مقال في ليبراسيون: من أين حصلت طالبان على أسلحتها؟

خاضت حركة طالبان، ولمدة 20 عامًا، حربًا غير متكافئة ضد الدولة الأفغانية والتحالف الغربي، وهذا بفضل الأسلحة التي تغَير مصدرها وطبيعتها على مدار هذا الصراع.
دخلت طالبان كابل بالسلاح في 15 أغسطس/آب الماضي منتصرة على الحكومة وحلفائها الغربيين بقيادة الولايات المتحدة، وأصبحت بذلك تسيطر على جميع أنحاء البلاد تقريبًا.
ويرى الكاتب بصحيفة ليبراسيون Libération ألكسندر هون أن من حق المتابع للصور ومقاطع الفيديو لجنود هذه الحركة الإسلامية في شوارع كابل، وهم يستعرضون بنادقهم الهجومية المتطورة وقاذفات الصواريخ على أكتافهم أو يقودون عربات همفي التي اشتهرت بها القوات الأميركية، أن يتساءل من أين لطالبان هذا العتاد؟
وفي سعيه للإجابة عن هذا السؤال، لفت الكاتب إلى أن أفغانستان دخلت في صراعات عسكرية منذ ما يقرب من 50 عامًا، وتحولت إلى مركز لتهريب الأسلحة، لذا فإن العثور على الأسلحة ليس بالأمر الصعب.
ونقل بهذا الصدد عن غابرييل رومانش المحلل الجيوسياسي المتخصص بالمنطقة الأفغانية الباكستانية وقضايا الإرهاب قوله "إن الأسلحة المأخوذة من العدو أثناء المقاومة ضد الاتحاد السوفياتي (1979-1989) انتقلت إلى أيدي طالبان من خلال تحالفهم مع المجاهدين الذين كانوا يقاتلون السوفيات، وكذلك من خلال الاستيلاء عليها خلال الحرب الأهلية الأفغانية ما بين 1989 و1992".
كما أن طالبان، حسب رومانش، حصلت على جزء من الأسلحة التي قدمها الباكستانيون للمجاهدين في الثمانينيات، بتمويل أميركي وسعودي، وذلك عندما سيطرت الحركة على البلاد عام 1994.
ولخص هذا المحلل مصادر الحركة من الأسلحة بقوله إنهم حصلوا عليها إما بالتهريب أو الغنائم الحربية أو المساعدات المباشرة لأجهزة استخبارات أجنبية، كما أن طالبان لم تفتقر إلى الموارد المادية من مختلف المصادر وذلك منذ نشأتها الأولى.
وينقل الكاتب عن مات شرودر الباحث بمعهد سمول آرمز سرفاي Small Arms Survey المتخصص بالأسلحة الخفيفة والعنف المسلح قوله إن مصادر معدات طالبان متنوعة للغاية ومن الصعب جدًا تحديدها بدقة، مشيرا إلى أن بعضها إقليمي، فهناك معدات إيرانية، على سبيل المثال "لكن بشكل عام، لا يمكنك الإشارة إلى بلد أو مصدر معين ".
ومن المصادر التي ذكرها الكاتب المناطق القبلية الباكستانية، وهي منطقة حدودية اشتهرت بصناعة الأسلحة لعدة عقود، وتعد أيضًا جزءا من مصادر بعض أسلحة طالبان دون أن يعتبرها الخبراء مصدرا حاسما.
ويشير المحلل رومانش أيضا إلى أن الفساد المستشري بين الجنود الأفغان والهجمات على القوافل العسكرية وهزائم القوات الحكومية على الأرض مكنت طالبان نهاية المطاف من الحصول على أسلحة بمليارات الدولارات عُهد بها إلى الجيش الحكومي، الأمر الذي مكن هذه الحركة من تحديث معداتها.
أما الآن، وبعد أن انتصرت هذه الحركة في الحرب، وركز الغربيون جهودهم على إجلاء موظفي سفاراتهم وجزء من المدنيين الأفغان الذين ساعدوهم، ها هي طالبان، حسب الكاتب، تستولي على مخزون من مئات الآلاف من الأسلحة النارية التي كانت مملوكة للجيش الحكومي.
وهذا الكنز، وفقا للكاتب، لم يقوِ طالبان فحسب، بل جعلها أمام كمية كبيرة من الأسلحة تزيد على احتياجاتها، مما يعني أن قادتها ربما يلجؤون لبيع جزء منها، وهو ما يبدو أنه قد حدث بالفعل إذ لوحظ بالدول المجاورة انخفاض كبير في أسعار السلاح، لا سيما إيران وباكستان.
وحذر رومانش من أن ما يحدث الآن في أفغانستان، من انتشار للأسلحة، له تأثير مزعزع للاستقرار شبيه بما تسبب فيه تفكك ترسانة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وبالتالي انتشار أسلحتها في منطقة الساحل بأكملها.
واختتم الكاتب بقول رومانش إن بعض هذه الأسلحة ربما ينتهي بها الأمر بشكل مباشر أو غير مباشر أن تقع في أيدي مجموعات مرتبطة بشكل أو بآخر بتنظيم القاعدة أو الحركة الإسلامية في أوزبكستان أو الحزب الإسلامي لتركستان الشرقية، والجماعات الباكستانية في مناطق البشتون في باكستان أو كشمير.