الحوثيون يستقبلون المبعوث الأممي الجديد بسلسلة هجمات عنيفة على السعودية

طائرات حوثية مسيرة على السعودية
الهجمات الحوثية بالطائرات المسيرة على السعودبية باتت حدثا يوميا تزامنا مع بدء مهمة المبعوث الدولي الجديد لليمن (الجزيرة)

الجزيرة نت – في وقت كان المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع يعلن استهداف منشآت حيوية سعودية، كان الدبلوماسي السويدي هانس غروندبرغ يقول، في أول يوم لتسلم مهامه كمبعوث أممي رابع إلى اليمن، إنه سيبذل كل ما بوسعه للمساهمة لتحقيق السلام.

وتعد تلك الهجمات الأعنف التي يشنها الحوثيون على السعودية منذ مايو/أيار الماضي، وقد تعهّد غروندبرغ بأنه سيعمل بلا هوادة سعيا لوقف إطلاق النار، وقال في خطاب مسجل وجهه لليمنيين إنه سيذكّر جميع المعنيين بـ "مسؤوليتهم المشتركة نحو مستقبل اليمن".

لكن تقاطعات الحرب وتعقيداتها وما أفرزته على مدى 6 سنوات قد تكون عبئا ثقيلا، ليظهر غروندبرغ مدركا لحجمها، قائلا إنه يقبل المسؤولية بوعي كامل لحجم المهمة وتعقيدات الوضع والتحديات، كما يتطلع إلى تفاعلات تتسم بالصراحة وتسودها الجدية مع النظراء اليمنيين والإقليميين والدوليين.

رد على السعودية

وتزامن بدء مهمة المبعوث الأممي الجديد -الذي سبق وأن شغل منصب سفير الاتحاد الأوروبي باليمن- مع تصعيد عسكري من قِبل الحوثيين، إذ شنوا أعنف هجماتهم نحو مدينة مأرب، في حين صارت طائراتهم المسيّرة باتجاه السعودية حدثًا يوميًّا.

وأمس، قالت وزارة الدفاع السعودية إن دفاعاتها الجوية اعترضت صاروخا باليستيا، وإن عملية الاعتراض تسببت في تناثر الشظايا على حي بمدينة الدمام، مما أسفر عن إصابة طفل وطفلة وتضرر 14 منزلًا سكنيًّا بأضرار خفيفة.

لكن عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) علي القحوم اعتبر أن ما يجري معركة مع السعودية ليس لها علاقة ببدء المبعوث الجديد مهامه، وأن الأمر يتعلق بما وصفه "العدوان السعودي المستمر على بلادنا منذ 6 أعوام" وإغلاق التحالف المطارات والموانئ اليمنية.

وأوضح القحوم -في حديث للجزيرة نت- أن التحالف كثف من غاراته الجوية مؤخرا، الأمر الذي استدعى ردا من الحوثيين على الأراضي السعودية، قائلا "هذا حقنا الطبيعي لصد أي عدوان".

وكثفت المقاتلات الحربية من ضرباتها الجوية على مواقع الحوثيين بمأرب، وقال قائد المنطقة العسكرية الثالثة بالقوات الحكومية اللواء الركن منصور ثوابه للجزيرة نت إن الغارات التي تشنها مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي كانت حاسمة في منع تقدم الحوثيين نحو مدينة مأرب التي تحوي آبار النفط والغاز وآخر معقل للحكومة شمالي البلاد.

وردا على ذلك، توعد المتحدث باسم جماعة الحوثيين محمد عبد السلام -في تغريدة له على تويتر- السعودية بهجمات وصفها بالأوسع والأكبر.

فصل الملفات

لكن الحكومة اليمنية ترفض التعليق على الوضع، واكتفى رئيس الوزراء معين عبد الملك بالقول خلال لقائه السفير الفرنسي إن التصعيد العسكري المستمر من جانب الحوثيين مؤشر إضافي على مضيها في حربها، وعدم انصياعها لخيار السلام، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية سبأ.

أما القحوم فشدد على أن الحرب تدور بين اليمنيين والسعودية، وأن على المبعوث الأممي أن يهتم بالشأن الإنساني، وأن "ينظر إلى ما يريده اليمنيون لا ما تريده الرباعية الدولية".

وتأسست اللجنة الرباعية الدولية حول اليمن في يونيو/حزيران 2016، من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، ووفق القحوم فإن هذه الدول لها أطماع في اليمن.

وأشار عضو المكتب السياسي للحوثيين إلى أن جماعته منفتحة على الحوار وليست لديها أي خلاف مع حزب الإصلاح أو المجلس الانتقالي أو أي طرف سياسي.

ويقول إنه في حال لم يركز المبعوث الأممي الجديد على القضايا الإنسانية أولًا مثل فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة فإن مصيره الفشل، في إشارة إلى أن الجماعة تتمسك بفصل الملف الإنساني عن العسكري.

وكان المبعوث الأممي السابق مارتن غريفيث قد أوشك على ملامسة النجاح في مهامه بتحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار في مأرب بالتزامن مع فتح مطار صنعاء وميناء عدن ووقف الغارات السعودية، لكن الحوثيين رفضوا ذلك واشترطوا أن يكون وقف النار مرحلة لاحقة.

وحول التفاهمات بين الرياض وطهران المتهمتين بخوض حرب بالوكالة في اليمن، قال القحوم إن ما بين السعودية وإيران يبقى شأنا خاصا، وإن هدف الجماعة واضح، وهو إنهاء المشروع السعودي الذي يستهدف اليمن كاملًا، على حد قوله.

سقوط كابل

لكن عبد الغني الإرياني كبير الباحثين بمركز صنعاء للدراسات (يمني غير حكومي) اعتبر أن التصعيد الحوثي مرتبط بأجواء سيطرة حركة طالبان على مدينة كابل، ويقول للجزيرة نت إن ذلك هو السبب الأكثر احتمالًا لتصعيد الحوثيين باليمن والسعودية.

ويضيف "هذا الأمر فتح شهية الحوثيين للسيطرة على الأرض، كما أنه رفع توقعات قواعدهم وأنصارهم وأصبح ضروريا عليهم أن يصعّدوا ويعلنوا أنهم سيستعيدون السيطرة على كل أراضي اليمن".

وبحسب الإرياني فإن الحوثيين سيتجهون إلى حسم المعركة على الأرض ولن ينتظروا جديد المبعوث الأممي والأمم المتحدة، فلذا فتصعيدهم ليس مرتبطا ببدء غروندبرغ مهامه.

ويرى أن نجاح مهمة المبعوث الأممي الجديد ترتبط بقدرته على توجيه الجهود الدولية نحو إزالة العوائق التي تقف في طريق السلام، أبرزها قرار مجلس الأمن غير المتوازن رقم 2216، والتعامل مع اقتصاد الحرب الذي يجعل استمرار الحرب أكثر ربحًا لأطراف النزاع من أي اتفاق سلام.

المصدر : الجزيرة