جهته أن بلاده لا تهدد أحدا ولا تقبل أي مطالب تتعلق بوجود قواتها داخل أراضيها.

ولا يغفل لافروف أن ثمة ورقة ضغط على الطاولة في اجتماعه مع الوزيرة الألمانية، وهي وقف العمل بمشروع "نورد ستريم 2".

وبحسب لافروف، فإن تسييس المشروع ستكون له نتائج عكسية. و"نورد ستريم 2″ هو أكبر مشروع في العالم لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا وبقية الدول الأوروبية. ويقوم على نقل الغاز بخطوط أنابيب عملاقة في بحر البلطيق على مسافة 2230 كيلومترا.

ومن شأن البدء به تهميش أوكرانيا التي يمر أنبوب لنقل الغاز الروسي في أراضيها، وترى بعض الدول الأوروبية أن على برلين أن تتريث وألا تفصل ما هو سياسي وسيادي أوروبي عما له صلة بالطاقة.

دور تركي

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن بلاده على استعداد للقيام بأي دور من أجل خفض التوتر بين روسيا وأوكرانيا.

جاء ذلك في كلمة أمس الثلاثاء خلال مشاركته عبر اتصال مرئي في ندوة لمؤسسة "سيركل فاونديشن" البريطانية حول التبعات المحتملة للتوتر الروسي الأوكراني على أوروبا وحلف الناتو.

وأكد قالن أن تركيا لا تدعم أي عمل عسكري روسي ضد أوكرانيا أو أي صراع وحرب بين البلدين، وشدد على دعم أنقرة الكامل لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها وسلامتها الاجتماعية.

وأضاف أن تركيا لا ترغب في اندلاع حرب جديدة، إذ إن العالم شهد حروبا عديدة مؤخرا مثل العراق وسوريا، داعيا روسيا وأوكرانيا إلى التهدئة.

المصدر : وكالات