رؤساء الوفود يعودون لبلدانهم للتشاور.. تفاؤل حذر بشأن نتائج مفاوضات النووي الإيراني بفيينا

قال مصدر مطلع على المحادثات التي تجري في فيينا اليوم الجمعة إن هناك عددا كبيرا من القضايا في عدة مجالات ما زالت دون حل في المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وسط تفاؤل روسي وأوروبي وإيراني حذر بشأن الوصول إلى اتفاق خلال الفترة القادمة.

وقال المصدر للصحفيين "في كل جزء من الورقة (غير المكتملة التي تحدد الخطوط العريضة لاتفاق) توجد قضايا ما زالت قيد الدراسة"، مضيفا أنه رغم أن المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح "فلا توجد فسحة من الوقت".

جاء ذلك في وقت تحدث فيه مراقبون عن تقدم المفاوضات لإنقاذ الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني بهدوء خلف أبواب مغلقة في فيينا.

وقالت مصادر مقربة من مفاوضات فيينا إن رؤساء الوفود سيعودون إلى عواصم بلادهم للتشاور، لكن الخبراء يواصلون عملهم.

وبدأ يتغيّر الخطاب بعد انطلاقة صعبة، فصار الحديث يجري عن "جهود" و"تقدم" و"مسار إيجابي"، رغم أن الغرب يواصل استنكار "بطء" المسار في ظل استمرار إيران في تطوير برنامجها النووي.

وصرح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأنه "وصلتنا رسائل غير رسمية من واشنطن تحمل كلاما جيدا لكنها تفتقر إلى مبادرات عملية".

في حين نقل مراسل الجزيرة عن مصدر مقرب من مفاوضات فيينا قوله إن أي تفاهم نهائي سيطبق عبر مراحل تستغرق شهورا.

وذكرت مصادر مقربة من مفاوضات فيينا لرويترز أن المتفاوضين وصلوا إلى مرحلة التفاصيل الدقيقة، وهي أكثر المراحل إلحاحا.

وأشار مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى أن هناك إمكانية للتوصل لاتفاق مع إيران في مفاوضات فيينا والأجواء أفضل مما كانت عليه.

ورأى بوريل اليوم الجمعة أن أجواء المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الدولي مع إيران باتت "أفضل" مما كانت عليه قبل نهاية العام، مشيرا إلى "احتمال" التوصل إلى اتفاق في فيينا "في الأسابيع المقبلة".

وقال بوريل إثر اجتماع لوزراء خارجية الدول 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إن "الأجواء أفضل بعد عيد الميلاد؛ قبل ذلك كنت بالغ التشاؤم، واليوم أعتقد أن هناك احتمالا للتوصل إلى اتفاق".

وأشار إلى احتمال التوصل إلى "نتيجة نهائية" في "الأسابيع المقبلة"، مضيفا أنه "ما زلت آمل أن من الممكن إعادة صياغة الاتفاق وتطبيقه".

وأعلنت روسيا اليوم الجمعة أنها "متفائلة" بشأن المحادثات الدولية الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني، لافتةً إلى "تقدّم" أُحرز في هذه المسألة الحساسة.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن هناك تقدمًا حقيقًّا في مفاوضات فيينا بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، مشيرًا إلى أن الدول الغربية تجاوزت مسألة بحث البرنامج الصاروخي وتصرفات إيران في المنطقة، ودعا لافروف طهران إلى أن تكون واقعية وبنّاءة في المفاوضات، حسب وصفه.

وبعد جولة أولى من الجلسات من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران في النمسا، استؤنفت الاجتماعات في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بين مختلف الدول التي لا تزال أطرافا في الاتفاق الذي يحمل رسميا اسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وهي الثلاثي الأوروبي ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة إضافة إلى الصين وروسيا وإيران.

وتحرص المفاوضات على إعادة واشنطن إلى الاتفاق الذي انسحبت منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وإعادة طهران إلى احترام التزاماتها التي توقفت عن العمل بها ردا على إعادة فرض العقوبات الأميركية.

تفاؤل حذر

ووصف سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي المفاوضات بأنها "تسارعت"، معتبرا أن "فرص التوصل إلى حل ازدادت".

كان ذلك أيضا رأي طهران التي أشادت بالرغبة الحالية لجميع المفاوضين في التوصل إلى "اتفاق موثوق ومستقر".

وكذلك تراجعت واشنطن عن تشاؤمها الشديد الذي أظهرته الشهر الماضي، وسجلت على لسان المتحدث باسم خارجيتها نيد برايس تحقيق "تقدم متواضع"، لكنها حذرت من أن "ذلك لا يكفي".

وترفض مختلف الأطراف تحديد موعد نهائي، لكن الغربيين يكررون باستمرار أن "الوقت ينفد".

وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس من أنه لم يتبق سوى "بضعة أسابيع".

وقال بلينكن إنه في حال فشلت المحادثات "سنبحث في خطوات أخرى وخيارات أخرى" مع حلفاء الولايات المتحدة "في أوروبا والشرق الأوسط وما بعدهما". وأضاف "نحن مستعدون لأيّ من المسارين".

وكان قائد الأسطول الأميركي الخامس أكد أن التغلب على تهديد إيران يتمثل في تعزيز الردع والشراكات بالمنطقة، مبينا أن طهران أخطر تهديد يراه في المنطقة.

كما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن المفاوضات مع إيران تسير ببطء، وأن الوقت قد حان لحسم المفاوضات. وأشار لودريان إلى أنه على إيران أن تختم هذه المفاوضات وإلّا سيدخل الجميع في أزمة، حسب تعبيره.

إلغاء العقوبات

في المقابل، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن حكومته وضعت المتابعة الجادة لإلغاء العقوبات على رأس جدول أعمالها، وإنها لم تؤجل جهودها لإحباط هذه العقوبات في انتظار نتائج المفاوضات مع الغرب في فيينا.

وأضاف رئيسي -في تغريدة- أنه رغم ظروف الحظر ازدادت مبيعات النفط الحالية ولم يعد لدى بلاده أي قلق بأن عائدات النفط ستعود إليها.

وفي تصريح له الخميس، كان رئيسي قال إن صادرات البلاد غير النفطية ارتفعت 40% في الأشهر الأخيرة.

وأكد رئيسي انتهاء المشاكل السابقة في مجال الصادرات، مضيفًا أن أسواق المنطقة جيدة، وهناك استعداد لشراء السلع الإيرانية في مختلف دول العالم، حسب قوله.

وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده صرح مؤخرا بأن أجواء التفاؤل في محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني ناجمة عن إرادة كل المفاوضين للتوصل إلى "اتفاق موثوق ومستقر".

المصدر : الجزيرة + وكالات