خلافات عميقة بين واشنطن وموسكو تسبق محادثاتهما في جنيف
بعد محادثات قاسية بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين بشأن حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية، أصرّ الجانبان على أنهما يأملان في فتح طريق لتخفيف التوترات خلال المحادثات الدبلوماسية بينهما المقرر عقدها يومي 9 و10 يناير/كانون الثاني الجاري في جنيف.
وقبل أقل من أسبوعين من المحادثات المقررة بين كبار المسؤولين الأميركيين والروس في جنيف، تبدو الهوة عميقة، وإمكانية إيجاد مخرج للأزمة تواجه الكثير من التعقيدات.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي 50 دقيقة.. بايدن وبوتين يتبادلان عبارات ومطالب حاسمة حول التصعيد العسكري بأوكرانيا
اتصال مرتقب بين بوتين وبايدن يمهد للمفاوضات الأمنية بشأن أزمة أوكرانيا
روسيا تريد ضمانات أميركية مؤكدة خلال محادثات جنيف والغرب ينسق لردعها عن مهاجمة أوكرانيا
وقال بايدن للصحفيين -أمس الجمعة- إنه نصح بوتين عندما تحدثا عبر الهاتف في اليوم السابق، بأن المحادثات القادمة "يمكن أن تنجح فقط إذا خفض الرئيس الروسي الموقف، وتجنب تصعيده في الأيام المقبلة"، مضيفا أنه سعى أيضا إلى أن يوضح لبوتين أن الولايات المتحدة وحلفاءها على استعداد لضرب روسيا بعقوبات إذا غزا الروس أوكرانيا.
وقال بايدن: "لقد أوضحت للرئيس بوتين أنه إذا قام بأي تحركات أخرى في أوكرانيا فسيواجه عقوبات صارمة، وسنزيد وجودنا في أوروبا مع حلفاء الناتو".
في غضون ذلك، لفت فريق الأمن القومي لبايدن انتباهه -أمس الجمعة- إلى التحضير لمحادثات جنيف، المقرر عقدها يومي 9 و10 من الشهر الجاري، لمناقشة حشد القوات الروسية نحو 100 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا.
ومن المقرر أن تعقب محادثات جنيف -التي سيقودها من الجانب الأميركي كبار مسؤولي وزارة الخارجية- محادثات بين روسيا والناتو، واجتماع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وبحسب ما أعلن البيت الأبيض، فمن المقرر أيضا أن يجري بايدن محادثات هاتفية غدا الأحد مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ لمراجعة الاستعدادات للارتباطات الدبلوماسية المقبلة.
من جهته، أطلع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نظيريه الكندية ميلاني جولي، والإيطالي لويجي دي مايو، والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ -أمس الجمعة- على دعوة بايدن بوتين، وناقشوا الاستعدادات للقمة المقبلة.
وقال دانييل فرايد سفير الولايات المتحدة السابق في بولندا -والذي كان كبير مستشاري أوروبا الشرقية للرؤساء باراك أوباما، وجورج دبليو بوش، وبيل كلينتون- إن الأسبوعين المقبلين سيكونان صعبين.
واعتبر فرايد أن إدارة بايدن "قامت بعمل موثوق به إلى حد كبير في وضع الخطوط العريضة للمفاوضات وتأطيرها. لكن الاختبار الأصعب لم يأت بعد، لأن بوتين سيستمر في الانخراط بالتهديدات وسياسة حافة الهاوية ليرى مدى تصميمنا".
وبينما كرر بايدن استعداده لفرض عقوبات "يتردد صداها في جميع أنحاء روسيا"، ضاعف مسؤولو الكرملين تحذيراتهم للرئيس الأميركي من ارتكاب "خطأ فادح" يمكن أن تكون له تداعيات هائلة على علاقة مشحونة بالفعل بين الولايات المتحدة وروسيا.
وأكد مساعد كبير لبوتين أمس أن روسيا "تلتزم بمطالبها بضمانات أمنية مكتوبة"، وقال إن موسكو" تريد أن تقنن أي توسع مستقبلي لحلف شمال الأطلسي، وأنه يجب أن يستبعد أوكرانيا ودول الكتلة السوفياتية السابقة الأخرى التي تطالب أيضا بإزالة الأسلحة الهجومية من الدول المجاورة لروسيا".
أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فقال لوكالة أنباء "ريا نوفوستي" الروسية الحكومية أمس: "لن نسمح بأن تغرق مبادراتنا في مناقشات لا نهاية لها، فإذا لم تأت إجابة بناءة في وقت معقول واستمر الغرب في مساره العدواني، فسيتعين على روسيا اتخاذ جميع التدابير اللازمة للحفاظ على توازن إستراتيجي وإزالة التهديدات غير المقبولة لأمننا".
وترى إدارة بايدن وحلفاء الناتو أن المطالب الروسية ليست بداية، كما دفع الخطاب -الذي يبدو غير واقعي- البعض في واشنطن إلى أن يتساءل عن مدى فعالية المحادثات المقبلة.
وفي أعقاب المحادثات الهاتفية بين بايدن وبوتين، أصدرت مجموعة من 24 مسؤولا أميركيا سابقا في مجال الأمن القومي وخبراء في الشأن الروسي -وهي مجموعة تضم العديد من المسؤولين الذين خدموا في إدارات أوباما وجورج دبليو بوش وكلينتون- بيانا يدعو بايدن إلى "القيام على الفور، وعلنا، بتحديد العقوبات التي قد تواجهها روسيا إذا ما مضى بوتين إلى الأمام في العمل العسكري".
وجاء في بيان المجموعة: "نعتقد أنه ينبغي على الولايات المتحدة، بالتشاور الوثيق مع حلفائها في الناتو ومع أوكرانيا، أن تتخذ خطوات فورية للتأثير على حسابات الكرملين للتكلفة والعائد، قبل أن تختار القيادة الروسية مزيدا من التصعيد العسكري".
وأكد بيان المجموعة أن مثل هذا الرد يجب أن يشمل "حزمة من العقوبات الكبيرة والمؤلمة التي سيتم تطبيقها على الفور إذا هاجمت روسيا أوكرانيا، ويجب إبلاغ موسكو بالخطوط العريضة لهذه العقوبات الآن، حتى يكون لدى الكرملين فهم واضح لحجم الضرر الاقتصادي الذي سيواجهه".
على الجانب الآخر، يواصل الروس إثبات أنهم يواجهون تهديدا وجوديا مع أوكرانيا، وأشار لافروف -في تصريحاته أمس- إلى زيادة إمدادات الأسلحة لأوكرانيا، وتزايد عددها ونطاقها.